أزمات “إسرائيل” تتفاقم.. فهل تدفع ثمن جرائمها؟

الثورة أون لاين – عبد الحليم سعود:

لم يستطع فائض القوة العسكرية الغاشمة التي يمتلكها، ولا الدعم الأميركي الغربي غير المحدودين أن يطمئنا الكيان الصهيوني العنصري الغاصب إلى مستقبله في المنطقة، أو أن يبددا هواجسه المتراكمة، إذ تكشف أزماته الداخلية المتزايدة وسلوكياته العدوانية المستمرة في المنطقة عن وجود أزمة وجودية لدى هذا الكيان تقربه شيئاً فشيئاً من حرب أهلية حسب ما يرى بعض المحللين الاستراتيجيين الصهاينة، حيث يقول الأكاديمي الصهيوني أفنير زاكيد في صحيفة معاريف: “إن “إسرائيل” تمر بأزمة تاريخية لا مجال لحلها سوى بتغيير النظام الانتخابي”، مضيفاً أن مصدر الأزمة هو عدم التوافق بين المكونات الإسرائيلية، ما يستدعي إجراء تغييرات هيكليه في المؤسسات، مشيراً إلى ظاهرتين غريبتين برزتا في آخر أربع انتخابات، الأولى، هي أن النظام الانتخابي الحالي لم يعد يعمل، والثانية ظاهرة حرب إبادة سياسية بين الكتل السياسية.
وبغض النظر عن تحميل البعض لبنيامين نتنياهو الذي تزعم حكومات الاحتلال الإسرائيلية المتعاقبة منذ سقوط حكومة ايهود أولمرت بسبب عدوان تموز 2006 وتقرير فينوغراد الشهير، مسؤولية تظهير هذه الأزمة، حيث فشل في أربع انتخابات للكنيست في الحصول على أغلبية تمكنه من تشكيل حكومة مستقرة – تلاحقه تهم فساد وخيانة أمانة وعليه ملاحقات قضائية بشأنها – إلا أن القضية تبدو أكبر وأعمق من ذلك، فالنظام السياسي الإسرائيلي الذي يدعي الديمقراطية على النمط الغربي، لم يعد قادراً على إنتاج الحلول في الداخل، حيث يتم التركيز على السياسات القبلية والشخصية، وما يسمى معسكري اليسار واليمين يواجهان أزمة تاريخية عميقة، إذ لم يعودا قادرين على الحكم إلا بالتحالف مع أحزاب دينية متطرفة لها أجندات عقائدية أكثر منها أجندات سياسية.
يقول زاكيد “إن الأزمة القائمة ناجمة عن التمسك بمفهوم خاطئ “للديمقراطية”، الأمر الذي يستدعي إحداث نقلة نوعية، بحيث يتخلى الإسرائيليون عن التخندق في عالم المفاهيم القديمة” مطالباً بإصلاح النظام السياسي الذي وصفه بالسيئ.
هذا على الصعيد الداخلي الذي يبدو مثقلاً بتراكمات السياسات الانتهازية للأحزاب الرئيسية التي تعاقبت على الحكم وكذلك الخرافات والأساطير التي قام عليها هذا الكيان، أما على الصعيد الخارجي فتكشفت سلوكياته العدوانية في المنطقة قلقاً متزايداً من المستقبل، رغم اتفاقيات التطبيع التي أقامها مؤخراً مع بعض الدول العربية، فالكيان الصهيوني وكذلك حكامه يدركون جيداً أن كل هذه الاتفاقيات لا تساوي الحبر الذي كتبت به، لأنها بالأصل لم تمس جوهر القضايا المختلف عليها، وهي قضايا الأرض والاحتلال والاستيطان واللاجئين، والعديد من القضايا المتفرعة عنها، فما زال الفلسطينيون يطالبون بدولة مستقلة عاصمتها القدس المحتلة وبحق عودة اللاجئين إلى أرضهم، فيما سورية متمسكة باسترجاع كامل أرضها المحتلة في الجولان العربي السوري، في حين تتمسك المقاومة الوطنية اللبنانية بحقها باسترجاع “مزارع شبعا وتلال كفرشوبا” التي ما زالت تحت الاحتلال الإسرائيلي، في حين يطالب الكيان “بالسلام” دون أي مقابل وهو يدرك جيداً أنه لن يتحقق أبداً في ظل سياسة الاحتلال والعدوان.
وقد كشفت الأيام الأخيرة من الانتفاضة الفلسطينية الجديدة في القدس المحتلة بسبب ممارسات سلطات الاحتلال في حي الشيخ جراح وحصارها للمسجد الأقصى وتصاعد أعمال المقاومة الفلسطينية، أن الكيان الصهيوني قد عاد لنقطة البدء حيث لم تنفعه كل مخططاته التهويدية والاستيطانية في الأرض المحتلة، ولم تسعفه الفوضى التي ساهم بنشرها في المنطقة، ولم تنقذه من قلقه وكوابيسه الاعتداءات أو الاغتيالات ولا الجرائم التي قام بارتكابها خلال ما يسمى “الربيع العربي” ضد سورية وإيران وبقية مكونات محور المقاومة، فجذوة النضال والكفاح عند الفلسطينيين ما زالت أكثر توهجاً، فيما محور المقاومة الممتد من إيران إلى لبنان مروراً بسورية والعراق وصولاً إلى اليمن أكثر عزماً على متابعة نهجه الذي أثبت جدواه في مواجهة كل المشاريع الأجنبية.
في حين فشلت كل محاولات الكيان الصهيوني في عرقلة عملية العودة للاتفاق النووي بين إيران والدول الغربية، يقول وزير استخبارات كيان العدو ايلي كوهين، إن كيانه لن يسمح لإيران بامتلاك أسلحة نووية، وهي غير محصنة في أي مكان ويمكن للطائرات الإسرائيلية الوصول إلى أي مكان في الشرق الأوسط، وحتى إلى إيران، واصفاً عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي مع إيران بأنها صفقة سيئة ستدفع المنطقة إلى الحرب.
في حين شكك بعض المحللين الإسرائيليين بجدوى كل ما ارتكبه كيانهم بحق إيران لعرقلة تقدمها نووياً، يقول المحلل يانيف كوبوفيتش، إن مسؤولين كبار في المؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، أبدوا شكوكهم إزاء فعالية بعض العمليات التي تقوم بها “إسرائيل” ضد إيران، ودعوا إلى تقييم الوضع لجهة ما إذا كانت سياسة استخدامالقوة ضد طهران باتت بحاجة للمراجعة في ظل المتغيرات الاستراتيجية في الشرق الأوسط، كما أعرب المسؤولون عن اعتقادهم بأن الأضرار المحتملة لأعمال معينة تفوق فوائدها، وأنه يجب إيجاد طرق أخرى لوقف ما سموه “الهيمنة” الإيرانية على المنطقة، على حد زعمهم.
كل هذه المعطيات تدفع للقول إن الشعور بالفشل والعجز داخلياً وخارجيا بات هو الشعور السائد في الكيان الصهيوني وقد تتعمق أزمات الكيان أكثر في حال استمرت الانتفاضة الفلسطينية الحالية واتخذت شكلاً جديداً أكثر إيلاماً للعدو، أو إذا أقدمت حكومة الاحتلال على حماقات جديدة في المنطقة، فالكثير من التحليلات السياسية ذهبت في الآونة الأخيرة إلى احتمال أن تدفع “إسرائيل” ثمن تهورها وجرائمها مع بدء الولايات المتحدة بالخروج التدريجي من المنطقة حيث تنتظر الأخيرة مواجهات قاسية مع كل من الصين وروسيا ولن يكون بمقدورها تأمين ما يكفي من الحماية والرعاية للعربدة الإسرائيلية التي فاقت القدرة على احتمالها.

