الثورة أون لاين – غصون سليمان:
غالباً ما نتحدث أفراداً وجماعات عن بناء الإنسان، وتكثر وجهات النظر والآراء حول الدروس والنظريات الاجتماعية المتعلقة في هذا الإطار، حيث يفند كل شخص معرفته بهذا الجانب حسب مستواه التعليمي، ودرجته الفكرية والمعرفية، وأيضا حسب البيئة والتربية الملازمة والمحيطة بكل عوامل التنشئة.
البعض يرى أن بناء الفرد لاينفصل عن بناء المجتمع، فعندما يكون الإنسان في إطار صداقات وعلاقات قربى مشوهة لايمكن أن يكون إنساناً سوياً وقويماً، مايعني أن استقامة الفرد هو باستقامة البناء المحيط به.
ومن وجهة نظر الدكتور أحمد الأصفر أستاذ قسم علم الاجتماع جامعة دمشق، فإن بناء الإنسان يكون من خلال أمرين هامين هما الثواب والعقاب، ونحن لغاية الآن يبدو أن هذه المعادلة لم تطبق إلا في حدودها الدنيا ربما.
واذا كان السؤال هنا من أين نبدأ من الأسرة أم المدرسة؟
كان جواب الدكتور الأصفر أن المرء يبدأ من نفسه ومن الموقع الذي هو فيه ويشغله سواء أكان أباً وإما مديراً لمؤسسة، لمدرسة، لمعمل وغيره. والفكرة بما تعني هنا أنه لايوجد جهة محددة معينة لأن تبدأ وتقوم بعملية البناء وخلق الشيء المتميز والمبدع، فكل إنسان يجب أن يبدأ بنفسه، انطلاقا من مقولة “إذا أردت أن تغير العالم ابدأ بنفسك”.
فالجميع معنيون من أصغر فرد إلى أعلاه، من المحامي و القاضي إلى معلم المدرسة والاستاذ الجامعي، والطبيب والمهندس والجندي والضابط في الجيش والصحفي والإعلامي والموظف والعامل والفلاح ووفق كل فئة من فئات المجتمع دون استثناء. وحسب الموقع الذي يشغله الفرد، يجب أن يكون مؤتمناً عليه.. معتمداً معادلة الثواب والعقاب بمنهجية الفعل والأجر والسلوك.
وإذا ما أسقطنا ماتقدم على حياة الإنسان السوري في هذه الظروف العصيبة وإن كان قادراً على أن يسلك اليوم ويطبق معادلة الثواب والعقاب يرى الدكتور الأصفر أنه حين يخرب الإنسان ويفسد فعله فإن كل شيء يخرب وينتهي من حوله، فإذا لم يطبق الثواب والعقاب في التعليم على سبيل المثال لا الحصر، كيف سينجح الطلاب؟ وإذا لم يعط الطالب المتفوق حقه والكسول ملاحظته على تقصيره وحثه على استدراك هذا التقصير، هل تستقيم الأمور في بناء الذات والمجتمع؟ فعبر التاريخ كله لم يستطع أحد ما أن يتجاوز هذه المعادلة “الثواب والعقاب “.
ويؤكد هنا الدكتور الأصفر أن من استغنى عن هذه المعادلة في أي مجتمع من المجتمعات وارتكب المخالفات والجرائم من خلال وضع الشخص المناسب في غير مكانه، وإبعاد الكفاءات والخبرات عن الأمكنة التي يجب أن تشغلها، فإن ذلك يقتل روح العمل وحب الاجتهاد مايدعو إلى الإحباط واللامبالاة وكسر الخواطر.
وإذا ماعدنا إلى موضوع الأخلاق كمعادل إنساني، تنويري، في إطار السلوك والمعرفة، يشدد الدكتور الأصفر في هذا المجال على أن الأخلاق هي أساس الحضارة، والحضارة من دون أخلاق ليست حضارة، وبالتالي من يتحدث عن الوطن، وعن التنمية والتطور، يجب أن يجسد كلامه بالأخلاق، لافتاً أن هناك قواعد أصيلة ثابتة لم تتغير بتاريخ العالم، وإنما تغيرت أشكالها، ملابساتها، منوهاً على أن مسألة الثواب والعقاب هي تنشئة في الإدارة والعمل، وهذه قاعدة لايمكن نكرانها.
وأضاف أستاذ قسم علم الاجتماع في حديثه “للثورة” أن العدو في الحروب وعبر تاريخه الطويل يستخدم دائماً وأبداً، سياسة فرق تسد، رغم تغييره للاستراتيجية بطرق ووسائل مختلة، إلا أنٌ نهجه الأساسي يعمل على مبدأ فرق تسد.
لذلك لابد على الإنسان وكل شخص في هذا الوطن أن يكون غيوراً عليه من خلال احترامه لذاته وتقديره لنفسه ليدرك أهمية وخصوصية المجتمع والوطن، لا أن يتحدث بالشعارات ويكتفي بالتنظير، فالانتماء هو بالعمل الصالح والصحيح، الذي يدعو إلى التعاون والتماسك والتعاضد والغيرية على وطن وشعب قاوم عبر تاريخه وما زال كل أشكال القهر والظلم والعدوان.
فهل يبدأ كل فرد بنفسه لنخفف من وجع المجتمع وآلام الوطن