“جرايزون”: هكذا تحاول واشنطن شرعنة الإرهاب في سورية

الثورة أون لاين – ترجمة ختام أحمد:
مرت الذكرى العاشرة للحرب التي شنها الغرب لتغيير الحكومة السورية، وبعد عقد من الحرب، لاتزال واشنطن تناور لتوسيع علاقتها طويلة الأمد مع المقاتلين “السلفيين الجهاديين” الذين يقاتلون في سورية.
ومع سيطرة هؤلاء المسلحين وتنظيماتهم على جزء من محافظة إدلب الشمالية الشرقية والتي نصبت نفسها بنفسها بقيادة النسخة المعدلة من تنظيم القاعدة في سورية، والمدعومة عسكرياً من تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي، فإن العناصر القوية من بروكسل إلى واشنطن تعمل على إضفاء الشرعية على زعيمها، ففي حزيران الماضي، بثت قناة PBS Frontline برنامجًا خاصًا بعنوان “الجهادي”، يتضمن مقابلة مع الجولاني، الرئيس الفعلي لما يسميها البعض في الغرب “حكومة الإنقاذ” في إدلب وهو مؤسس فرع القاعدة في سورية حين كان يُدعى في الأصل جبهة النصرة ثم أعيدت تسميته بـ “هيئة تحرير الشام”.
بعد أن استبدل زيه العسكري ببدلة حديثة، حصل الجولاني على فرصة لم يكن من الممكن تصورها في السابق لتسويق نفسه للجمهور الغربي، والتعهد بأن قواته لن تشكل أي تهديد لأمريكا لأن تركيزه فقط على شن حرب ضد الحكومة السورية.
من أجل هذا قامت شبكة من مراكز الفكر وخبراء في السياسة الخارجية في بيلتواي بحملة متزامنة لإزالة “الجولاني” وفصيله المتشدد “هيئة تحرير الشام” من قائمة وزارة الخارجية للجماعات الإرهابية، الأمر الذي سيفتح الباب للقبول الدولي لذاك الواقع القائم في إدلب، التي يعتبرها دعاة تغيير السلطة بمثابة قوة ضغط مهمة ضد دمشق، وكمستودع بشري لملايين اللاجئين الذين يقبعون هناك.
بدأت حملة التطبيع مع “الجولاني” علنًا من قبل مجموعة الأزمات الدولية، وهي مؤسسة فكرية مقرها بروكسل ولها علاقات وثيقة مع إدارة بايدن وحلف شمال الأطلسي، كان هناك شبكة من العملاء من المراكز البحثية الموالية لإسرائيل ممولة من الخليج قد أمضت سنوات من الضغط بهدوء من أجل حث واشنطن على دعم تنظيم القاعدة في سورية، ونجحت في تأمين شحنات الأسلحة من وكالة المخابرات المركزية لها كحلفاء في المعركة.
عندما عبر الجولاني لأول مرة الحدود السورية العراقية في عام 2012 مع قوة صغيرة من المقاتلين، كان ينتمي رسميًا إلى القاعدة في العراق، وهي جماعة متطرفة مسؤولة عن هجمات لا حصر لها على المحتلين العسكريين الأمريكيين والمدنيين في جميع أنحاء العراق، وعند توغلها في سورية، مكّنت قوات الجولاني أبو بكر البغدادي، الذي نصب نفسه خليفة، من إقامة تنظيم “داعش” في مدينة الرقة شمال شرق البلاد.
وسرعان ما دفع الخلاف حول الاستراتيجية والتمويل الجولاني للانفصال عن داعش وتأسيس جبهة النصرة، الفرع السوري للقاعدة، بمباركة صريحة من الزعيم العالمي للتنظيم أيمن الظواهري.
روى مارتن سميث هذه التفاصيل في برنامجه “على خط المواجهة على قناة PBS” ، بينما تجاهل أي ذكر للعملية الأمريكية السرية الفاضحة التي جعلت صعود النصرة ممكنًا، كما أهمل ذكر تقييم آب 2012 لوكالة المخابرات الدفاعية (DIA) والذي نص بوضوح على أن “السلفيين والإخوان المسلمين والقاعدة في العراق هم القوى الرئيسية التي تقود التمرد في سورية، “وأن المعارضة المدعومة من الغرب ستخلق على الأرجح” إمارة سلفية في شرق سورية “إذا تم وضع الأسلحة في أيدي المسلحين الإسلاميين.
