الثورة – علاء الدين محمد:
القضية الفلسطينية ليست قضية أرض تحت الاحتلال، إنما هي قضية تاريخ مسروق وثقافة مهددة تجمع بين عناصر اللغة والموروث الحضاري التاريخي بكل جوانبه.
فالهوية الوطنية هي مجموعة السمات والخصائص المشتركة التي تميز أمة أو مجتمعاً عن غيره، وتشكل جوهر وجوده وشخصيته المتميزة، وبالنسبة لأفراد الشعب الفلسطيني فإنهم ينتمون إلى الأمة العربية، ويشتركون معهم بالدين واللغة والتاريخ والعادات والتقاليد، وإن الصفة الوحيدة التي ميزتهم عن غيرهم، أنهم سكنوا المنطقة الجغرافية التي وضعت حدودها من قبل الحلفاء عند نهاية الحرب العالمية الأولى.
في المركز الثقافي العربي بالمزة قدمت عضو الجمعية العلمية التاريخية السورية نجلاء الخضراء نشاطاً تفاعلياً تحت عنوان “رموز الهوية تخفق في سماء غزة”.
وأكدت أن الهوية نتاج تفاعل حي ومستمر، متحول مع التحديات السياسية والاجتماعية في الحالة العربية وفهمها يقود لفهم تمثيل الفرد في الجماعة ورسم هدفه ومشاركته وغاياته في المقاومة بتنوع أشكالها الوطنية والعرقية والثقافية، وقد تكون المقاومة مادية أو عسكرية أو فكرية ثقافية، لذا لم تكن معركة طوفان الأقصى صراعاً عسكرياً عابراً، بل هي تجسيد لمعركة أعمق وأكثر تعقيداً تتعلق بالهوية الاجتماعية والثقافية، وهي ليست مجرد إطار شكلي، بل هي محور مركزي تتفرع منه أبعاد سياسية واجتماعية وثقافية واقتصادية، فعندما تتعرض الهوية لمحاولات التفكيك وإعادة الصياغة على أيدي قوه خارجية كما هو الحال مع السياسات الغربية تجاه العالم العربي تصبح المقاومة معركة هوية.. معركة وجود، وتصبح رموز تلك الهوية جزءاً من هذه المعركة.
وتوقفت الخضراء عند أهم الرموز التي دلت على قضية فلسطين، منها خريطة فلسطين من النهر إلى البحر، والزيتون والليمون وبرتقال يافا والزعتر والمسجد الأقصى وكنيسة القيامة، والسيف والرمح والبندقية والزي الفلسطيني والكوفية.
وقد عبر الأدب عن هذه الرموز بكل أنواعه، وأفرزت حالة الصراع الكثير من الرموز التي عملت على تطوير الهوية الفلسطينية، وأعادت للذهن العربي والعالمي القضية الفلسطينية، كالمثلث الأحمر وعصا السنوار.
إذ إن تلك الرموز الثقافية لم تعد تراثاً أو تعبيراً عن الهوية الفلسطينية فحسب، إنما أصبحت مجسات تدرك من خلالها مستوى حضور القضية الفلسطينية محلياً وعربياً وعالمياً، ولعل هذا ما يحسب لمعركة طوفان الأقصى، التي نجحت بصورة غير مسبوقة بإعادة موضعة الرموز بموقع متقدم عالمياً وصار حضورها تعبيراً جلياً عن رفض الاحتلال والمناداة بالحرية، فجاء الطوفان في ذروة انحدار القضية الفلسطينية ليجدد معنى الهوية والصراع الذي يستعيد رموز الهوية التي ظهرت لأجله.
وأضافت الخضراء: إن الهوية الفلسطينية واجهت هزات كبيرة تؤثر على تشكيلها ودورها في كل مرحلة من المراحل التاريخية، حتى تبلورت وظهرت بالشكل الحالي، بعد أن مرت بمفاصل عديدة أثرت على شكل تطورها، ومعركة طوفان الأقصى تعد مفصلاً جديداً يعزز الهوية الفلسطينية التي أعادت إلى الواجهة مكانة القدس والأقصى، وارتباطها بالبعد العقائدي والهوية الفلسطينية، كما أن هذا الطوفان جاء ليثبت أن التمسك بالهوية والشعور بالانتماء هو القادر على إسقاط العدو وهو القادر على فضحه سرديته والحفاظ على الهوية هو طريق النصر، حمل الطوفان ملامح الهوية الشعبية بمضمونها السوري العربي الرافض للاحتلال المضحي بالنفس والمال المؤمن بقضية الشهادة ورسالة المقاومة.
ورافق النشاط معرض للأشغال اليدوية التراثية بالزي الفلسطيني تحت عنوان “عبق التراث في طوفان الأقصى”.