الثورة – ناصر منذر:
يعود السجال مجددا على الساحة اللبنانية، بشأن موضوع نزع سلاح حزب الله، وحصره في يد الدولة، وسط ضغوطات أميركية ودولية، تربط المساعدات إلى لبنان بشرط نزع هذا السلاح، وفيما يرفض حزب الله المدعوم من إيران، تسليم هذا السلاح، متذرعا أنه لمواجهة “إسرائيل”، تبقى الاحتمالات مفتوحة على توترات جديدة محتملة، قد تضع لبنان على فوهة بركان سياسي، ربما يتحول إلى تصعيد يهدد بزعزعة أمنه واستقراره.
الرئيس اللبناني جوزاف عون، أكد في هذا السياق، أن “القوات المسلحة اللبنانية هي الوحيدة المسؤولة عن سيادة لبنان واستقلاله”، مشدداً على أهمية حصرية السلاح بيد الدولة بانتظار “الظروف لتحديد كيفية التنفيذ”. وفق ما ذكرته الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام.
وأضاف عون في تصريح عقب زيارة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي في بكركي بمناسبة عيد الفصح اليوم:” إن أي موضوع خلافي، سلاح أو غير سلاح لا يقارب عبر الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، بل عبر التواصل مع المعنيين بطريقة هادئة ومسؤولة.. وعندما تحدثت في خطاب القسم عن حصرية السلاح، لم اقل ذلك لمجرد القول، بل لأنني على قناعة بأن اللبنانيين لا يريدون الحرب، ولم يعد بإمكانهم أن يتحملوا الحرب والتحدث بلغتها، وليصبح هذا الأمر واقعاً، فعلى القوات المسلحة اللبنانية أن تصبح المسؤولة الوحيدة عن حمل السلاح وعن الدفاع عن سيادة واستقلال لبنان”.
وأكد الرئيس اللبناني بالقول: “علينا معالجة أي موضوع خلافي داخلي بروّية ومسؤولية وبالتواصل مع المعنيين بعيداً عن لغة الاستفزاز، على أن نضع المصلحة الوطنية العليا أولا”. وقال: “إن أي موضوع خلافي في الداخل اللبناني لا يُقارب إلا بالتحاور وبالمنطق التصالحي وليس التصادمي وإلا سنأخذ لبنان إلى الخراب.. قطار قيامة لبنان انطلق ولا أظن أن أحدا يمتلك ذرّة من المسؤولية الوطنية سيعرقل هذا القطار”.
كلام عون، جاء بعد يومين على كلمة الأمين العام “لحزب الله” نعيم قاسم، أكد خلالها استعداد الحزب لمواجهة من يعتدي عليه ويعمل على نزع سلاحه، وقال: “لن نسمح لأحد أن ينزع سلاح (حزب الله) ..عليكم أن تزيلوا فكرة نزع السلاح من القاموس”.
وهدّد قاسم بـ”مواجهة من يعتدي على الحزب، ومن يعمل من أجل نزع السلاح”، واصفاً هذه المرحلة بأنها “مرحلة مواجهة إسرائيل”. على حد تعبيره.
من جانبه أكد رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام أن “العمل الذي يقوم به الجيش والأجهزة الأمنية الأخرى، هو تأكيد أن الحكومة ماضية في تنفيذ ما ورد في بيانها الوزاري لجهة بسط سيادتها الكاملة على أراضيها بقواها الذاتية، وأن الدولة اللبنانية وحدها هي صاحبة قرار الحرب والسلم، وهي الجهة المخولة امتلاك السلاح”.
ونوه سلام “بالعمل الاحترافي الذي يقوم به الجيش البناني في الجنوب وخصوصاً مديرية المخابرات التي نجحت في تنفيذ عملية استباقية أحبطت فيها التحضير لعملية إطلاق صواريخ من الجنوب، بالإضافة إلى توقيف عدد من الأشخاص المتورطين بهذه العملية”.
ووفق ما ذكرته الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام، نوه سلام أيضا، “بعمل كل الأجهزة الأمنية التي تقوم بواجبها لحفظ الأمن والاستقرار على كل الأراضي اللبنانية”، وأهاب بها “مواصلة كل الجهود لمنع أي عمليات عبثية من خلال التركيز على الأمن الاستباقي لإحباط المخططات المشبوهة التي تسعى إلى توريط لبنان بالمزيد من الحروب”.
السجال الداخلي اللبناني، يأتي على وقع ضغوط دولية بضرورة نزع سلاح “حزب الله”، حيث أكد وزير الخارجية والمغتربين اللبناني يوسف رجي، في وقت سابق، إن لبنان “أُبلغ بوضوح أن لا إعادة إعمار ومساعدات دولية قبل حصرية السلاح شمال الليطاني وجنوبه”، لافتاً إلى أن آخر من أبلغ هذا الموقف للبنان الرسمي هي المبعوثة الأميركية مورجان أورتاجوس، التي زارت بيروت قبل عشرة أيام، والتقت قسماً كبيراً من المسؤولين اللبنانيين.
وأشار رجي، في حديث إلى صحيفة “الشرق الأوسط”، قبل أيام، إلى أن المبعوثة الأميركية تحدثت عن أن لدى لبنان حالياً “نافذة” مفتوحة، بحيث أن “الإدارة الأميركية تريد مساعدته لتحرير أرضه وإعادة الإعمار والنهوض بالاقتصاد، لكنّ هناك في المقابل ما هو مطلوب منّا، سواء لجهة الإصلاحات الاقتصادية، وهذا مطلب دولي وعربي خليجي وحتى لبناني، أو لجهة حصرية السلاح، إذ يريد المجتمع الدولي أن تبسط الدولة اللبنانية سيادتها على كامل الأراضي اللبنانية، وليس فقط جنوب الليطاني، وقد أُبلغنا بذلك بشكل واضح من المبعوثة الأميركية، كما من مسؤولين دوليين آخرين، وهذا أصلاً منصوص عليه في الدستور اللبناني”.
وأضاف: “كما أنَّ لا دولة في العالم يُفترض أن تقبل أن يكون هناك سلاح خارج إطار مؤسساتها، وبالتالي كما هو مطلب دولي فكذلك هو مطلب لبناني، وقد عبَّرنا عن ذلك بوضوح في البيان الوزاري وخطاب القسم”.
