الثورة أون لاين :
جدد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة بسام صباغ التأكيد على أن بعض الدول تقوم باتباع معايير مزدوجة وسياسات انتقائية في التعامل مع التهديدات الإرهابية العالمية واستغلالها لخدمة مصالحها الضيقة لافتاً إلى أن محاولات تلك الدول إعادة انتاج التنظيمات الإرهابية وتبييض صورتها لن تحجب حقيقة استمرار الطابع الإرهابي لتلك التنظيمات ومسؤولية هذه الدول عن وجودها ودعمها.
وفي هذا الإطار دعا صباغ في بيان قدمه اليوم أمام الجمعية العامة حول البند 123 المعنون بـ “المراجعة الدورية السابعة لاستراتيجية الأمم المتحدة الشاملة لمكافحة الإرهاب” إلى العمل على اتخاذ إجراءات جادة وحازمة لضمان منع تدفقات الإرهابيين الأجانب ولمساءلة حكومات الدول المشغلة لهم وتلافي توظيف الإرهاب أداة لخدمة السياسات الخارجية لبعض الدول الأعضاء ولاستهداف دول بعينها.
وقال صباغ “إن وفد بلادي انخرط بشكل فاعل وبناء على مدى الأشهر الماضية في اجتماعات وجولات مفاوضات المراجعة الدورية السابعة لاستراتيجية الأمم المتحدة الشاملة لمكافحة الإرهاب وينضم إلى البيان الذي أدلى به المندوب الدائم للاتحاد الروسي نيابة عن مجموعة الدول متماثلة التفكير في هذا الشأن”.
وأضاف صباغ “يخطئ من يعتقد أنه بإمكانه النجاة وحيداً ضد هذا التهديد وما يبعث على التشجيع هو مبادرة الأمم المتحدة إلى العمل على تخصيص بند مهم من أجل الوصول إلى استراتيجية شاملة لمكافحة الإرهاب ومراجعتها بشكل دوري لضمان تعزيز جهودنا المشتركة ذات الصلة ومواكبة التحديات الجديدة والمتغيرة التي يمثلها هذا التهديد الإرهابي” معرباً عن أسفه أن تشهد المراجعة الحالية لهذه الاستراتيجية محاولات من بعض الدول لتغليب مصالحها الفردية على المصلحة الجماعية والتعامل بأنانية في الحرص على أمن واستقرار دولها ومجتمعاتها مقابل تجاهل أمن واستقرار دول أخرى وما تعانيه جراء الإرهاب والإيديولوجيات التكفيرية المتطرفة.
وتابع صباغ “تعي بلادي جيداً أن أساليب مواجهة الإرهاب تتباين في طبيعتها وتتطلب مراجعات دائمة للاستراتيجيات التي تتصدى للتهديد الإرهابي على المدى القصير والمتوسط والطويل الأجل” مشدداً على أن التشريعات الوطنية والصكوك الدولية تمثل حجر الزاوية في مواجهة خطر الإرهاب إلا أن التطبيق العملي لهذه النصوص يمثل التحدي الأبرز وخاصة أن فعالية أي نص قانوني تكمن في التطبيق.
وجدد مندوب سورية الدائم التأكيد على أولوية الملكية والقيادة الوطنية لجهود مكافحة الإرهاب بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة وأجهزتها ذات الصلة بما يضمن احترام سيادة الدول واستقلاليتها وعدم استخدام مكافحة الإرهاب ذريعة للتدخل بالشؤون الداخلية للدول أو شن عدوان عليها أو احتلال أجزاء من أراضيها بالاستناد الى تفسير مشوه لميثاق الأمم المتحدة وخاصة المادة “51” منه وأحكام القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بمكافحة الإرهاب.
وأردف صباغ قائلاً “بالنظر لما عانته سورية من إرهاب عالمي غير مسبوق وطويل الأمد شاركت فيه دول وحكومات ومؤسسات مالية وأجهزة استخباراتية وفي إطار الجهود الهائلة التي بذلتها الحكومة السورية في مواجهة هذا النمط المتعدد الأشكال للإرهاب العالمي فقد توافرت لدينا خبرة كبيرة في هذا المجال والتي بالإمكان الاستفادة منها والبناء عليها في إطار أي مراجعات حالية أو لاحقة لاستراتيجية الأمم المتحدة الشاملة في مكافحة الإرهاب”.
وأوضح صباغ أن سورية دأبت على مدى عقود على كشف أبعاد التهديد الإرهابي الذي يواجه دولنا وحرصت على التعاون بشكل مستمر مع الأمم المتحدة والجهات الدولية ذات الصلة وطالبت أجهزة صنع القرار فيها باتخاذ الإجراءات العملية الكفيلة بمواجهة هذا التهديد العالمي وتجفيف منابع تمويله بما في ذلك الحيلولة دون تدفق الأموال للتنظيمات الإرهابية وخاصة تلك التي ظهرت في منطقتنا خلال العقد الأخير كتنظيمي “داعش” و”جبهة النصرة” الإرهابيين وما يرتبط بهما من أفراد ومؤسسات وكيانات.
