بقلم: الدكتور مازن سليم خضور:
يمكن القول إن “الحرب” ببعض صورها التقليدية قد انتهت في البلاد، لكن دون أن تتوقف، ويبدو أن سنوات الحرب الطويلة رسخت في نفوس أهلها مقدرة دائمة على خلق حالة استثنائية ضمن ظروف الواقع الحالي، شكلت ما يشبه “الجبهات المختلفة لصناعة النصر”.
مواقع التواصل الاجتماعي تناقلت مؤخراً بشكلٍ متتال صورة متنوعة يمكن الإشارة ضمن مفهوم “صناعة النصر” المتجدد رغم كل الظروف:
الصورة الأولى كانت توثق لحظة من يوم عمل لأحد عمال مجلس مدينة اللاذقية يقوم بالغطس ضمن بركة “مياه” تراكمت نتيجة العاصفة المطرية التي شهدتها المحافظة في وقت سابق و تسببت بإغلاق مدخل المدينة في منطقة “الكراجات” بالإضافة إلى انجراف بالتربة وسقوط أشجار أدت إلى انقطاع في عدد من الطرقات
صاحب الصورة تبيّن أنه العامل شادي السبع من مديرية الخدمات والصيانة في بلدية اللاذقية، السبع تحدث ضمن إحدى اللقاءات التلفزيونية على شاشة” الإخبارية السورية” أن ما قام به ليس إلا واجبه تجاه وطنه، وهذا أقل ما يمكن أن يفعله، منوهاً بأنه لم يكن على علم بأن هناك من يلتقط له صورة خلال عمله وتفاجأ في اليوم التالي بأن الجميع يتحدث عنه ويحييه على ما قام به.
صورة هذا العامل المتفاني في عمله ليست الأولى ولن تكون الأخيرة حيث لا تغيب عن أذهاننا صورة عامل النظافة التي حصلت على الجائزة الأولى لأفضل صورة صحفية في “مهرجان الإعلام السوري الثالث” وهي لعامل نظافة لم تمنعه الظروف الجوية من متابعة عمله وثقها الزميل المصور طارق الحسنية.
صور أخرى متناقلة أيضا لرجال الإطفاء والدفاع المدني الذين قدموا ولا زالوا يقدمون الجهود الجبارة لاسيما في فترة الحرائق بالرغم من ضعف الأدوات والآليات ما أدى إلى إصابة العديد منهم بجروح خطيرة وأدت في بعض الحالات إلى الوفاة وهو ما حصل إثر حريق واسع شب بمستودع أقمشة، في منطقة “الحريقة” بمدينة دمشق في أواخر العام الفائت.
و في واحدة من الصور التي كان لها آثر على من شاهدها، تناقل رواد مواقع التواصل الاجتماعي صورة لعمال يقومون بتنظيف شاطئ مدينة بانياس من آثار التلوث نتيجة تسرب كميات من الفيول وكانت عملية التنظيف تتم بأبسط الأدوات المتاحة لهؤلاء العمال.
بالإضافة إلى صور لمختلف الجهات لاسيما عمال الطوارئ في الكهرباء والماء والدفاع المدني وباقي القطاعات الأخرى في غياب كبير لمعدات تحتاجها هذه المهن، فشاهدناهم يقومون بمهامهم على أكمل وجه رغم غياب الآليات والمعدات التي فقد قسم منها في الحرب نتيجة استهداف التنظيمات الإرهابية لمعظم القطاعات الخدمية المختلفة و الذي ترافق مع حصار يمنع دخول قطع الغيار والمعدات التي تشكل العمود الفقري لعمل تلك الفئات.
هذه الصور بطبيعة الحال ترافقت مع صور تظهر التقصير الخدمي في جوانب كثيرة وفي مواقع أخرى لكنها لم توقف حالة “صناعة النصر” وإن بقيت فردية حتى اللحظة في معظمها.
تلك الصور لا تكتمل إلا بصورة الجندي العربي السوري وهي الصورة الأغلى على قلوب كل شخص أحب وطنه وأراد أن يكون “الإطار المقدس” لهذه اللوحة الجميلة التي تسمى “سورية”.