الثورة – جهاد اصطيف :
بدأت الزراعة تستعيد عافيتها من خلال مشروع حيوي تنفذه منظمة “شفق”، يهدف إلى تأهيل آبار الري الزراعي عبر تزويدها بأنظمة طاقة شمسية متكاملة، في محاولة لمواجهة تحديات الجفاف وارتفاع تكاليف الإنتاج، ودفع عجلة الاستدامة البيئية، في قلب ريف حلب الشمالي، وتحديداً في منطقة صوران – قرية احتيملات.
الزراعة في مواجهة التحديات
يعاني القطاع الزراعي في ريف حلب من صعوبات كبيرة، أبرزها شح الموارد المائية، والاعتماد المفرط على المحروقات في تشغيل المضخات، إلى جانب تقلبات المناخ التي أثرت بشكل مباشر على إنتاجية المحاصيل.
ووسط هذه الأزمات، وجدت منظمة ” شفق ” أن الحل لا يكمن فقط في الدعم المؤقت، بل في إعادة تأهيل البنية التحتية الزراعية عبر حلول طويلة الأمد، أبرزها الطاقة الشمسية .
مشروع بديل ومستدام
يستهدف المشروع، بحسب القائمين عليه، تأهيل عدد من آبار الري في منطقة احتيملات، عبر تزويدها بألواح شمسية ومنظومات تحكم متكاملة تضمن التشغيل المستقر والمستدام لمضخات المياه، ويأتي ذلك في إطار دعم سلاسل القيمة الزراعية، وخاصة لمحاصيل رئيسة كالخضار، والذرة الصفراء، والشعير، التي تمثل العمود الفقري للأمن الغذائي في المنطقة، وسعيهم إلى تطوير نموذج عملي يربط بين الاستدامة البيئية وتحسين الإنتاج الزراعي من خلال تقنيات الطاقة الشمسية، التي باتت ضرورة في ظل ارتفاع أسعار الوقود وتفاقم الأزمات البيئية .
انعكاسات مباشرة
يشير عدد من المزارعين إلى التحسن الملموس في كفاءة الري وتوفر المياه بعد تشغيل المنظومات الجديدة، ما ساعدهم على خفض التكاليف، وضمان ري مستقر للمحاصيل خلال موسم الزراعة.
أبو إسماعيل، أحد المزارعين المستفيدين، يروي تجربته: كنا نواجه صعوبات كبيرة في تأمين المازوت لتشغيل البئر، واليوم مع الطاقة الشمسية، أصبحنا نروي محاصيلنا بشكل منتظم ودون قلق من انقطاع الوقود أو ارتفاع أسعاره .
الطاقة النظيفة من أجل بيئة أفضل
لا يقتصر أثر المشروع على البعد الاقتصادي فقط، بل يمتد إلى الجانب البيئي أيضاً، إذ ساهمت المنظومات الشمسية في تقليل انبعاثات الكربون، والحد من التلوث البيئي الناتج عن احتراق الوقود التقليدي. كما تسهم هذه الأنظمة في تعزيز قدرة المجتمع المحلي على التكيف مع التغيرات المناخية، التي باتت تشكل تهديداً وجودياً للزراعة في المنطقة .
نحو استدامة زراعية حقيقية
يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في كيفية الربط بين التقنيات الحديثة والاحتياجات الفعلية للمزارعين، وهو ما قد يفتح الباب أمام توسيع هذه المبادرات إلى قرى ومناطق أخرى في الشمال السوري، في حال توفر التمويل والدعم اللازم .
ويوفر مشروع تأهيل آبار الري في صوران نموذجاً عملياً لتحقيق الأمن المائي والغذائي في آن معاً، من خلال تقنيات صديقة للبيئة، وبتكلفة تشغيلية منخفضة، ما يعزز من قدرة المزارعين على الصمود ويضمن استمرارية النشاط الزراعي في أحد أكثر المناطق حاجة للدعم والتنمية.