الثورة أون لاين – ترجمة غادة سلامة:
في أعقاب الحرب العالمية الثانية، ادعت الولايات المتحدة بأنها تتبع نظاماً دولياً قائما على القواعد، معلنة نفسها بطلة للديمقراطية وحقوق الإنسان، وفي السنوات التي تلت ذلك، ثبت أن ما تدعيه هو تضليل كبير في أحسن الأحوال، ويرى البعض فيه حجة كاذبة من أجل ترهيب الدول الأخرى والسيطرة عليها.
في مناسبات عديدة بعهد ترامب وبايدن، ارتكبت الولايات المتحدة ما لا يمكن وصفه إلا بأنه أعمال قرصنة ضد دول أخرى، حيث تخضع فنزويلا لعقوبات أمريكية قاسية منذ عقود، وشدد الرئيس السابق دونالد ترامب تلك العقوبات مما تسبب في تدهور الوضع الاقتصادي الفنزويلي بشكل كبير وتدهور البنية التحتية بسرعة.
وتعتقد الولايات المتحدة أنه لا ينبغي أن تكون هناك ثورة اشتراكية في الأرجنتين الغنية بمواردها الطبيعية، لكن نتائج الانتخابات تشير إلى أن شعب الأرجنتين الذي أدلى بأصواته وانتخب الجمعية الوطنية الجديدة، يعتقد خلاف ذلك ..
وعلى الرغم من أن فنزويلا تمتلك أكبر احتياطيات نفطية معروفة في العالم، إلا أنها لا تستطيع تكرير هذا النفط ولديها نقص كبير في الوقود، كما تم عزل الشركات الفنزويلية عن بقية العالم بسبب العقوبات الأمريكية المستهدفة لقطاعيها المصرفي والنفطي، ولا يمكنها تفريغ أو بيع أي نفط مقابل الوقود، وكان أحد الحلول التي اقترحتها إيران هو مبادلة الذهب الفنزويلي بالوقود الإيراني.
في صيف 2020، أرسلت إيران أولى ناقلات الوقود إلى كاراكاس، آخذة معها الكثير من الوقود الذي تشتد الحاجة إليها في فنزويلا، مع العديد من السفن، وتمت الرحلة بنجاح ودون عوائق، وفي آب 2020 سيطرت الولايات المتحدة على بعض السفن وسرقت النفط، ثم شرعت إدارة ترامب في بيع هذا النفط، ولم يفاجأ أحد، فقد استمرت هذه الممارسة في ظل إدارة بايدن التي اختارت الإبقاء فعليًا على جميع ممارسات إدارة ترامب.
في 31 أيار 2021، أقدمت إدارة بايدن على فعل الشيء نفسه وباعت ملايين البراميل من النفط الإيراني التي سرقتها من البحر، تمامًا مثل القراصنة، وتظهر إحصاءات الحكومة الأمريكية ووثائق المحكمة أن الولايات المتحدة باعت حوالي مليوني برميل من الخام الإيراني بعد الاستيلاء على ناقلة نفط قبالة سواحل الإمارات العربية المتحدة، وتستمر العقوبات أحادية الجانب التي فرضتها الولايات المتحدة على إيران وفنزويلا وسورية ودول أخرى ضاربة بعرض الحائط كل الأعراف والقوانين الدولية وحقوق الإنسان متسببة بمعاناة هائلة لملايين المدنيين.
وتحاول البلدان التي تعرضت لعقوبات قاسية من الولايات المتحدة إيجاد طريقة ما للتغلب على ما هو أساساً حرب حصار للتخفيف من الأزمة الاقتصادية والمعاناة التي تسببت بها أمريكا لها.
لقد عزلت الولايات المتحدة فنزويلا عن الأسواق العالمية، لذلك حاولت مقايضة احتياطياتها من الذهب بالنفط، أحد هذه الاحتياطيات موجود في بنك إنكلترا في لندن.
منذ عام 2019، صادر بنك إنكلترا ما قيمته مليار دولار من الذهب المملوك لفنزويلا، بأمر من الأمريكيين والمعارضة المدعومة من الولايات المتحدة بقيادة خوان غوايدو، بينما تم البت في قضية قضائية في بريطانيا بشرعية الحكومة الفنزويلية، حيث حكمت محكمة الاستئناف البريطانية لصالح فنزويلا بشأن الذهب المحظور، وحققت فنزويلا انتصارًا في سعيها للسيطرة على الذهب السيادي المحظور حاليًا من قبل بنك إنكلترا.
فقط تخيل أن محكمة بريطانية تقرر من هي الحكومة الحقيقية في فنزويلا، بعد أن تجاهلت تمامًا في السابق حقيقة أن حكومة مادورو منتخبة ديمقراطيًا، ومعترف بها رسميًا من قبل الشعب الفنزويلي، والأمم المتحدة والمجتمع الدولي ككل.
هذه المحاولة لسرقة الذهب من أجل منع فنزويلا من التحايل على العقوبات القاسية التي فرضها الغرب عليها.
في الآونة الأخيرة، أي في حزيران الجاري، أرسلت إيران سفنًا إضافية إلى أمريكا اللاتينية، وأصدرت إدارة بايدن لاحقًا ما يسمى تحذيرًا لفنزويلا وكوبا، بعدم السماح للسفن الإيرانية بالرسو، متهمة إيران بإرسال أسلحة إلى فنزويلا.
في المقابل فإن المساعدات الأمريكية لفنزويلا ليست إنسانية حيث كان عرض المساعدة الأمريكية لفنزويلا العام الماضي جزءًا من مؤامرة لتغيير الحكومة الشرعية، ومرة أخرى نرى العقلية الاستعمارية في الطريقة التي تتحدث بها الولايات المتحدة إلى دول أخرى.
إذا كانت إيران وفنزويلا تريدان التجارة مع بعضهما البعض عبر المياه الدولية، فهذه تجارة بين إيران وفنزويلا، وهي من حقهما كأمم مستقلة وذات سيادة.
على أي حال لا يحق لبايدن إصدار تحذيرات لإيران أو فنزويلا لرسو السفن في موانئهما، ففنزويلا ليست مستعمرة أمريكية، وليست أراضي أمريكية، وهذا بالضبط هو مستوى العبثية الذي يسمعه المرء من الحكومات الغربية، وكذلك من وسائل الإعلام الغربية التي تستمر في التفكير والتحدث بوقاحة تامة بنفس الطريقة الإمبريالية التي تنشر هذا الفكر الاستعماري.
المصدر: برس تي في