أسعار جنونية للشقق السكنية رغم الركود الحاد!

الثورة – عبد الحميد غانم:
يشهد سوق العقارات السكنية في سوريا جموداً غير مسبوق في حركة البيع والشراء، ورغم ذلك لاتزال أسعار العقارات والمنازل السكنية مرتفعة جداً ولا تتناسب مع مداخيل الغالبية العظمى من السوريين.
فما هي المعايير التي تؤثر في استمرار ارتفاعها لتضاهي، أحياناً، أسعار العقارات في أوروبا، وما هي الحلول، ومتى تتدخل الدولة لضبط السوق؟

تنظيم الأرض البور

حول واقع سوق العقارات والارتفاع الجنوني في الأسعار، يقول أمين سر نقابة المهندسين، المهندس رصين عصمت: بالفعل إنَّ أسعار العقارات والبيوت في سورية مرتفعة عموماً، وخاصةً في المدن الرئيسية، ولاسيما في العاصمة، وذلك نتيجة أسباب عديدة، منها:
أولاً: عدم فتح مناطق تنظيمية جديدة، رغم أن دراساتها معدَّة بشكلٍ مدروس وفق أعلى معايير التخطيط العمراني والحضري، فهناك عدة مناطق مدروسة سابقاً (مثل المخطط التنظيمي لجوبر)، لكنه بحاجة إلى إعادة تقييم وتحديث، لتحقيق المتطلبات المعيشية، والعدالة الاجتماعية، وخاصةً للمواطنين الذين تهدَّمت منازلهم.
ثانياً: انتشار العشوائيات التي شجَّع النظام البائد على إقامتها لتكون سوراً يُحيط بالمدن، وحتى داخلها.
ثالثاً: عدم تنظيم المناطق البور التي لا تصلح للزراعة، والتي يُمكن إعداد المخططات التنظيمية الخاصة بها، وإشادة الأبنية الحديثة عليها بشكل سريع، دون المساس بالبيئة، بل على العكس يُمكن إنشاء مسطحات خضراء وحدائق ضمنها.
رابعاً: الحالة الأمنية غير المستقرة خلال سنوات الثورة، وبطش النظام البائد الذي أدَّى إلى تهجير الملايين من منازلهم، إلى مدن وبلدات مستقرة نسبياً، ما أدَّى إلى الارتفاع الكبير في أسعار المنازل في هذه المناطق، وانخفاض أسعار العقارات بشكلٍ كبير في المناطق التي هجرها سكانها.
خامساً: ازدياد الهجرة من الأرياف إلى المدن، وهي مشكلة قديمة- حديثة، لن تُحل إلا من خلال تطوير الأرياف، وإقامة مشاريع كبيرة فيها، زراعية وصناعية، واستثمارية مفيدة.
سادساً: ارتفاع تكاليف الترخيص أدَّى إلى ارتفاع أسعار العقارات، ولابُدَّ من اتخاذ الإجراءات التي تكفل تسريع إجراءات الترخيص، وخفض الرسوم المختلفة، إضافةً إلى أنَّ الذي يحكم أسعار العقارات هو قانون العرض والطلب، فهو الكفيل بتحقيق التوازن في أيّ سوق.

ضرورة تطوير الأرياف

ورأى المهندس عصمت أن الحلول لهذه المشكلات، تتطلب طرح مشاريع جديدة، وتوفير الفرص الممكنة لمختلف شركات التطوير العقاري، واستثمار المناطق القريبة من المدن والمؤهَّلة لإنشاء مساكن ملائمة وبأسعار منطقية، ناهيك عن تطوير الأرياف أيضاً.
وأضاف: يجب إعطاء المستثمرين التطمينات المطلوبة لحفظ رؤوس أموالهم من المخاطر، وتشجيعهم على الاستثمارات المتنوعة، ومنها الاستثمار في سوق العقارات، ولتحقيق ذلك لابُدَّ من توفير مستلزمات الاستثمار وأدواته، من وقود وكهرباء واتصالات، إضافةً إلى ضرورة الإسراع بإحداث شركات للتمويل العقاري.
وشدد المهندس عصمت على أنه من الأهمية بمكان إصلاح وتطوير البُنى التحتية لكل المناطق، لأنها تُعدَّ الأساس لإقامة التجمعات العمرانية الجديدة، وكذلك يجب تشجيع عودة المهنيين والحرفيين والعمال الذي أجبرهم النظام البائد على الهجرة.
وحول واقع سوق العقارات ومستقبله في ظل غياب الرقابة على الأسعار، ولماذا ترتفع، وهل هي قابلة للارتفاع أكثر، قال المهندس عصمت: حالياً يوجد ركود وجمود بالتداول العقاري، لأسباب كثيرة منها:
ضعف السيولة المالية، والتراجع بموثوقية الاستثمار العقاري، على عكس الاستثمار بالمعادن الثمينة كالذهب، إلى جانب الترقب حتى استقرار أسعار الصرف، وترقب عودة رؤوس أموال السوريين من الخارج.
وحول ما يجب فعله لخفض الأسعار، دعا المهندس عصمت إلى تنظيم آليات للرقابة الحكومية والشعبية الفعَّالة، وتشجيع كافة القطاعات المنتجة في الدولة وفي القطاع الخاص على تصنيع المواد اللازمة للبناء بأسعار مدروسة منافسة، وبجودة مقبولة، خاصةً أننا أمام سوق مفتوح، وسترد إلى سورية العديد من الشركات العربية والأجنبية التي ستقوم بتوريد مختلف مواد البناء، مع التركيز على الجودة قبل كل شيء.
إن ارتفاع أسعار العقارات والبيوت غير ملائم إطلاقاً لمداخيل المواطنين، ولمعالجة ذلك، يرى المهندس عصمت أنه يجب الإسراع بإصدار المخططات التنظيمية الجديدة، والانتهاء منها، ودعم المستثمرين وشركات التطوير العقاري، وإنشاء المجمعات العمرانية الجديدة، التي تعتمد على أسس العمارة الخضراء والمستدامة، والاشتراطات البيئية، والأبنية المقاومة للزلازل، مع تحقيق أكبر قدر مستطاع من متطلبات السكن الاجتماعي – الاقتصادي الذي يُحقق المتطلبات الجمالية دون ترف.

