ثورة أون لاين- باسل معلا: لقد مر حوالي السنتين على صدور موافقة مجلس الوزراء على دخول القطاع الخاص مجال بناء وتشغيل المطارات إلا أن القطاع الخاص مازال محجم عن الدخول بغمار هذه التجربة على خلاف معظم دول العالم وحتى دول الجوار فإذا عدنا بذاكرتنا للوراء نستطيع أن نتذكر تلقى الكثير من الخبراء والمعنيين بالجانبين السياحي والطيران خبر موافقة رئاسة مجلس الوزراء على دخول القطاع الخاص مجالا بناء وتشغيل المطارات بكثير من الهدوء والاستهجان في نفس الوقت فمنهم من يجد أن الحكومة ممثلة بوزارة النقل والجهات التابعة لها قد بادرت تجاه هذا الجانب من باب تشجيع حقيقي للقطاع الخاص ليشارك في استثمار وإدارة قطاعات ومرافق كانت حكرا على القطاع العام, ومنهم من يرى بأنها قد رمت الكرة في ملعب القطاع الخاص بعد أن أضنتها محاولات الحصول على التمويل اللازم لإنشاء مطارات جديدة في وقت بادرت فيه جميع دول العالم وحتى دول الجوار لتحديث وتجديد مطاراتها مع إنشاء مطارات جديدة والفشل المستمر بهذا المجال لذا أرتأت أن تترك هذا الهم للقطاع الخاص, ومنهم من يرى أن الأمر لايتعدى إطار رفع العتب حيث أنهم متأكدين من فشل هذه الخطوة من قبل حدوثها على اعتبار أن البنية التشريعية والوضع الحالي لايسمح للقطاع الخاص بالدخول بحرية للاستثمار في هذا الجانب بالشكل الذي يستطيع فيه تحقيق الأرباح ناهيك عن فيما يتعلق بعدم وجود إمكانية حاليا للتنسيق ما بين الجهات التي تعمل بالمطار والسلطات المتعددة تحت راية القطاع الخاص وهنا نتساءل:
ما حقيقة هذا الموضوع؟
وما التفاصيل؟
ولماذا لم يقدم القطاع الخاص على هكذا استثمار؟
_ كثير من الجهود ولكن!
البداية كانت مع الخبير بمجال الطيران والسياحة نشآت صناديقي الذي تحدث قائلا:
الحقيقة أن وضع الحالي للمطارات غير ملائم وعلى سبيل المثال فإن مطار دمشق الدولي بحاجة لمبنى جديد (ركاب) فالترميم غير مجدي حاليا وكذلك الأمر بالنسبة لباقي المطارات مثل اللاذقية ودير الزور والقامشلي .
وأضاف: لا أحد ينكر أن الحكومة ممثلة بوزارة النقل والجهات التابعة لها قد بذلت الكثير من الجهود حيث أن البنى التحتية بالمطارات متوفرة إلا أن المستلزمات والبنى المكملة مثل صالات الركاب الحديثة والجميلة غير متوفرة, وبالمقارنة مع دول الجوار نلاحظ أن مبنى الركاب في مطار دمشق الدولي لايتناسب ولا باي شكل من الاشكال مع أي مبنى ركاب في أي مطار من مطارات دول الجوار وعلى سبيل المثال فإن مطارات تركيا قد شهدت تطورا كبيرا بعد أن شارك القطاع الخاص في تأهيل وتشغيل المطارات حتى أنه ثمة مبادرات للقطاع الخاص في تركيا ببناء وتشغيل مطارات بشكل مستقل عن الدولة والسلطات الجوية التركية, وبرأي فقد آن الأوان كي يدخل القطاع الخاص في سورية في مجال تشغيل المطارات ليشارك القطاع العام أو يتنافس معه, وأفضل أن تبقى السلطات الحكومية والمحلية تقوم بعملية إدارة المطارات والإشراف في حين تبقى عمليات الاستثمار والتشغيل بيد القطاع الخاص صاحب الخبرة في هذا المجال ناهيك عن مايتمتع به من سهولة بالحركة والتعاقد فإذا أردنا بناء مبنى جديد للركاب في مطار دمشق الدولي أعتقد أن القطاع الخاص أفضل في هذا المجال.
