الثورة – متابعة غصون سليمان:
حذر صندوق الأمم المتحدة للسكان من عواقب كارثية على الولادات في غزة في ظلّ المجاعة والصدمات النفسية وانهيار الرعاية الصحية، ما يعكس أزمة إنسانية عميقة تتكشف في هذا القطاع، إذ يُؤدّي الحرمان من الغذاء ونظام الرعاية الصحية المُدمّر والضغط النفسي الهائل إلى عواقب كارثية على الولادات للنساء الحوامل والمواليد الجدد، مُهدّداً حياة جيل كامل.
وأوضح صندوق السكان وفقاً لما أظهرته البيانات الجديدة للأشهر الستة الأولى من عام 2025، الصادرة عن وزارة الصحة في غزة، صورةً مُروّعة لآثار الظروف المُزرية في جميع أنحاء القطاع على الحياة الجديدة.
انخفاض الولادات
وحسب البيانات، فبين شهري كانون الثاني/ يناير إلى حزيران/يونيو 2025، انخفضت الولادات بشكل حاد، ففي النصف الأول من عام 2025، سُجِّلت 17 ألف ولادة، مما يشكل انخفاضاً كبيراً مقارنةً بـ 29 ولادة سُجِّلت خلال نفس الفترة من عام 2022 أي بنسبة 41% في معدل المواليد خلال عامين فقط.
وبالنسبة لوفيات الأمهات: توفيت 220 أماً أثناء الولادة أي أكثر من 20 ضعفاً من إجمالي عدد وفيات الأمهات المُسجَّلة في عام 2022.
أما وفيات المواليد الجدد، فقد توفي ما لا يقل عن 20 مولوداً جديداً خلال 24 ساعة من الولادة. بينما المواليد الجدد المعرضون للخطر، وُلد 33 بالمئة من المواليد – 5,560 – قبل الأوان، أو يعانون من نقص الوزن، أو احتاجوا إلى دخول العناية المركزة لحديثي الولادة
تحديات تواجهها الأمهات
هذه الإحصائيات التي أشار اليها صندوق الأمم المتحدة للسكان تسلط الضوء على التحديات الجسيمة التي تواجهها الأمهات والمواليد الجدد في بيئة تُستهدف فيها الرعاية الصحية بشكل ممنهج، حيث يُؤدِّي الجوع والحرمان من الضروريات الأساسية إلى هذه النتائج.
وذكرت المدير الإقليمي لصندوق الأمم المتحدة للسكان للدول العربية ليلى بكر، في هذا السياق مؤخراً “إن حجم معاناة الأمهات الجدد وأطفالهن في غزة يفوق الوصف”. مضيفة: “لكل أم وطفل الحق في ولادة آمنة وبداية حياة صحية.. وبالتالي ما نشهده هو حرمان ممنهج من هذه الحقوق الأساسية، يدفع جيلاً بأكمله إلى حافة الهاوية”.
إذ المستشفيات والمرافق الصحية التي لاتزال تعمل جزئياً تضررت أو دمرت غالبيتها، وتفقد بشكل متزايد قدرتها على إبقاء الأمهات والرضع على قيد الحياة، كما أن 70 بالمئة من الأدوية الأساسية غير متوفرة، ونصف المعدات الطبية تالفة، مما يحد بشدة من إمكانية الحصول على رعاية الأطفال حديثي الولادة الحرجة بنسبة 70 بالمئة.
مساعدات عالقة
ونوهت بكر بأن انهيار أنظمة الإحالة، مع انخفاض خدمات الإسعاف إلى الحد الأدنى، والنقص الحاد في وسائل النقل يعني أن النساء الحوامل غير قادرات على الحصول على رعاية ما قبل الولادة أو الوصول إلى المستشفيات للولادة، مما يحول المضاعفات التي يمكن علاجها إلى وفيات يمكن الوقاية منها.
ولفتت إلى أنه على الرغم من الاحتياجات الماسة، لاتزال المساعدات الإنسانية تواجه عقبات شديدة، فلدى صندوق الأمم المتحدة للسكان وحده 170 شاحنة محملة بإمدادات ضرورية للغاية، بما في ذلك وحدات ولادة مُجهزة في حاويات، وأدوية صحة الأم، وأجهزة الموجات فوق الصوتية، وحاضنات محمولة، عالقة على الحدود منذ أوائل شهر آذار/ مارس 2025.
صندوق الأمم المتحدة للسكان دعا ويدعو مراراً إسرائيل السماح بدخول المساعدات الإنسانية دون عوائق وبشكل مستدام، بما في ذلك الوقود والإمدادات الطبية والدعم الغذائي، وعدم عسكرة توزيع هذه المساعدات. فكل لحظة ضائعة تعني المزيد من الخسائر بالأرواح التي كان من الممكن تجنبها، ومعاناة لا تُصدق للفئات الأكثر ضعفاً.