الثورة أون لاين – ترجمة غادة سلامة:
أصدر البرلمان الأيرلندي الأسبوع الماضي قرارًا بدعم من جميع الأحزاب الرئيسية، يدين “الضم الفعلي” للأراضي الفلسطينية من قبل “إسرائيل”، وهذا يجعل إيرلندا أول عضو في الاتحاد الأوروبي يتخذ مثل هذا الموقف الصريح بشأن الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة من قبل “إسرائيل”.
وإيرلندا اليوم تتقدم على الأوروبيين في هذا الصدد ليس لأن الأيرلنديين بطبيعتهم أكثر تفكيرًا بشأن مثل هذه الأشياء من الآخرين، ولكن لتعاطفهم مع مأساة الشعب الفلسطيني وحقوقه المسلوبة.
وهذه الخطوة تعكس الاتجاه التقدمي الأوسع في السياسة والمجتمع الإيرلنديين الذي مكّن إيرلندا من التخلص من المواقف التقليدية المرتبطة بالمملكة المتحدة.
وكان الموقف الإيرلندي من “إسرائيل” وفلسطين ممكنًا سياسيًا ولو جزئيًا لأن الإيرلنديين يرون أوجه تشابه بين تاريخهم ومحنة الفلسطينيين، حيث تمتد أوجه التشابه من الغزو الجزئي للنورمانديين لإيرلندا في القرن الثاني عشر من قبل تيودور، إلى إلغاء البرلمان الإيرلندي ودمج إيرلندا في المملكة المتحدة في عام 1801، ويرى الإيرلنديون هذا التاريخ على أنه قصة على غرار الفلسطينيين، إن المواقف التي اتخذتها الدول الأوروبية الأخرى تجاه “إسرائيل” واحتلالها للأراضي الفلسطينية ملوَّنة بتاريخها الاستعماري مثل بريطانيا وفرنسا.
هذا وتبنى البرلمان الإيرلندي قراراً غير مسبوق بالنسبة لدولة عضو في الاتحاد الأوروبي، وأدان السياسات التي تنتهجها “إسرائيل” بحق الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وأعربت الأحزاب الموالية للحكومة والمعارضة الايرلندية، على حد سواء، خلال تصويت جرى في الغرفة الأدنى من البرلمان الإيرلندي، عن دعمها للتشريع الجديد الذي ينص على “إدانة ضم إسرائيل الفعلي لأراض فلسطينية”. وأصبحت إيرلندا أول دولة في الاتحاد الأوروبي تستخدم رسمياً هذه العبارة بحق “إسرائيل”.
ووصف وزير الخارجية الإيرلندي، سيمون كوفيني، في كلمة ألقاها أمام البرلمانيين نتائج التصويت بأنها “مؤشر واضح على عمق الشعور في جميع أنحاء إيرلندا”، مؤكداً أن حكومة بلاده دعمت هذا الحراك الجديد بسبب عدم المساواة في معاملة الشعب الفلسطيني من قبل العالم.
وتابع: “إن النطاق والسرعة والطابع الاستراتيجي للإجراءات الإسرائيلية الخاصة بتوسيع رقعة الاستيطان والنوايا الواقفة وراء ذلك وضعنا في موقف نحتاج فيه إلى الحديث بصراحة عما يجري في الواقع على الأرض إنه ضم فعلي”.
وشدد الوزير على جديته والبرلمان بهذا الخصوص، قائلاً: “نحن أول دولة في الاتحاد الأوروبي تفعل ذلك، ويعكس ذلك بالغ قلقنا إزاء هدف تلك الإجراءات”.
فلطالما كانت المسألة الإيرلندية إحدى القضايا السياسية البريطانية الكبرى التي برزت عدة مرات على مر القرون، خاصة أن بريطانيا حاولت فرض سيطرتها على ايرلندا وإدارتها، وأدت تلك المحاولات في بعض الأحيان إلى عواقب كبيرة واجهت السياسة البريطانية، تحديدًا في القرنين التاسع عشر والعشرين.
وعلى الرغم من استقلال إيرلندا الاسمي (مملكة إيرلندا) حتى نهاية القرن الثامن عشر، لكن إيرلندا أصبحت عام 1801 جزءًا من المملكة المتحدة، وأصبحت ذات كثافة سكانية كبيرة في ظروف شديدة البؤس، تعيش على جزيرة تهيمن عليها بريطانيا وتنهب خيراتها.
وقد أدت المجاعة الكبرى بين عامي 1845 و1851 إلى وفاة أكثر من مليون رجل وامرأة وطفل إيرلندي، وأجبرت نحو مليون شخص آخر على الهجرة، نحو الولايات المتحدة بشكل خاص، حيث تعاملت الحكومة البريطانية مع المجاعة بطريقة سيئة جدًا، فخلّفت أثرًا عميقًا تمثّل بالضغينة وعدم الثقة، ومنذ عام 2017 وما بعد، تعرّضت السياسة البريطانية إلى أزمة جديدة جراء علاقة بريطانيا بإيرلندا، خصوصًا فيما يتعلق بانسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي (بريكسيت).
لم يستطع البرلمان حلّ الأزمة ثلاثية الحدود والتي تمثلّت بثلاثة أهداف مختلفة: الحدود المفتوحة ضمن الجزيرة، وإلغاء الحدود في القناة الشمالية (الفاصلة بين بريطانيا وايرلندا)، وعدم مشاركة بريطانيا في السوق الأوروبية الموحدة والاتحاد الجمركي للاتحاد الأوروبي.
المصدر: ذي ناشونال انتريست