_ الإدارة المتكاملة أمر صعب
وبين صناديقي أنه من الصعب بالوقت الحالي أن يستطيع القطاع الخاص تشغيل مطار لوحده بعيدا عن مشاركة القطاع العام حتى بالنسبة للBOT حيث أن الإدارة المتكاملة أمر صعب بالوقت الحالي خاصة فيما يتعلق ببض الخدمات كالأمن والهجرة والجوازات والجمارك حيث ان ألية وجود هكذا سلطات وفي مطار يديره القطاع الخاص والتنسيق بين هذه السلطات مازالت غير واضحة أو متوقعة ولا أسس لها حتى الآن.
وقال: الأمثل والأنسب برأي أن يتشارك القطاعين العام والخاص مع بعضهما في إدارة المطارات وأن تكون اليد الأطول للقطاع الخاص لأنه يدير استثماراته بعقلية تجارية وربحية ومنافسة ومنفتحة وهو قادر أن يطبق الطرق المثلى لإدارة استثماراته وأيضا أن يتنافس بعد فترة مع الأخرين أما القطاع العام فهو محكوم بإجراءات قانونية وإدارية طويلة ومعقدة وعلى سبيل المثال إذا أراد القطاع العام بالمطار شراء سيارة إطفاء فإن الأمر لايتم بسهولة حيث أنه يتوجب عليه طلب عروض وإجراء مناقصة وفض عروض والكثير من الإجراءات أما في حالة القطاع الخاص فإنه يبحث عن الأفضل من حيث المواصفات والأسعار ويقوم بشرائها بشكل مباشر, والمشكلة برأي تتمثل في في أن التشريعات الموجودة حاليا ما زالت تحد من قدرة سلطة الطيران المدني في استجلاب الأدوات والتجهيزات المطلوبة لتطوير المطارات على الرغم من امتلاكه للكوادر والخبرات المناسبة.
_ التشغيل ليس على مستوى كامل المطار
وأشار الصناديقي أنه من الممكن أن تطبق عقود الBOT في حال إنشاء وتشغيل لأجزاء من المطار مثل أن يتم الإعلان عن إنشاء واستثمار مبنى صالة ركاب وفق مبدأ الBOT وليس على على مستوى كامل المطار خاصة أنه وبالدرجة الأولى ليس ثمة خبرات قادرة على إنشاء مطار جديد في سورية ورأى ان الحكومة ليست عازمة على السماح للقطاع الخاص بإدارة مطار بشكل منفرد إنما الأمر لايتجاوز جانب المشاركة مثل أن يتم إنشاء مبنى صالة ركاب وفق مبدأ الBOT مما سيرتب على مستخدمي المطار والركاب والمسافرين أسعار جديدة بالنسبة للخدمات المقدمة حيث أن أسعار الخدمات التي يقدمها الطيران المدني حاليا تراها في جانب مناسبة وفي جانب أخر غير مناسبة أما في حال استثمر القطاع الخاص وقدم الخدمات توقع أنه سيقدم الخدمات بأسعار مدروسة بشكل أكثر منطقية محققا ربحية أكثر.
وأضاف: من المفروض أن يتم فتح حوار بين وزارة النقل والطيران المدني من جهة وشركات الطيران العاملة في السوق السورية لتحديد الموقف ومعرفة المشاكل والعقبات التي تواجه مطاراتنا ومواقع الخلل وايضا أن يتم القيام بجولات اطلاعية على تجارب مطارات دول أخرى مع وجود فنيين مطلعين حتى يتم تحديد العمليات التي تستطيع سلطات الطيران المدني القيام بها .
