الثورة – حمص – رفاه الدروبي:
الفنان التشكيلي عون الدروبي من الفنانين المميزين ومؤسسي العمل النقابي المعاصر مع فيصل عجمي ورشيد شما في حمص طرق باب المدرستين التجريدية والتعبيرية وتناول تجربته الفنيّة بأطراف حديث ودود لطيف وكأنَّك تشرب ماءاً مثلجاً في صيف حار خلال حوار تمَّ تكريمه فيه من قبل نقيب الفنانين إميل فرحة احتضنه فرع حمص لاتحاد الفنانين التشكيليين.
بدأ الفنان الدروبي حديثه عن ملكات يتحلى بها الفنان التشكيلي لخصها بثلاثة مفردات أولها حب العمل ولما له من دور كبير ويتبعه صدق المشاعر والأحاسيس للوقوف ضد مغريات متعددة تجاه تقديم إنتاجه ومتابعته لتحقيق استمراريَّته لافتاً إلى بدايات سطوع موهبته فقد ظهرت منذ الطفولة كمعظم الأطفال عندما شغفه حبَّاً درس الرسم كي يعبِّر عن مكنوناته فكانت أنامله تكون شخصيات شعبية على صفحات دفاتره البيضاء مشيراً إلى صقل موهبته في المرحلة الإعداديَّة لأنَّه أصبح بإشراف مختصين خريجين من العاصمة في حمص عينتهم وزارة التربية ورفدت المدارس بمراسم في بداية ستينيات القرن الماضي فتحول حبَّه الإبداعي إلى حقيقة في فترة وجود أساتذة كبار أمثال صبحي شعيب وعبد الظاهر مراد ومصطفى بستنجي وراح يرسم لوحات نهج فيها المدرسة الواقعيّة ما أعطاه ذخراً لرسم البورترية مستقبلاً.
مع مجموعة من الفنانين أمثال عبد القادر عزوز وعبد الظاهر مراد راحوا يخرجون للهواء الطلق ووجدوا في الريف الشرقي مبتغاهم ومنها بلدات زيدل وفيروز والدوير وأتبعها بجولات للمدينة القديمة بشوارعها وأزقتها وحاراتها العتيقة وما تحمله من تراث ولم يكتف بما رسمه بل انتقل مع رفاق الدرب إلى الريف الغربي الجميل بظلاله وجمال طبيعته الغناء بأشجاره وسهوله وأوديته حيث أدخلها ضمن لوحاته، مبيناً نقطة تحوّل لديه كانت في بداية تسعينيَّات القرن الماضي عندما دخل الإنسان بشكل معبر واقتربت أعماله إلى المدرسة التجريدية وعلقت لوحاته مع مجموعة من الفنانين بمعارض داخل القطر وخارجة في لبنان والأردن.
كما تناول خلال حديثه أهميّة فناني حمص وتمتعهم بلمسة فنيَّة نالت الاستحسان في جميع المعارض تخلَّلها شيء من الروحانية باح بها كثير من النقاد والمختصين استمر الاتجاه ذاته لديهم حتى العقد الأول من القرن الحالي ورغم قلة عددهم في المحافظة إلَّا أنَّ دافعاً ما زال يحفِّزه للاستمرار بتقديم أعمال جديدة فقد استطاع بريشته اللجوء لتوثيق تاريخي لمدينته ومنها خميس المشايخ والميلوية ويبدو في لوحاته سحر يتسلل في النفس نتيجة استخدامه ألوان شفافة مشرقة تعطي هدوءاً نفسياً وانطباعاً يشعرك بالفرح أثناء مشاهدتها حيث استقاها من بادية تدمر وآثارها وبلحها وزيتونها وتراه يتنقل بين البرتقالي والأزرق والأصفر والترابي تدرجاتها المشبعة بمساحة لونية مزجت بين الإبداع والإحساس كي يقدم عملاً متكاملاً وكأنَّه يلعب مع ألوان قوس قزح في يوم ربيعي مشرق.
ثم تابع قائلاً: عن امتلاك الفنان مع الزمن احترافيّه تتولد بالعمل الدؤوب حتى تراه أصبح يتمسك ببعض لوحاته لأنَّه اعتبرها قفزة لديه وحالة شعور دافق وكثيراً ما لجأ لعدم التفريط بها وخاصة بعد تجربته مع الحداثة باستخدامه البخ والكولاج ما أعطاه غناً وأصبح باللاشعور ويتوجه إلى أسلوب مختلف بهدف التجديد خوفاً من عدم التقدم أو التكرار مضيفاً عن عدم مشاركته بمعارض فردية فقال: إنَّه ليس لديه رغبة تجاهها وغالباً يفضل المشاركة الجماعية لتبادل الخبرات والتلاقح الفكري خاتماً حديثه بأنَّ اللوحة تحمل أحاسيس وتولد شعوراً بجماليتها وأيُّ لوحة تحمل فناً له أبجدية وكل فنان لديه في داخله تذوّق للوحة والمتلقي يقرأ كما يحلو له وحسب إحساسه وشبهها بمقطوعة موسيقية.