الوحدة الوطنية.. خارطة طريق السوريين نحو العبور الآمن

الثورة – مريم إبراهيم:

في ظروف بالغة الدقة والصعوبة والحساسية على جميع الأوجه يعيشها السوريون، ويواجهون بها أقسى الظروف والتحديات، بعزيمة وإصرار، وهم الذين واجهوا الصعاب، ولطالما كانوا وسيبقون النسيج الوطني المتكامل بجميع أطيافه وشرائحه.
ومع تفاقم الظروف الصعبة اليوم هنا وهناك تتفاقم صعوبة المواجهة، إذ الانفجار غير المسبوق في خطاب الكراهية الطائفي، وخطاب التجييش والفتنة، وهو بحد ذاته مشكلة غاية في الحساسية لا يمكن تجاهلها بالمطلق، طالما الواقع الميداني يعكس الكم الكبير من الآثار السلبية لها.

منابر تحريض

وباتت منصات ووسائل التواصل الاجتماعي وغيرها منابر تحريض تبث شتى أشكال الفتن والتجييش عبر نشر أخبار كاذبة وأقاويل هنا وهناك، تستغل الظروف والتوترات وحالة عدم الاستقرار التي تشهدها بعض المناطق بين حين وآخر، وما يجري فيها من أحداث.
إذ تزايدت حالة بث هذه الخطابات، فالإحصائيات تشير إلى أن آلاف التغريدات التي تبث بشكل يومي وتستهدف الأقليات الدينية بشكل مباشر، وتحدث حالة من التحريض وبث الفوضى والكراهية بين أفراد المجتمع السوري، هذا المجتمع الذي لطالما كانت وحدته الوطنية هي الشعار الأسمى، والأساس القوي المتين في مواجهة الحروب والتحديات.
وفي وقت يتصاعد فيه البحث عن الأخبار والمعلومات وتوصيف الحالات والمشهد العام، تكثر الأخبار المضللة التي تشوه الخبر والحالة وتوصيف الوضع، كما أن عدم وضوح مصداقية مصدر المعلومة هو بحد ذاته سبب من الأسباب التي تزيد من حالات الكراهية والانجرار في الأحاديث الطائفية، وما يحدثه ذلك من سلبيات واختلاف الآراء وأخذ مواقف الكراهية ونبذ الطرف الآخر، وحتى الوقوع في صدامات ومشاحنات وغير ذلك بين كثير من أفراد المجتمع، في مختلف الأماكن، سواء في العمل أم الشارع، وحارات السكن، أم في مختلف المؤسسات التعليمية من مدارس وجامعات وغيرها، ولدرجة تصل أحياناً إلى تبني مواقف ليست في محلها ووقتها المناسب.

مخاطر التحريض

الباحث الدكتور علي إسماعيل بين في لقاء لصحيفة الثورة، أنه للحديث عن مخاطر الخطاب الطائفي والتحريضي، لا بدّ من العودة تاريخياً إلى جذور التنظيم السياسي والاجتماعي في مرحلة ما قبل نشوء الدولة المدنية، إذ كانت العشيرة والطائفة والزعامة التقليدية تمثل الأطر الأساسية للولاء والانتماء، في غياب مفاهيم المواطنة والحقوق المتساوية، وفي المقابل، قامت الدولة المدنية الحديثة على أسس نقيضة، تهدف إلى تجاوز تلك الانتماءات الضيقة، وبناء مجتمع يحكمه القانون وتضمنه المؤسسات.

وسائل التواصل

ويضيف الدكتور إسماعيل: من المفارقات المؤلمة أن تُستخدم وسائل التواصل الاجتماعي، وهي من أبرز أدوات الدولة المدنية الحديثة، في إحياء أنماط ما قبل الدولة، فقد برز من يُعرفون بـ”المؤثرين”، ممن يتبنون خطاباً طائفياً مفعماً بالتحريض والانقسام، ويجد هذا الخطاب رواجاً لدى جمهور مثقل بالتحيزات والهويات الفرعية، ويزداد الخطر حين يتحوّل هذا الخطاب إلى توزيع الاتهامات بالخيانة والعمالة على الخصوم، ما يهدد السلم الأهلي ويزرع بذور الاحتراب.

