الثورة _ فاتن أحمد دعبول:
كان الطريق إليه مفعما بعبق الحضارة، وكل شيء يحكي أن العرب بحضارتهم مروا من هنا، ليكتمل المشهد في خان أسعد باشا في احتضانه لمعرض الخريف السنوي، ضمن فعاليات أيام التشكيل السوري الذي تقيمه وزارة الثقافة بالتعاون مع اتحاد الفنانين التشكيليين، وضم حوالى 106 لوحات من مدارس مختلفة ورؤى عديدة وتكنيك متميز، لنقرأ في لوحاتهم عشرة آلاف عام من الإبداع تنوعت ما بين التصوير الزيتي والغرافيك والنحت المتنوع الخامات، ومواضيع عن المرأة والطبيعة والخط العربي، ولوحات تخلد دمشق القديمة بأحيائها وحميميتها.
سوية عالية
ونوهت الدكتورة لبانة مشوح وزيرة الثقافة بتميز معرض هذا العام لجهة عدد الفنانين المشاركين، وعدد اللوحات المعروضة والتي تتمتع بسوية عالية ولفنانين مخضرمين لهم باع كبير في الفن التشكيلي.
وأشارت إلى تطور الفن التشكيلي السوري بخطى حثيثة، وسيكون في طليعة الفنون التشكيلية العربية وهو يستحق أن يكون في مصاف الأعمال العالمية أيضا.
وبينت بأن لدينا فنانين تشكيليين مبدعين وأعمالهم تتحدث عنهم، والعديد تحمل مشقة السفر ليشارك في المعرض، لأن المشاركة هي شرف للفنان، ووجوده شرف للثقافة ولأيام الفن التشكيلي السوري، والمعرض متميز بمقاييسه كافة ودائما للأفضل.
وأشار مدير الفنون الجميلة عماد كسحوت إلى أهمية المعرض لأنه يضم آخر نتاجات الفنانين الحديثة، وهو يجمع الفنانين من المحافظات كافة بأساليب ومدارس مختلفة، ليكون فرصة للتعرف على تجارب الآخرين وخبراتهم.
وأضاف: نسعى دائما للارتقاء بمستوى المعرض من خلال اختيار النخبة من الفنانين والاهتمام بطريقة العرض لتظهر اللوحات للمتلقي بشكل لائق، والتعرف على تجارب الفنانين من خلال الالتقاء معهم في خان أسعد باشا، ما يشكل قيمة مضافة للمعرض.
كما أشار رئيس اتحاد الفنانين التشكيليين محمد عرفان أبو الشامات إلى أهمية المعرض ودوره في نشر الذائقة الفنية، والاطلاع على الفن السوري عبر فنانيه المخضرمين الذين استطاعوا أن يمتلكوا هوية خاصة بهم يباهون فيها بين الفنون كافة.
رسالة للعالم
ورأى الفنان التشكيلي علي الكفري أن المعرض في هذا العام تميز بطريقة عرضه للوحات وحضور فنانين مخضرمين، من الأحياء وممن رحلوا وتركوا أعمالهم تتحدث عنهم، وبرأيه يشكل المعرض عرسا حقيقيا يتلاقى فيه المشاركون بجو من المحبة والألفة، وهو قبل ذلك كله رسالة للعالم أن سورية بخير ومستمرة بالعمل والعطاء والإبداع.
وعن مشاركته تحدث الفنان بشير بشير بأنها عمل حروفي ونوع من الأرابيسك برؤية جديدة، وتحمل اللوحة ذاكرة المكان بتكوين حروفي، والمعرض فرصة هامة لعرض نتاجات الفنانين المخضرمين المتميزة، والإضاءة على أعمالهم، والاطلاع على تطور هذه النتاجات والجديد فيها.
باللغة العربية
ومشاركة الفنان ناثر حسني تحكي عن أحياء دمشق القديمة، ورأى أن الشاعر نزار قباني خلّد دمشق بالنثر والشعر، فهو يحاول تخليدها باللون والرسم لما تتسم به هذه الأحياء من الحميمية والدفء، ويؤكد على أهمية توقيع الفنان على لوحته بلغته الأم” اللغة العربية” لأن التوقيع هو شرف الفنان وشخصيته، والمعرض يمثل سورية بشكل عام.
هوية الفنان
وشارك الفنان بسام الحجلي بلوحة” الجسر” يعبر من خلالها عن علاقة العوالم مع بعضها بأسلوبه الخاص الذي استخدم فيه السكين مع تفاعلاته وإحساسه الخاص والعفوية التي تميز بها، فهو ينسج اللوحة نسجا، هذا إلى جانب اهتمامه بالضوء والأبعاد والحالة الروحية التي تترجم رسما ولونا.
والمعرض حالة مهمة للفنان، لأنها هويته فهي مرآة تحكي قصة صاحبها، وجمال اللوحة يكمن في أنها بوابة لعالم الأبدية.
خاص بالخريف
ورأت الفنانة غادة حداد أن الأعمال الهامة تفرض نفسها، لكنها انتقدت وجود مشاركات للشباب في معرض خاص بفناني الخريف، وكان الأجدى ان تعطى الفرص الأكبر للفنانين المخضرمين، لأن للشباب معرضهم، ومن أجل ذلك كان عدد المشاركين محدودا، وخصوصا أن معرض الخريف هو واجهة للفن التشكيلي السوري، وسورية غنية بفنانيها الكبار ولكن تغيب أعمالهم عن المشاركة بالمعرض، ويجب أن يؤخذ هذا الأمر بعين الاعتبار.
أما الفنانة سوسن حاج إبراهيم فقد اختارت للوحتها التجريد مع الرموز الإيحائية، فكانت طيورها تحلق في أذهان المتلقي إلى الأفق البعيد، بينما هي تختزن في ذاكرتها المزيد من المخزون البصري والرؤى الجديدة.