الثورة – سلوى إسماعيل الديب:
“لم يعد الكوانتم حكراً على العلوم الرياضية والفيزيائية بتعقيداتها وصعوباتها المجال المثير .. بل تعدّت إلى العلوم الإنسانية وأولها الفلسفة التي لا تقل صعوبة هي الأخرى فتحت للعقل البشري البحث في أبواب أخرى ، كانت موصدة في أقفال البديهية ..” بهذه الكلمات اختصر الباحث محمود نقشو محاضرته التي قدمها في فرع حمص لاتحاد الكتاب العرب بعنوان ” الفن والأدب في العالم الكوانتي” سنورد بعض ما ورد فيها حيث أشار بعض الحضور لصعوبة التعاطي مع ما ورد في المحاضرة المتعلقة في الفن الكوانتي:
في الفنّ والأدب تعني الكوانتية الانطلاق من الجانب الأخر لمكونات العمل الفني أو الأدبي، بمعنى إيجاد طريق جديد كي لا تستدير الثقافة والفنون وتنغلق و تتكرر داخل ثوابت، كما أشار”نيتشه” الفيلسوف حين قال : إن كل شيء سنكرره وسنرجع إلى بداية الانطلاق .
مما قاله نقشو: وأدت ثورة الكوانتم إلى ظهور جماليات التنافر والتشظّي، أي أنها خلقت مفاهيم جديدة تختلف اختلافاً بيناً عن مفاهيم التقاليد الموروثة من العصور السابقة كلها، وتمثلت في المنظور غير التقليدي في الرسم والتصوير ، ذلك أنه ابتكره فنانو الانطباعية والتكعيبية والتعبيرية التجريدية، وباقي مدارس الفن المنوعة والمدهشة، والمنظور الأساسي عدم يقين الفنان بما يراه، جرى ذلك في القرن العشرين الصاخب.
وأشار”نقشو” للمشكلات الأساسية قائلاً:هي أن هذا العالم الكبير غير الغريب، الغريب لدرجة أن (إرفين شرودنغر ) أهم واضع معادلات الكوانتم الرياضية ندم على إسهامه في هذه النظرية حين لم يفهمها..
وعلى صعيد الأدب رأى “أدونيس” في الشعر نظاماً يبتعد بالكلمات…، يقول “محمود درويش” طوبى لشيء غامض ، طوبى لشيء لم يصل..
وأضاف : لن يتقبل من اعتاد مفهوم الجاذبية تملأ الفراغ والعالم، فكرة موت الجاذبية في العالم ، أما النصوص التي تتغلغل كي تصل إلى مخزون الذرة والنواة نصوص لا يفهمها السرد الكلاسيكي .
الفن التشكيلي الذي أهمل الأبعاد والزوايا، فكسرها وطواها كي يلصقها على اللوحة..
واختتم “نقشو” قائلاً:الكوانتم قصة مثيرة وثرية من قصص العلم التي غيرت وجه العالم، ومازالت، العالم المدهش الذي يبهر مكتشفي (الكوانتم)، وأضاف بعضهم ، إنها الحقيقة الكامنة في أضعف خلقه أصغرها.
خلال استماعهما إلى محاضرة..كتب بول (إرنست)ملاحظة صغيرة على ورقة ، مررها إلى صديقه أينشتاين قال فيها: (لا تضحك فهناك مكان خاصّ لعقاب التكفير عن الذنوب العالمية يوم القيامة، مخصص لأساتذة نظرية الكوانتم وفيه سيجبرون على الاستماع إلى محاضرة حول الفيزياء الكلاسيكية لمدة عشرة ساعات يومياً .. رد أينشتاين على ذات الورقة (أنا أضحك فقط على سذاجتهم ، لكن من يدري من سيضحك في النهاية؟).
لم يكن هذا أمراً مضحكاً أو للمزاح بالنسبة لأينشتاين، فنقطة الخلاف هي في صلب الحقيقة وهي في روح الفيزياء ، فكم كان (فولتير) متسرعاً قبل قرنين تقريباً وقت كان الصراع على أشده بين الفيزياء وما يتعداها (الميتافيزيقيا) ووقت كان على البشر أن يختاروا بينهما ، ووقت كان الفيزيائيون يقاتلون من أجل إثبات صحة نظرياتهم العلمية في مواجهة رؤية الكنيسة وباقي دعاة الميتافيزيقيا – حين قال : (نحن في قرن تم قهر كلّ الأخطاء تقريباً في الفيزياء .)