الثورة – ايمن الحرفي:
يقولون العقل مثل الحديقة، إما أن تزرعها بورود الأمل و التفاؤل، أو تملأها بشوك اليأس و التشاؤم فتفاؤلوا بالخير تجدوه، و نحن نقول الأمل و التفاؤل ميزتان منحنا الله إياها و هما زهرة الحياة فبهما نزداد رونقاً و جمالاً، و يبعثان نوراً يضيء طريقنا، و نأخذ القوة و العزيمة و الاستمرار، و يمنحانا نظرة إيجابية تبعث في النفس الطمأنينة و الراحة، و يشعراننا أن كل شيء ممكن.
فالإنسان ممكن أن يعيش بلا بصر و لكنه لا يمكن أن يعيش بلا أمل، فقم بواجبك و أكثر قليلاً و سيأتي المستقبل من تلقاء نفسه، فالأمل هو تلك النافذة التي مهما صغر حجهما إلا إنها تفتح آفاقاً واسعة في الحياة.. يقول أحد الناجحين: ( لولا تحدياتي ما تعلمت، و لولا تعاستي ما سعدت، و لولا آلامي ما ارتحت، لولا مرضي ما شفيت، لولا فقري ما غنيت، و لولا فشلي ما نجحت )، و يقول وليم شكسبير:( الإصرار على التفاؤل و التمسك بالأمل قد يصنع ما كان مستحيلاً )، التفاؤل والتشاؤم من الظواهر الشائعة في حياة الإنسان، و هما ظاهرتان لهما تأثيرهما الكبير على حياته سلباً أو إيجاباً، و لاسيما عند الشباب الذين سرعان ما يصاب بعضهم بالإحباط و اليأس عند أول عقبة تصادف الواحد منهم فتثنيه عن عزمه و تعطل جهده و يستسلم و لو مؤقتاً للأمر الواقع.
و لما كان العمل و التفاؤل هما المصدران الأساسيان لتحقيق ما يريده الإنسان نجد أن التشاؤم هو العدو الأساسي للنجاح.
و الأشياء التي يتفاءل الإنسان بها أو يتشاءم منها لا تكاد تقع تحت حصر ما، هناك مثلاً من يتفاءل بصوت العصافير أو برؤية الحمام الابيض، و هناك من يربي سلحفاة في منزله لتجلب له الخير و الحظ السعيد أو يعلق على جسمه أو يحتفظ بسيارته بتميمة تحقق له الغرض نفسه في اعتقاده و أشهر تميمة في هذا المجال الخرزة الزرقاء، و هي في الأغلب رمز تسرب إلينا من أسطورة قديم ، وطبعاً كلها اعتقادات خاطئة يرتاح إليها بعض الناس لتفسير ما يحدث لهم من ظواهر بشكل خاطئ.
التفاؤل و التشاؤم مسألة ترجع إلى الفرد نفسه و إلى البيئة التي نشأ فيها وإلى طبيعة المجتمع و هناك من يتملكه التشاؤم و يركبه الهم اذا صادف في طريقه قطة سوداء أو وقع الرقم ١٣ ضمن تعاملاته المالية أو الاجتماعية، و هناك من يتوقع الشر لمجرد أنه رأى غراباً، أو سمع صوت بومة تنعق، أو اهتزت يده رغماً عنه -فانسكب فنجان القهوة.
و الكثير من أمثال هذه المعتقدات الخاطئة و العادات و التقاليد السائدة عند بعض المجتمعات، و هي حالة نفسية لها جذورها في اللاشعور و هذا ما يوضحه الباحث الاجتماعي عبد العزيز الخضراء قائلاً: علينا ألا نغالي في الاتجاه نحو التفاؤل أو التشاؤم، فالتشاؤم يصدر عن ضعف الثقة في النفس و المبالغة في الخوف من الفشل، و عدم المغالاة في التفاؤل فلنكن على ثقة بالله فلا نخاف المستقبل و لا نرهبه فالتفاؤل مادة النصر في كل مجال و لكل نجاح، فالمجتمع الجديد تقوم دعائمه و أساسه على التفاؤل، فالمتشائم هو الذي يوجد العقبات أمام الفرص التي تسنح له، والأحمق يرى الضوء و لا يصدقه .
اما المتفائل فهو من يجعل من الصعاب فرصاً تغتنم و يرى روح التفاؤل قوة دافعة له و التي لها الأثر البعيد والمفعول الأكيد في النجاح و تنشيط العقل.
و في هذا السياق سئل الفيلسوف ( جورج برناردشو) يوما، من هو المتفائل و من هو المتشائم فقال: ( المتفائل يرى ضوءاً و كل ما حوله ظلام، والمتشائم هو الذي يرى ظلاماً و كل ما حوله نور ) و الحقيقة أن الفرق بين المتفائل و المتشائم كالفرق بين الناظر إلى النصف المملوء من الكأس و الناظر إلى النصف الفارغ منه، كذلك اذا نظرت بعين التفاؤل إلى الوجود لرأيت الجمال شائعاً في كل ذراته.
و ختاماً لا ننسى ما قاله نيلسون مانديلا: ( التعاطف الإنساني يربطنا ببعضنا و ليس بالشفقة أو التسامح و لكن كبشر تعلموا كيفية تحويل المعاناة المشتركة إلى أمل بالمستقبل )..
وكما يقول أبو القاسم الشابي:
يا قلب لا تقنع بشوك اليأس من بين الزهور ،فوراء أوجاع الحياة عذوبة الأمل الجسور.
و أخيراً رافق الأشخاص الإيجابيين فمن بينهم من هم الأمل بذاته.