وقال صباغ “في هذا الصدد وفد بلادي يأخذ علماً بتضمين القرار قيد النظر إشارات للقلق العميق من سياسات الدول التي تصدر أو تسمح بمرور الإرهابيين الأجانب عبر أراضيها إلا أنه يعتقد بضرورة العمل على اتخاذ إجراءات جادة وحازمة لضمان منع تدفقاتهم ولمساءلة حكومات الدول المشغلة لهم وتلافي توظيف الإرهاب أداة لخدمة السياسات الخارجية لبعض الدول الأعضاء ولاستهداف دول بعينها”.
ولفت مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة إلى أن إحدى نتائج السياسات العدائية التي انتهجتها بعض الحكومات ضد سورية هي ظاهرة استقدام آلاف الإرهابيين الأجانب وعوائلهم من أكثر مما يزيد على 100 بلد وتواجدهم على الأرض السورية لخدمة الأجندات التخريبية لتلك الحكومات والذي بات يمثل مشكلة عالمية مؤكداً أنه بدلاً من دعم جهود سورية ودول أخرى لمعالجة هذه المشكلة من خلال إعادة هؤلاء إلى أوطانهم أو أماكن إقامتهم الأصلية وضمان مساءلتهم تعمد حكومات بعض الدول للتنصل من التزاماتها القانونية واتخاذ خطوات انفرادية كإلغاء الإقامة أو نزع الجنسية أو غيرها من السياسات التي تعقد من هذه المشكلة ولا تمثل حلاً لها.
وأشار صباع إلى أن محاولات بعض الدول التي رعت الإرهاب في سورية لعب دور قيادي في عملية المراجعة الاستراتيجية لصالح المطالبة بإعادة هؤلاء الإرهابيين وعوائلهم إلى أوطانهم لن يمكنها من التنصل من مسؤولياتها عن الجرائم الإرهابية التي ارتكبت بحق الشعب السوري كما أن محاولاتها الأخيرة لإعادة إنتاج بعض تلك التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها “جبهة النصرة” والكيانات المرتبطة بها كالـ”الخوذ البيضاء” وتبييض صورتها لن يحجب حقيقة استمرار الطابع الإرهابي لتلك التنظيمات ومسؤولية تلك الدول عن وجودها ودعمها لخدمة أجنداتها.
وبين صباغ أن ميل بعض الدول الأعضاء إلى القيام بتصنيف فردي لا قانوني وغير شرعي لدول بعينها ضمن ما تدعيه “قوائم الدول الراعية للإرهاب” أو تشكيل تحالفات غير شرعية تحت ذريعة مكافحة الإرهاب دون تخويل من الأمم المتحدة أو إذن الدولة المعنية لا يمكن أن يضفي أي نوع من المصداقية على ادعاءات تلك الدول محاربة الإرهاب.
وأشار صباغ إلى أن الاستراتيجية العالمية لمكافحة الإرهاب أولت أهمية كبيرة للتعامل مع الأسباب الجذرية المؤدية للإرهاب والبيئة الحاضنة له مؤكداً في هذا السياق ضرورة التعامل مع ما نشهده من زيادة في خطابات التحريض والكراهية والتمييز وازدراء الأديان بما في ذلك من بعض التيارات الشعبوية في دول غربية وعلى ضرورة إعلاء قيم ومبادئ القانون الدولي والكف عن ممارسات العدوان والاحتلال وافتعال الأزمات وتأجيجها وإطالة أمدها وفرض التدابير القسرية الانفرادية التي تستهدف القطاعات الحيوية والإنسانية في الدول المتضررة منها.
وأشار صباغ إلى أن تلك الممارسات أدت في الكثير من الأحيان إلى دفع أعداد من الشباب المغرر بهم للالتحاق بـ”تنظيمات إرهابية” هنا أو هناك ومكن تلك التنظيمات من استقطاب وتجنيد عناصر جديدة في صفوفها وشراء الولاءات وخلق البيئة الحاضنة لها ولا سيما في ضوء التمويل الكبير والسخي الذي توفره بعض الحكومات للتنظيمات الإرهابية التي تخدم أجنداتها.
وختم صباغ بالتأكيد على مواصلة الحكومة السورية ممارسة حقها السيادي وواجبها الوطني الرامي للقضاء على الإرهاب بكل أشكاله وتجفيف منابعه وضمان أمن وسلامة وازدهار الشعب السوري.