الثورة أون لاين – راغب العطيه:
على عكس اهتمام روسيا بتعزيز مشاريع التعاون والتنسيق بينها وبين الولايات المتحدة الأميركية من خلال القنوات المعتمدة بين البلدين حفاظاً على الاستقرار العالمي، تقوم واشنطن وحلف الناتو بأعمال استفزازية على مقربة من الحدود الروسية في البحر الأسود اعتبرتها موسكو لعباً بالنار وتهديداً للأمن الإقليمي في هذه المنطقة ذات الحساسية الخاصة بالنسبة للروس.
ومع أن جميع تحركات الغرب في هذه المنطقة مرصودة وتحت أنظار روسيا على أعلى المستويات، إلا أن واشنطن وأتباعها مصرون على متابعة استفزازهم لموسكو بأعمالهم العدائية.
وقول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تعليقاً على دخول سفينة القيادة البحرية الأميركية للبحر الأسود: “ها هم دخلوا.. يمكننا مشاهدتهم بالمنظار، أو عبر حدقات التصويب في منظوماتنا الدفاعية” لهو أكبر دليل على وضع القيادة الروسية لتحركات الناتو وأميركا على محمل الجد، وعدم تهاونها في الرد على أي تصعيد قادم ، وهو ما أعلنه المسؤولون الروس بشكل واضح في كل المناسبات، والتصريحات التي تصدر عنهم بدءاً من الرئيس بوتين وصولاً إلى القيادات العسكرية ووزيري الدفاع والخارجية تؤكد أن روسيا لن تقف مكتوفة الأيدي إزاء أي تهديدات غربية محتملة.
وإعلان أسطول البحر الأسود الروسي عن قيام الفرقاطة “الأميرال إيسن” التابعة له بمناورات على تغطية السفن الروسية في شبه جزيرة القرم من التعرض لضربة جوية من العدو المفترض، يعد رداً مباشراً على دخول المدمرة الأميركية “بورتر” المسلحة بصواريخ كروز، وسفينة القيادة الأميركية “ماونت ويتني” إلى مياه البحر الأسود.
وفي السياق نفسه قام سلاح الجو الروسي برصد 4 طائرات استطلاع تابعة للناتو وقام باعتراضها، وقالت وزارة الدفاع الروسية: إن تدريبات الناتو غير الروتينية في منطقة البحر الأسود، بالقرب من حدود روسيا الاتحادية، هي أعمال عدوانية من قبل الولايات المتحدة وتشكل تهديداً للأمن الإقليمي، مشيرة إلى أن طائرة استطلاع “RC-135” تابعة لسلاح الجو البريطاني حاولت الاقتراب من الحدود الروسية بالقرب من جنوب غرب شبه جزيرة القرم، وأن مقاتلة روسية من طراز “سو-30” أقلعت واقتربت من الطائرة البريطانية على مسافة نحو 30 كيلومتراً من حدود روسيا، وأجبرتها على تغيير مسارها والابتعاد عن الحدود الروسية.
وبالرغم من أن هذه المناورات مستفزة لروسيا ومقلقة لها إلا أنها لم تقطع حبل الوصل مع الطرف الآخر، حيث أكد الناطق باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف أنه كانت هناك اتصالات دائمة بين العسكريين من البلدين، وقال: بشكل عام كانت هناك اتصالات على مستوى الأركان العامة، وهذا الأمر إيجابي جداً، لكن مثل هذه التحركات بالقرب من حدودنا بالطبع تعد سبباً للاهتمام المتزايد والإجراءات الأمنية المشددة.
وكانت وزارة الدفاع الروسية أفادت في وقت سابق بأن السفن التابعة للقوات البحرية الأميركية وصلت للمشاركة في المناورات الدولية التي تجريها القيادة العامة للقوات المسلحة الأميركية في أوروبا بمنطقة البحر الأسود، وأن هذه المناورات تشارك فيها المدمرة “بورتر” الحاملة للصواريخ الموجهة، وناقلة وسفينة قيادة، مؤكدة أن هذه الأعمال تؤدي إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة.
وقد حمّل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الولايات المتحدة الأميركية المسؤولية عن تصعيد الأوضاع في منطقة حوض البحر الأسود بإرسال سفنها الحربية إلى هناك، معتبراً أن هذا لا يُسهم في تعزيز الاستقرار الدولي.
لافروف قال على هامش قمّة مجموعة العشرين في روما مؤخراً: إنّ روسيا مستعدة لضمان الأمن في البحر الأسود وللأراضي الروسية، وإنها جاهزة لأيّ تهديدات، مشدداً على أن البحر الأسود من الأولويات بالنسبة لموسكو، وختم كلامه بالقول: لكننا دائماً نؤيد تعزيز مشاريع التعاون، لا المشاريع التي تقوم على المواجهة.
وكانت الولايات المتحدة وأوكرانيا وكندا وبريطانيا وهولندا، ودول أخرى حليفة لواشنطن أجرت مناورات عسكرية ضخمة في الصيف الماضي في البحر الأسود، ردت عليها روسيا بتحليق طائرات حربية لها في البحر الأسود، وقالت حينها إنه للتدرب على قصف السفن المعادية بالمنطقة التي تتدرب فيها حالياً القوات الغربية.