_ المشكلة في عدة جوانب
وقال: أعتقد أن مشكلة الطيران في سورية لاتنحصر في جانب واحد أو هي مسؤولية جهة لوحدها ويجب أن نعيد التفكير من جديد مع وضع الخطوط العريضة وما الاستراتيجية لكل مطار على حدا ضمن رؤية الحكومة للمحافظة التي يقع فيها المطار وأيضا الاطلاع على الحلول والطرق التي استطاعت فيها دول الجوار أن تنشأ أفضل المطارات بالمنطقة فلماذا على سبيل المثال استطعت لبنان بمطارها استقطاب أكثر من 60 شركة طيران في الوقت الذي لم يستطع مطار دمشق الدولي استقطاب أكثر من 40 شركة, ونفكر في أفضل الطرق للنهوض بواقعنا علما أن إنشاء مطار جديد لايحل المشكلة وإنما يتوجب علينا معرفة أسباب عزوف شركات الطيران عن سورية لتتجه لمطارات دول أخرى.
وأضاف: أعتقد أن سبب السماح بالقرار الأخير يعود لتشجيع القطاع الخاص بالعملية التنموية والاستثمارية وهي خطوة هامة جدا لكن يجب أن يسبقها خطوات ودراسات وتحليلات وتحديد ما نريده بدقة.
_ تشجيع الحركة السياحية
من جانبه أكد المهندس سليم سودا المدير السابق لمطار دمشق الدولي الذي تحدث قائلا:
يجب أن نلحظ أكثر من محور يتمثل الأول في معرفة كيفية استفادة القطاع الخاص في أي مطار فمثلا في مطار دمشق الدولي فإن صالة الركاب وعندما يشغلها ويستثمرها القطاع الخاص ممكن أن تحقق وتدخل للمطار أرباح أكبر بكثير مما تحققه في حال استثمرت من قبل الطيران المدني, وتجدر الإشارة إلى أن أكثر المداخيل بالمطارات العالمية تأتي من استثمار صالات الركاب,ومن جهة أخرى يجب أن نعلم أن ليس كل مطار يكون مقصد للاستثمار من قبل القطاع الخاص فهو في اغلب الأحيان يرغب بتشغيل مطارات صغيرة مثل مطار المزة بمدينة دمشق الذي في حال تشغيله من قبل القطاع الخاص فإنه سيكون ذو فاعلية وسيحقق ربحية كبيرة خاصة للخطوط الداخلية والاقليمية مثل (عمان- بيروت- اسطنبول- بغداد) خاصة أنه قريب من مركز المدينة كما أنه قادر على استقبال الطائرات الصغيرة والمتوسطة, وفيما يتعلق بقرار الحكومة الأخير بالسماح للقطاع الخاص بتشغيل واستثمار المطارات أعتقد أنه قد سبق صدوره حالة تنسيق وتجهيز مع جميع الجهات المعنية وذات العلاقة حيث باعتقادي أن الأجهزة الملاحية والكوادر الفنية ستبقى مع سلطات الطيران المدني قائمة على المطارات أما المطلوب من القطاع الخاص فهو البناء والتشغيل.
وأضاف: وبالنسبة للدافع وراء القرار الأخير يتمثل في تشجيع الحركة السياحية في سورية وفتح مجالات للاستثمار للقطاع الخاص وهنا يجي أن نتوقف عند ما تريده الحكومة والجهات التابعة لها وهنا نتساءل :هل المطلوب من القطاع الخاص هو البناء أم الاستثمار؟
وهنا يجب التأكيد أن البناء من قبل القطاع الخاص صعب خلال هذه الفترة صعب أنه وحسب دراسات الجدوى الاقتصادية لبناء أي مطار يتم الوضع بالحسبان أن يتم تتحقق كلفة البناء للمطار خلال مدة طويلة تقدر بعشرات السنين وبرأي أن القطاع الخاص لايميل نحو استثمار يجمد فيه رأس المال لفترة طويلة من الزمن لذا فإنه باعتقادي لن يدخل بمجال البناء وإنما بالتشغيل.
