الثورة – حسين صقر:
غالباً مانؤجل أعمالنا، وتتراكم علينا، بعدها نصل لدرجة لانعرف كيف نبدأ وأيها ننجز بالبداية، ولهذا قال أصحاب الأمثال: لاتؤجل عمل اليوم إلى الغد، لأنهم لايعلمون شيئاً عن هذا الغد، وماذا يحمل في ثناياه، إن كان فرحاً أم حزناً، ولهذا إنجاز كل شيء في وقته، وكلما سمح الوقت هو اكتساب للفرص، واقتناص لها.
فالنهي عن عملية تأجيل أي عمل من الأعمال اليومية إلى الغد، لن يكون الهدف منه الإرشاد بقدر ما يرمي للتوجيه، والحرص على أداء جميع المهام الموكلة إلى الشخص في موعدها، وعدم تأجيلها إلى اليوم التالي، وتجنب استخدام مبدأ التسويف، حيث يقول البعض: إنني سوف أفعل كذا في الغد، ولاضير من تأجيلها، دون أن يدري أنه لايمكن الاستحمام بمياه النهر مرتين، وأن الوقت فعلاً كالسيف، ولهذا لابد من القّيام بتلك المهام في موعدها المحدد.
وحكمة لاتؤجل عمل اليوم إلى الغد، لا تقتصر على فئة أو شريحة معينة من الناس، فهي تعنيهم كلهم، فالطالب الذي يراكم دروسه إلى ماقبل موعد الامتحان، بالتأكيد لن يحصل على نتيجة مثل زميله، الذي يتابع واجباته درساً تلو الآخر، يكتب وظائفه، ويقرأ ما أخذه أثناء اليوم لكل المواد، ويحضر الدرس اللاحق، دون أن يضيع دقيقة واحدة خارج هذا الطريق، فبالتأكيد سوف يحصل على فرصته بدخول الفرع الذي يريد، ويحقق أحلامه.
* ساعة بساعة..
والعامل الذي ينهض صباحاً، سواء كان عمله حراً أم ملتزماً لينجز عمله ساعة بساعة، أيضاً يبيت ليله مرتاح الضمير والبال، وهو على استعداد لإنجاز المزيد من الأعمال، مهما كثرت لأنه يعمل وفق برنامج زمني، وكذلك ينطبق على الموظف في إنجاز معاملاته، والمحامي في تسيير دعاويه، والصحفي في متابعة وتحرير مواده، والمعلم في تحضير دروسه التي سيلقنها لطلابه أو تلاميذه، وكل من مكانه.
وتأجيل أعمال ربة المنزل، أيضاً يسبب لها مشكلات كبيرة مع الأولاد والزوج، وسوف تحصد ذلك عند تقديم الطعام والمتطلبات الأخرى، فكلما كان العمل منجزاً بهدوء وبعيداً عن التراكمات، كلما كانت النتائج جيدة، وكلما كان هناك تراكم، كلما ساء التقديم والإنتاج.
وينطبق ذلك على الفلاح الذي يحرث ويسمد ويسقي شجراته في مواعيدها، حيث يقول العامة في ذلك ولا سنة تلحق بسنة، وشجرة كانون الأول من العام الذي نحن فيه، تسبق الشجرة التي زرعت في كانون الثاني أو شباط من العام المنصرم.
* خلاصة تجارب..
لاتؤجل عمل اليوم إلى الغد، ليست مجرد كلمات منطوقة أو متناقلة، بل هي خلاصة تجارب دفع المقصرون عن إنجاز أعمالهم أثماناً باهضة للحاق بمن سبقهم، ولم يستطيعوا جسر الهوة الناتجة بينهم.
والتأجيل هو الداء الذي يفتك بهمة كل شخص، وفي عصرنا ظهر العديد من الأمراض و الفيروسات التي تصيب الإنسان وربما تودي بحياته، لكن يمكنه العلاج منها علاجاً كاملاً، ولكن هناك عدة أنواع من الأمراض والفيروسات الخبيثة التي قد تلحق ضرراً بالكيفية والأسلوب الذي يدير به كل إنسان وقته، وتعتبر المماطلة أو التسويف واختلاق الأعذار من أكثر هذه الأمراض خطورة بل وتعد العدو الأول لإدارة وتنظيم الوقت