آخر الأخبار
ماذا لو عاد معتذراً ..؟  هيكلة نظامه المالي  مدير البريد ل " الثورة ": آلية مالية لضبط الصناديق    خط ساخن للحالات الصحية أثناء الامتحانات  حريق يلتهم معمل إسفنج بحوش بلاس وجهود الإطفاء مستمرة "الأوروبي" يرحب بتشكيل هيئتَي العدالة الانتقالية والمفقودين في سوريا  إعادة هيكلة لا توقف.. كابلات دمشق تواصل استعداداتها زيوت حماة تستأنف عمليات تشغيل الأقسام الإنتاجية للمرة الأولى.. سوريا في "منتدى التربية العالمية EWF 2025" بدائل للتدفئة باستخدام المخلفات النباتية  45 يوماً وريف القرداحة من دون مياه شرب  المنطقة الصناعية بالقنيطرة  بلا مدير منذ شهور   مركز خدمة الموارد البشرية بالخدمة  تصدير 12 باخرة غنم وماعز ولا تأثير محلياً    9 آلاف طن قمح طرطوس المتوقع   مخالفات نقص وزن في أفران ريف طرطوس  المجتمع الأهلي في إزرع يؤهل غرفة تبريد اللقاح إحصاء المنازل المتضررة في درعا مسير توعوي في اليوم العالمي لضغط الدم هل يعود الخط الحديدي "حلب – غازي عنتاب" ؟  النساء المعيلات: بين عبء الضرورة وصمت المجتمع