الثورة – ترجمة غادة سلامة:
تكثف ألمانيا وجودها في العالم بإرسال سفينة حربية في رحلة المحيط الهادئ لأول مرة منذ عشرين عامًا على الرغم من أن السفينة بايرن، وهي فرقاطة من طراز براندنبورغ، ليست بالضبط سفينة بحرية حديثة، إلا أن نشرها في آسيا يمثل خروجًا عن السياسة الألمانية السابقة في المنطقة، ومن الصعب المبالغة في أهمية منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
تلخص إحدى وثائق وزارة الخارجية الألمانية الدور الضخم الذي تلعبه المنطقة من حيث التجارة والسكان مع الصين واليابان والولايات المتحدة، تمتلك أكبر ثلاثة اقتصادات في العالم خطوط ساحلية على المحيط الهادئ.
يتم إنشاء ما يقرب من 60 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي وثلثي النمو العالمي في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، ويمر ما يصل إلى 25 في المائة من التجارة البحرية الدولية عبر مضيق (ملقا) وحده، إذا تم إعاقة طرق التجارة البحرية هذه، فإن التأثيرات على سلاسل التوريد من وإلى أوروبا وبالتالي على ازدهار الأوروبيين ووصولهم إلى السلع الحيوية ستكون شديدة .
بالإضافة إلى ذلك، فإن منطقة المحيطين الهندي والهادئ هي “موطن لنحو 60 في المائة من سكان العالم و 20 من 33 مدينة ضخمة في العالم، وهي أيضًا مصدر أكثر من نصف جميع انبعاثات الكربون العالمية، وهذا يجعل بلدان المنطقة لاعبين رئيسيين في معالجة التحديات العالمية مثل أزمة المناخ.
والاقتصاد الألماني يحركه التصدير – كل شيء من السيارات إلى معدات النقل إلى الآلات الصناعية. ويتم إجراء خُمس التجارة الألمانية بالكامل في آسيا، حيث تعد البلاد وجهة مهمة للمواد الخام الآسيوية، مما يؤكد أهمية المنطقة لأكبر اقتصاد في أوروبا.
في خطاب ألقاه في أواخر كانون الأول الماضي، صرح سفير ألمانيا في سنغافورة، الدكتور نوربرت ريدل، أن “منطقة المحيطين الهندي والهادئ بالنسبة لألمانيا لها أهمية كبيرة، كما هي بالنسبة للاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه.
ويشير المنتقدون إلى أن بايرن قد أبحرت بمفردها دون دعم، علاوة على ذلك، لم تبحر السفينة بالقرب من تايوان، أو بالتعاون مع الصين، أحد أهم شركاء ألمانيا التجاريين، وقد أشارت بعض وسائل الإعلام إلى تايوان التي ربما تكون نقطة الاشتعال المحتملة الأولى في آسيا، إلى أنها اختارت بدلاً من ذلك التعبير عن دعمها للشراكة الدولية القائمة على القواعد والتعاون متعدد الأطراف، والقانون الدولي، وحرية الملاحة.
بايرن في حد ذاتها ليس سفينة قوية لاسيما بالمقارنة مع بعض من سفن الولايات المتحدة، ولكن نشرها ربما أكثر أهمية من قدراتها، في عهد المستشارة السابقة أنجيلا ميركل، سارت السياسة الخارجية الألمانية بين العلاقات التجارية مع الصين والعلاقات الإستراتيجية مع الولايات المتحدة وحلفاء آخرين، وخلال حقبة ميركل انتقد منتقدو السياسة الخارجية الألمانية موقف برلين باعتباره يعطي الأولوية للتجارة على أي شيء آخر، ومع ذلك، يبدو أن تلك الحقبة على وشك الانتهاء.
بقلم: كاليب لارسون