الثورة أون لاين – دينا الحمد:
منذ بداية الحرب العدوانية على سورية ظهر جلياً أن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية كانت أداة طيعة بيد واشنطن وحلفائها، تأتمر بأوامرهم، وتأخذ تعليماتها من استخباراتهم لإدانة سورية دون أي برهان علمي، وظهر كيف يقوم خبراؤها ومندوبوها بكتابة تقاريرهم عن الملف السوري كما تشتهي رياح العدوان الأميركية.
ومن هنا ارتفعت أصوات الدول الكبرى المناصرة للحق السوري، وفي مقدمتها روسيا والصين، مطالبة بأن تعود هذه المنظمة إلى حياديتها المفترضة في عملها كي لا تفقد مصداقيتها نهائياً، ومن هنا كانت سورية تطالب على الدوام بوجوب تصحيح مسار “حظر الكيميائية” والعودة إلى دورها الطبيعي باعتبارها ركيزة أساسية ومحايدة في نظام عدم الانتشار.
لم تكتف سورية وحلفاؤها بالمطالبة بتصحيح مسار المنظمة الدولية المذكورة بل قدمت كل الدلائل والمعلومات الموثقة التي تدحض تقارير خبرائها المسيسة، ولم تكتف بالمطالبة بعدم تسييس عملها الذي أبعدها كثيراً عن الطابع الفني وأفقدها جزءاً كبيراً من مصداقيتها لتتحول إلى أداة بيد بعض الدول بدلاً من أن تكون حارساً أميناً على تنفيذ اتفاقية الحظر، بل قدمت كل الأدلة على ذلك التسييس المرفوض حتى في مبادئ المنظمة ودستورها.
ومن كان ينظر إلى اجتماعات المنظمة وسياساتها وتقاريرها ومؤتمراتها وتوصياتها وقراراتها يجزم بأنها باتت الأداة الأميركية لمعاقبة من يرفض سياساتها وأجنداتها الاستعمارية كما هو الحال مع سورية، فقد كانت مناقشاتها وقراراتها عبر سنوات عديدة من الحرب الإرهابية على سورية منصة لبعض الدول الغربية الأعضاء لتوجيه اتهامات مضللة ضد الدولة السورية والجيش العربي السوري متجاهلة حقيقة انضمام سورية طوعاً لاتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية عام 2013 وعملها بكل جد ومصداقية وشفافية لتنفيذ الالتزامات المترتبة عليها بموجب هذا الانضمام وتدمير كامل مخزونها من الأسلحة الكيميائية ومرافق إنتاجها.
وقد شاهد العالم كله كيف تستخدم واشنطن المنظمة كمنصة للهجوم على سورية وكيف تقوم بحملات التشكيك حيال تعاونها مع المنظمة وكيف تجعل خبراء المنظمة يوجهون اتهامات باطلة لحكومتها، وكيف يقفزون إلى استنتاجات غير صحيحة وخاصة أن بعض المسائل الفنية التي تتم مناقشتها ترتبط بتفسيرات علمية مختلفة لا يمكن حسمها بشكل سريع أو انتقائي.
ولعل المفارقة الصارخة هنا أن عدم المصداقية لم يتوقف عند خبراء المنظمة بل طال مديرها العام الذي حاول خلال إحاطته أمام مجلس الأمن في حزيران الماضي نزع المصداقية عن العمل الذي تم إنجازه في التقرير الأصلي للتحقيق في حادثة دوما، والذي يؤكد عدم العثور على دليل على وقوع هجوم كيميائي فيها، متبعاً مديرها أسلوب المراوغة وتجاهل المعلومات والوقائع والحقائق الكثيرة والملاحظات العلمية الجوهرية التي أثارتها شخصيات مرموقة داخل المنظمة وخارجها.
من هنا نرى كيف فقدت هذه المنظمة الدولية مصداقيتها وابتعدت عن حياديتها التي نصت عليها المبادئ التي قامت عليها أساساً، وما لم يقم ما يسمى بالمجتمع الدولي ومنظمته الأممية بإصلاح آلية عملها وتصحيح مسارها والعودة إلى دورها الطبيعي باعتبارها ركيزة أساسية ومحايدة في نظام عدم انتشار الأسلحة المحرمة فإن العالم سيبقى يدور في حلقة مفرغة وستبقى المنظمة أداة أميركا لمعاقبة خصومها وأعدائها.