الثورة – سلوى إسماعيل الديب:
طرحت الباحثة “رشا العلي” محاضرة بعنوان إشكالي “السرد العنكبوتي والمستقبل المؤنث” في مقر فرع حمص لاتحاد الكتاب العرب، وهو عنوان مثير يدفع المتابع لطرح العديد من التساؤلات، لتوضح الباحثة فكرتها قائلة :
من الممكن أن نطلق على السرد النسوي تسمية مجازية تناسب وظيفته المستهدفة من معظم الكاتبات، هي (السرد العنكبوتي) التي تتناسب مع المهمة المستهدفة في هذا السرد، وهي الخلاص من الذكر ، فهنا الأنثى السردية أشبه بأنثى العنكبوت، التي تقوم بقتل ذكرها بعد أن تنتهي مهمته الحياتية ، بعد أن تنفرد بأفعالها وسلطاتها، لتعوض ما فاتها في مرحلة التهميش الطويلة التي عانت منها، وتكمن الفكرة بإسقاط ما تفعله أنثى العنكبوت على السرد الروائي، من خلال مجموعة من الإجراءات التي تقوم بها الأنثى داخل السرد، هذه الإجراءات تبدأ بتهميش الدور الفعال للذكر، للاستحواذ على بعض سلطاته، وأحيانا تقوم بتشويهه داخلياً وخارجياً، وتعمل أحياناً على إلحاق العجز الجسدي والعقلي بالذكر إلى أن تنتهي بالخلاص منه.
وقد سلطت الباحثة الضوء من خلال المحاضرة على العديد من النماذج الروائية مثل: الرواية المستحيلة فسيفساء دمشق ، للكاتبة غادة السمان، ورواية “هكذا يعبثون “لأمينة زيدان ، و”دفاتر الطوفان” لسميحة خريس من الأردن، ورواية “طرشقانه” لمسعودة بو بكر من تونس، الروايات تنتمي لبيئات عربية مختلفة، لكنها تجتمع عند إجراءات معينة قام بها السرد، وربما تكون هذه الأعمال كرد على الواقع الثقافي الذي يحاول تهميش الأنثى، بالتالي هي تسعى من خلال هذا السرد لقتل الذكر، لتنفرد هي بأفعالها وسلطاتها، وفي نهاية جميع هذه الروايات كانت الغلبة عالم الأموات للذكور، فهي تسعى لتمويت الذكر تقديرياً أو فعلياً، فعلياً من خلال بث مجموعة من الشخصيات الذكورية العاجزة أو ذات فعل سلبي داخل السرد، وبالتالي هي تهدف كشف طبيعة الرجل الشرقي هذه الطبيعة المتناقضة، فقوله مناقض لفعله داخل هذه الروايات، وبالتالي تكشف عيوب المجتمع الشرقي، وترد على الواقع الثقافي الذي يعلي الذكر إعلاء مطلق، وتسعى لحركة مضادة إعلاء الأنثى في مجموعة من الوقائع السردية، وكل ذلك لخلق سلطة نسوية، داخل هذه النصوص لذلك أطلقت عليه اسم السرد العنكبوتي والسلطة المؤنثة، وبالفعل تحققت هذه السلطة من خلال خلق مجموعة من النساء المتمردات داخل هذه النصوص، اللواتي فقدن إيمانهن بالأطر الثقافية التقليدية، لأن هذه الأطر حصرتها في الهامش، وضيقت الخناق عليها، وبالتالي حرمتها من الكثير من حقوقها، فأرادت الانتقام بطريقتها.
وأشارت الباحثة لاعتمادها على قراءاتها السابقة في الرواية، حيث كانت تدرس هذه النصوص من وجهة نظر مختلفة.
وأشار الأديب “محمد الدنيا ” في بداية المحاضرة بأن الباحثة “رشا العلي” أستاذ مساعد في كلية الآداب قسم اللغة العربية بجامعة البعث، ولها أربعة كتب مطبوعة عن الرواية والمسرحية، شاركت بعشرين مؤتمرا ، وهي عضو في اتحاد الكتاب العرب، تخرجت من جامعة عين الشمس في مصر .
تميزت المحاضرة بحضور نخبة مثقفة تنوعت ردود أفعالهم بين معارض ومؤيد لما طرحته من أفكار جديدة بطريقة جريئة حيث سمت الأمور بمسمياتها دون رتوش أو تجميل، فكان الحضور منصتاً متابعاً، وفي نهاية المحاضرة جرى نقاش شيق بين الباحثة والحضور.