نتائج كارثية

ويبين الباحث إسماعيل النتائج الكارثية للخطاب الطائفي بتفكك النسيج الاجتماعي، إذ يُسهم الخطاب الطائفي في تمزيق المجتمع، وتحويله إلى مكونات متناحرة، فيغيب الشعور بالوحدة الوطنية، وتُستبدل الثقة بالريبة والخوف وإضعاف الدولة ومؤسساتها حين تُستبدل الوطنية بالولاء الطائفي، تبرز تشكيلات عسكرية خارج القانون، وتتحوّل الانتماءات الدينية والمناطقية إلى محدد لحقوق الأفراد ومكانتهم، وفتح الباب للتدخل الخارجي، إذ تستغل القوى الإقليمية والدولية الانقسامات الطائفية لتوسيع نفوذها، وتحويل البلاد إلى ساحة لصراعات بالوكالة، يُدار فيها الصراع الطائفي لخدمة أجندات غير وطنية.
وهذا الواقع يعوق أي إمكانية حقيقية لبناء دولة حديثة، ويعيدنا إلى دوامة الانقسامات الأولية التي تمزق المجتمع وتُفقده تماسكه.. فالحل هو في خطاب وطني وهوية وطنية جامعة، ولا يمكن بناء الدولة إلا على أساس الهوية الوطنية السورية الجامعة، التي تتجاوز الانتماءات الضيقة وتستند إلى مبادئ العدالة والمساواة.

ليست مجرد شعار

أخيراً.. وبشكل عام وفي ظل الوضع الحالي كثيرة هي المنشورات والأخبار والتغريدات التي تسعى إلى زعزعة الاستقرار الاجتماعي عبر بث الانقسام الطائفي في المجتمع السوري، وفي ظل قساوة الظروف التي يعيشها أبناء المجتمع، وهم الخارجون من سنوات حرب أنهكت القوى والنفوس.
وبالتالي كم هي الحاجة كبيرة اليوم لمزيد من الوعي المجتمعي والأخذ فقط بمصادر الأخبار الإعلامية الموثوقة التي تبتعد كل البعد عن أي خطاب طائفي وتحريض مجتمعي بين أبناء البلد الواحد، وتبرز اليوم أهمية الحفاظ على السلم الأهلي والمجتمعي، ونبذ كل الأحقاد أو تبني مواقف مسبقة بين الأفراد، والدعوة للتعاون والتكاتف للبناء، وللعيش المشترك بين الجميع

من دون استثناء وبتناغم يشكل لوحة وطنية سورية بامتياز بين جميع أطياف المجتمع السوري الواحد، وهو ما يجعل من سوريا نقطة تلاقي ثقافات وحضارات كانت متجذرة على مر العصور، فالوحدة الوطنية ليست مجرد شعار عابر، بل هي ضرورة حتمية لابد منها لبناء سوريا الجديدة.

آخر الأخبار
إلغاء ترخيص شركة "طلال أبو غزالة وشركاه" في سوريا إثر تصريحات مسيئة محافظ حلب: تعزيز القيم الأخلاقية وتطوير الأداء المؤسسي تعاون بين التعليم العالي وسفير فلسطين لتطوير معهد "فلسطين التقاني" وزير الدفاع يعزي أسر شهداء الجيش العربي السوري ويواسي المصابين اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق بأحداث الساحل تعقد غداً مؤتمراً صحفياً حول نتائج عملها وزير الإعلام: الحكومة تعمل بجهود حثيثة لنزع فتيل التوتر في السويداء الشائعات.. وجه الحروب الآخر وزير المالية يؤكد استمرار صرف رواتب العاملين في السويداء من دون انقطاع وزير التعليم العالي: دعم البحث العلمي أساس البناء والنهضة ليث البلعوس ينفي تهم التأزيم: لسنا طرفاً في مؤامرة ورفضنا تحويل السويداء إلى ورقة ضغط "الفرش البارامتري".. في معرض لطلاب الهندسة المعمارية بحمص بحث توسعة المدينة الصناعية بحسياء على 20 عقاراً أهالٍ من طرطوس: سوريا الجديدة واحدة موحدة من دون تقسيم " الثورة " في جرمانا ... إصرار على ألا تنكسر الحياة الوحدة الوطنية.. خارطة طريق السوريين نحو العبور الآمن الاستثمار في الأوراق المالية.. فرص ومزايا لتوظيف مالي طويل الأجل السويداء بلا خدمات باراك: دمشق نفذت تعهداتها ولم تخطئ في أحداث السويداء "حرب الكلمة".. بين تزوير المعنى وتزييف الحقيقة أسعار جنونية للشقق السكنية رغم الركود الحاد!