الثورة – إيمان زرزور
أحيت مساجد دمشق وريفها فجر اليوم الخميس الذكرى الثانية عشرة لمجزرة الكيماوي في الغوطتين عبر إطلاق تكبيرات جماعية في وقت متزامن من مكبرات الصوت في المآذن، لتتحول إلى رسالة رمزية قوية بأن ذاكرة السوريين لم تمحُ جريمة الإبادة التي ارتكبها نظام الأسد المخلوع بحق المدنيين في 21 آب 2013. جاءت التكبيرات لتؤكد أن المجتمع السوري لا يزال يستحضر تفاصيل المجزرة، وأن الزمن لم ينجح في طمس آثارها رغم مرور أكثر من عقد، هذه الخطوة الرمزية لم تكن مجرد إحياء ديني، بل حملت بعداً سياسياً وحقوقياً، إذ عكست إصرار الأهالي على إبقاء الجريمة حاضرة في الوعي العام ومقاومة محاولات طمسها أو إدخالها في خانة النسيان.
الهجوم الذي استهدف الغوطتين الشرقية والغربية عام 2013 بغاز السارين المحظور دولياً مثّل لحظة فارقة في مسار الحرب في سوريا، إذ قُتل فيه أكثر من ألف مدني جلّهم من الأطفال والنساء، وأصيب آلاف آخرون باختناقات حادة، وإحياء الذكرى بالتكبيرات جاء كتذكير بأن المجزرة لم تكن حدثاً عابراً في سياق الحرب، بل جريمة إبادة ممنهجة جرى التخطيط لها بعناية لإيقاع أكبر عدد من الضحايا.
من خلال هذا الإحياء الرمزي، يوجّه السوريون رسالة واضحة إلى الداخل والخارج: أن الجرائم الكبرى لا تسقط بالتقادم، وأن المسؤولين عنها، وفي مقدمتهم الفار بشار الأسد، يجب أن يخضعوا للمحاسبة أمام العدالة الدولية، فالتكبيرات كانت بمثابة صرخة ضد تبرئة نظام الأسد ورموزه من المجازر الموثقة.
تكشف هذه الخطوة أن السوريين باتوا يدركون أهمية الذاكرة الجمعية كوسيلة للحفاظ على سرديتهم أمام العالم، فالتكبيرات لم تُسمع فقط في الغوطتين، بل وصلت إلى قلوب آلاف السوريين في الشتات الذين شاركوا عبر وسائل التواصل الاجتماعي في إعادة نشر صور وذكريات المجزرة، ليؤكدوا أن الحقيقة ستبقى حية مهما طال الزمن.
إن إحياء الذكرى بهذا الشكل يرمز إلى أن صوت الضحايا ما زال يدوّي من تحت الركام، وأن السوريين، رغم المعاناة، يتفقون على أمر واحد: أنهم لن ينسوا جرائم الكيماوي ولن يسمحوا بإغلاق ملفها دون تحقيق العدالة.