الثورة أون لاين – ترجمة ختام أحمد:
إعلان تحالف عسكري جديد بين أستراليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة باسم “AUKUS” هو إعلان نوايا حرب تجاه الصين، والمؤشر الذي يخبرنا عن هذا العدوان هو إمداد استراليا بغواصات تعمل بالطاقة النووية.
بعد أيام قليلة فقط من إعلان هذا التحالف العسكري الجديد بين المحيطين الهندي والهادئ، كان الرئيس الأمريكي جو بايدن يخاطب الجمعية العامة للأمم المتحدة ويصدر نداء رسميًا، من بين أمور أخرى، من أجل “إنقاذ الكوكب” من تغير المناخ المعاكس”.
إن التراخي والتفكير مزدوج النفاق مذهلان، حيث حصل بايدن على منصة واحترام في منتدى تأسس في الأصل على منع العدوان والحرب – بعد أيام فقط من كشفه عن خطة حرب استفزازية ضد الصين إلى جانب بريطانيا وأستراليا.
يعتبر توريد الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية إلى أستراليا خطوة هجومية بشكل قاطع، حيث تتمتع هذه السفن بنطاق دوريات أكبر مقارنة بالغواصات التقليدية وتهدف إلى السماح للقوات البحرية الأسترالية بالتسلل إلى الصين، كما يمكن تجهيزها بشكل عملي بصواريخ نووية على الرغم من النفي الرسمي لذلك.
أستراليا دولة غير نووية عليها التزامات بموجب معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، وعليه فإنها الطرف الذي يغير وضعه عن طريق انتهاك التزامات المعاهدة وليس الصين، في الحصول على غواصات تعمل بالطاقة النووية من الولايات المتحدة وبريطانيا.
ألغت أستراليا عقدًا قائمًا بقيمة 56 مليار يورو مع فرنسا لتزويد السفن التي تعمل بالديزل والكهرباء ما أثار هذا القرار غضب باريس التي نددت به ووصفته بأنه “طعنة في الظهر” من قبل الحلفاء، و لكن الأهم في القرار ليس المشاحنات والسرقة الدنيئة للأعمال المربحة من قبل حليف من آخر، إنما هو الانتقال من تصميم الغواصات التقليدية إلى الطاقة النووية الأمريكية هو المفتاح لفهم مدى خطورة أجندة الحرب. اتفاق AUKUS الذي كشف عنه بايدن في 15 أيلول في مؤتمر صحفي افتراضي مشترك مع رئيسي الوزراء البريطاني والأسترالي لم يذكر الصين على وجه التحديد، لكن هذا الإغفال هو أكثر من التخفي الذي يدعم التحالف الجديد الشرير، ومع ذلك سارعت بكين إلى إدانتها باعتبارها استفزازًا من شأنه زعزعة استقرار منطقة المحيط الهادئ، كما حذرت الصين أستراليا نتيجة لاتفاقها العسكري مع الولايات المتحدة وبريطانيا.
إن هذا الحلف الذي تشكل ولا مفر منه ما هو سوى قاعدة حرب من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا تجاه الصين، ومع ذلك فإن القادة الأنجلو أميركيين يقللون من شأن الأجندة الإجرامية بدعوى الازدراء، وبدلاً من ذلك يزعمون بسخرية أن اتفاقية AUKUS لا تشكل تهديدًا لأي شخص، حتى أن رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون كان لديه الجرأة ليقول إنه “منفتح” على المحادثات مع الصين بعد أنباء عن AUKUS والغواصات النووية.
كما أن وسائل الإعلام الغربية السائدة متواطئة في الرضا الجنائي، لم يشكك أي منفذ أو ينتقد الأساس المنطقي لمثل هذا الاتفاق العسكري الاستفزازي، لقد قامت وسائل الإعلام بترديد الرواية التي لا أساس لها من الصحة بأن الصين تمثل “تهديدًا متزايدًا” ولذلك يجب تحديها.
لا يوجد تفسير حول الكيفية التي يُفترض أن تهدد بها الصين الأمن العالمي بالضبط، وقد صيغت بعبارات غامضة مثل “النفوذ المتوسع” أو “البصمة” لتلك الدولة، ويتم تبني هذه الفرضية الخاطئة المتمثلة في تشكيل تهديد كما لو كانت حقيقة يتم استخدامها بعد ذلك لتبرير ما هو خطة غير مسبوقة للعدوان من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا – نوع العدوان ذاته الذي تأسست الأمم المتحدة في عام 1945 لحظره بعد همجية الحرب العالمية الثانية.
يدعي تقرير نيويورك تايمز بالقول: إن التحول إلى الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية على أنه مبادرة من الحكومة الأسترالية وهي التي تريد الحصول على هذه التقنية بدلاً من التصميم الفرنسي التقليدي لأن التصميم الأمريكي أكثر تطوراً وله مدى أطول ويصعب اكتشافه، وهذا يعني ضمنيًا أن الأمريكيين والبريطانيين فقط هم الذين يمكنهم توفير البديل الأفضل وتبقى تحت سيطرتهم.
ولكن الفرنسيين في الأصل عرضوا على أستراليا التصميم النووي للغواصات التي يتساوى أداؤها مع الغواصات الأمريكية.
وإن أستراليا في الأصل اختارت فرنسا لتزويدها بالغواصات النووية وهو الخيار الأفضل والأسهل من أجل توفير المال، لكن ما الذي حدث ؟!.
هنا تكمن الحقيقة التي أخفاها تقرير نيويورك، فالقصة الحقيقية تشير إلى كيفية “بدء إدارة بايدن إشراك أستراليا وبريطانيا بجدية بشأن استراتيجيتها الناشئة لمواجهة الصين” في الفترة التي سبقت تخريب عقد الغواصة الفرنسية، ويضيف التقرير: “إن بايدن يتابع تنفيذ ما وصفته إدارة أوباما قبل 12 عامًا، بـ” المحور نحو آسيا”.
لذلك لم تكن مبادرة أستراليا للتخلي عن العقد الفرنسي أو التحول إلى برنامج نووي بل كانت خطة مرسومة من إدارة بايدن، والهدف هو إخضاع أستراليا وبريطانيا بشكل أكثر إحكامًا لقيادة واشنطن بسبب خطتها الحربية ضد الصين.
بقلم: فينيان كننغهام
المصدر: Strategic Culture