_ تحفظ على مشاركة الخاص
كما التقينا مدير عام شركة أجنحة الشام للطيران عصام شموط والذي تحدث قائلا:
اعتقد ان قرار السماح للقطاع الخاص بتشغيل المطارات سيمر بنفس العقبات التي تمر بها شركات الطيران الخاص في سورية حيث ثمة الكثير من التحفظ على المشاركة من قبله خاصة بالنسبة للبناء حيث أن وزارة النقل والجهات التابعة لها لم تستطع دعم دعم شركات الطيران الخاصة لا على العكس حيث أنه ساهمت في كثير من الأحيان في إفشال هذه التجربة لذا فإن موضوع دخول القطاع الخاص في بناء وتشغيل المطارات ستكون تجربة ليست بافضل من تجربة شركات الطيران الخاصة التي مازالت تتعرض لكثير من العقبات والصعوبات.
_ إلغاء حصرية السورية
وقال: أعتقد أنه إذا لم تلغ حصرية مؤسسة الطيران العربية السورية لن نلحظ اي مبادرة للاستثمار سواء بالنسبة لتشغيل المطارات أو شركات الطيران فوزارة النقل تعتبر أن وزارة معنية بالقطاع العام فقط ومتناسية أنه معنية أيضا بالقطاع الخاص العامل في مجال النقل بشتى أنواعه وأسمح لي أن أشير إلى أننا كمستثمرين مع الاستثمار في مجال تشغيل المطارات ولكن ثمة الكثير من الأمور التي يجب القيام بها مثل ضرورة الاطلاع على التجارب الاخرى في هذا المجال مثل تركيا فثمة مطار (صبيحة) الذي كان مطار عسكريا ثم تم تحويله لمطار مدني بعد أن تقد إتحاد شركات تركي ماليزي هندي قام ببناء المطار وفق مبدأ الBOT بقيمة مليار دولار على أن استثمار العقد لمدة خمسين سنة وهي تجربة حيوية هامة .
_ أخيرا:
نلاحظ بعد هذا العرض أن المشكلة تكمن في طريقة تعاطي وزارة النقل والجهات التابعة لها مع قضايا الاستثمار المعروضة على القطاع الخاص حيث أنه من المفروض وعند السماح للقطاع الخاص بالإقدام على الاستثمار في أي مجال هو الإباحة أي أن يتم السمح للمتقدم بجميع المزايا مع وضع ضوابط وتعليمات منطقية لضبط العملية الاستثمارية إلا أن الوزارة تقوم باتباع العكس حيث أنها تمنع كل المزايا لتجعل من تقد للاستثمار يندم على ما قام به وعلى سبيل المثال تؤكد المصادر أن السورية للطيران قد حصلت على أتاوات من شركة طيران خاصة تعادل 200 مليون ليرة سورية خلال عام 2009 في حين أن الشركة نفسها لم تحقق أرباح تتجاوز 19 مليون وتجدر الإشارة غلى أننا مصرين على تحقيق الأرباح لصالح السورية ولكن ليس بهذه الطريقة التي تقوم على مبدأ استغلال الحصر لأعلى درجة على حساب من يعمل ويتفانى لتحقيق الأرباح وأعتقد أن هذا هو الحال بالنسبة للاستثمار بالمطارات الذي تحوم حوله الكثير من الشكوك والذي لن يكون حاله بأفضل من تجربة الطيران الخاص لذا نقترح على وزارة النقل والجهات التابعة لها بأن تقوم بإعادة الحسابات وتجاوز الأخطاء التي ارتكبت بتجربة الطيران الخاص خاصة أن الوقت مازال متاحا وإلا لن نشهد إقدام فعلي على الاستثمار في هذا المجال.