على الرغم من التحذير ، في عام 2013 ، أطلقت وكالة المخابرات المركزية عملية Timber Sycamore، وهو برنامج تسليح وتجهيز قام بتحويل ما يصل إلى مليار دولار سنويًا (واحد من كل 15 دولارًا في ميزانية وكالة المخابرات المركزية) إلى الدعم المادي لمعارضة مسلحة يهيمن عليها تمامًا متطرفون إسلاميون، كانت هذه أكبر عملية سرية للوكالة منذ مبادرة مماثلة في أفغانستان خلال الثمانينيات من القرن الماضي، والتي أدت إلى ولادة “القاعدة وطالبان”. تمامًا كما توقعت وكالة استخبارات الدفاع، ترسخت “إمارة سلفية” متطرفة في شمال شرق سورية، في حين سرعان ما ظهر الامتياز المحلي للقاعدة كقوة مهيمنة داخل المعارضة المسلحة، تم تصوير مقاتلي النصرة – بمن فيهم مقاتلو ما يسمى”الجيش الحر” الذي أنشأته وكالة المخابرات المركزية – وهم يقطعون صدور الجنود السوريين، ويمزقون قلوبهم، ويأكلون الأعضاء (بينما يتلقون تغطية إعلامية متعاطفة من هيئة الإذاعة البريطانية).
عندما سيطرت النصرة على محافظة إدلب وتحركت للسيطرة على مناطق أخرى، اكتسبت النصرة شهرة من خلال الهجمات الانتحارية والإعدامات المروعة، بينما أسست نظامًا دينيًا على غرار العصور الوسطى في المناطق التي كانت تسيطر عليها، وقد كشف فيلم وثائقي سري لعام 2017 ، صوّره السكان المحليون، ” سرية إدلب”، الواقع المرير الذي يعيشونه تحت سيطرة النصرة.
وبدلاً من اقتلاعها من “ملاذها الآمن” ، شجعت جبهة النصرة رعاتها المتحالفين مع الناتو على تغيير علامتها التجارية وإبعاد نفسها ظاهريًا عن القاعدة حتى تتمكن من البقاء على قيد الحياة.
وفي عام 2016، غيّر فرع القاعدة اسمه إلى “جبهة فتح الشام”، ثم تحول إلى “هيئة تحرير الشام” في العام التالي تحت وصاية من تركيا، التي سيطرت على الحدود الشمالية لإدلب، وشكلت “هيئة تحرير الشام لاحقًا” ما يسمى “حكومة الإنقاذ السورية”، وشرعت في حملة علاقات عامة من أجل الحصول على شرعية دولية.
بقلم: بن نورتون
Grayzone

آخر الأخبار
المستقبل يصنعه من يجرؤ على التغيير .. هل تقدر الحكومة على تلبية تطلعات المواطن؟ الخارجية تُشيد بقرار إعادة عضوية سوريا لـ "الاتحاد من أجل المتوسط" فرق تطوعية ومبادرات فردية وحملة "نساء لأجل الأرض" إلى جانب رجال الدفاع المدني 1750 طناً كمية القمح المورد لفرع إكثارالبذار في دير الزور.. العملية مستمرة الأدوية المهربة تنافس الوطنية بطرطوس ومعظمها مجهولة المصدر!.  السيطرة الكاملة على حريق "شير صحاب" رغم الألغام ومخلفات الحرب    بين النار والتضاريس... رجال الدفاع المدني يخوضون معركتهم بصمت وقلوبهم على الغابة    تيزيني: غرف الصناعة والتجارة والزراعة والسياحة كانت تعمل كصناديق بريد      تعزيز التعاون في تأهيل السائقين مع الإمارات بورشة عمل افتراضية     الإبداع السوري .. في"فعالية أمل" ريف اللاذقية الشمالي يشتعل مجدداً وسط صعوبات متزايدة وزير الطاقة: معرض سوريا الدولي للبترول منصة لتعزيز التعاون وتبادل الرؤى بطولات الدفاع المدني .. نضال لا يعرف التراجع في وجه الكوارث والنيران  وزير الطاقة يفتتح "سيربترو 2025"  وزير الطوارئ يتفقد مواقع الحرائق ويشيد بجهود الفرق الميدانية   500 سلة إغاثية لمتضرري الحرائق باللاذقية  السويداء على فوهة البندقية.. سلاح بلا رقيب ومجتمع في خطر  دمشق وأبو ظبي  .. مسار ناضج من التعاون الثنائي الحرائق تتمدد نحو محمية غابات الفرنلق.. وفرق الإطفاء تبذل جهوداً جبارة لإخمادها امتحانات البكالوريا بين فخ التوقعات والاجتهاد الحقيقي