معايير لضبط الأسعار

الخبير في الشؤون الاقتصادية الدكتور عامر ديب، يرى أن سوق العقارات والمنازل يعاني حالة رکود وفوضى، داعياً إلى تدخل الدولة لضبطه ووضع معايير ومحددات تضبط أسعار بيع وشراء العقارات والبيوت، ووضع حد لنسب التضخم الناجمة عن فوضى تسعير البيوت.
ولفت إلى أن أهم عامل يؤثر في موضوع الأسعار هو المكاتب العقارية والوسطاء الذين يساهمون في ارتفاع نسب التضخم من خلال ربط التسعير بسعر صرف الدولار، لذلك لابد من وضع شروط صارمة لعمل المكاتب، وأن تكون على مستوى مهني وإنهاء أساليب الاحتيال وأن تخضع الأسعار للوضع الاقتصادي العام.
وأكد د. ديب أنه لا توجد معايير اقتصادية منطقية في تقدير كلف العقارات وأسعارها، بل يعتمد الأمر على العرف الاقتصادي الذي يخالف المنطق الاقتصادي.
ودعا إلى مراقبة عمل المكاتب العقارية وتنظيم عملها ووضع شروط ولوائح محددة، وتحديد نسب الربح في تسعير المنازل حسب المناطق، مبيناً أنه لا توجد دولة تترك سوق العقارات دون ضوابط.
واقترح د. ديب وضع نسب ربح للإيجار، ولبيع وشراء البيوت بشكل سنوي، وهي معايير موجودة في كل دول العالم، حتى لا تؤثر على التضخم وأن تخضع الأسعار لعمل السوق وآلية العرض والطلب والوضع الاقتصادي والسياسي العام.

زيادة غير منطقية

ورأى ديب أن ما يجرى في سوق العقارات هو ارتفاع جنوني بالأسعار، بنسب عالية تصل إلى ٢٠ و ٣٠ بالمئة، بينما في الدول الأخرى تصل إلى ٦ و ٧ بالمئة، خلال ستة أشهر على سبيل المثال.
وقال: إن الأسعار المطروحة في سوق العقارات السوري غير منطقية وتساهم في زيادة التضخم وتؤثر على الكتلة النقدية.
ولفت ديب إلى أن الحكومات دائماً تتدخل في سوق العقارات عندما يواجه حالة فوضى وعدم استقرار، وتقوم بوضع محددات معينة تراعي ضبط نسب التضخم وضبط الأسعار من خلال دعم المشاريع السكنية ووضع جدول زمني لها وإعادة الهيكلة، مؤكدا أن ارتفاع الأسعار يكون من خلال ضبط نسب التضخم وتحديد نسب الأرباح ضمن حدود معينة (حد أعلى وحد أدنى) وضمن المنطق الاقتصادي وليس ضمن العرف التجاري الذي يخالف المنطق.
وأشار إلى أن ارتفاع الأسعار في سوق العقارات لا يلائم ولا يناسب المداخيل، ويحتاج الأمر إلى رفع المداخيل إلى نسب ٣٠٠٠ بالمئة كي تواكب ارتفاع أسعار العقارات حتى يستطيع الفرد أن يحصل على منزل خلال ٧ أو ٨ سنوات.

آخر الأخبار
إلغاء ترخيص شركة "طلال أبو غزالة وشركاه" في سوريا إثر تصريحات مسيئة محافظ حلب: تعزيز القيم الأخلاقية وتطوير الأداء المؤسسي تعاون بين التعليم العالي وسفير فلسطين لتطوير معهد "فلسطين التقاني" وزير الدفاع يعزي أسر شهداء الجيش العربي السوري ويواسي المصابين اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق بأحداث الساحل تعقد غداً مؤتمراً صحفياً حول نتائج عملها وزير الإعلام: الحكومة تعمل بجهود حثيثة لنزع فتيل التوتر في السويداء الشائعات.. وجه الحروب الآخر وزير المالية يؤكد استمرار صرف رواتب العاملين في السويداء من دون انقطاع وزير التعليم العالي: دعم البحث العلمي أساس البناء والنهضة ليث البلعوس ينفي تهم التأزيم: لسنا طرفاً في مؤامرة ورفضنا تحويل السويداء إلى ورقة ضغط "الفرش البارامتري".. في معرض لطلاب الهندسة المعمارية بحمص بحث توسعة المدينة الصناعية بحسياء على 20 عقاراً أهالٍ من طرطوس: سوريا الجديدة واحدة موحدة من دون تقسيم " الثورة " في جرمانا ... إصرار على ألا تنكسر الحياة الوحدة الوطنية.. خارطة طريق السوريين نحو العبور الآمن الاستثمار في الأوراق المالية.. فرص ومزايا لتوظيف مالي طويل الأجل السويداء بلا خدمات باراك: دمشق نفذت تعهداتها ولم تخطئ في أحداث السويداء "حرب الكلمة".. بين تزوير المعنى وتزييف الحقيقة أسعار جنونية للشقق السكنية رغم الركود الحاد!