الملحق الثقافي:
«المسلسلات السورية التي تقدم الآن وهي كثيرة ومتنوعة … إنما هي مسلسلات يغلب عليها الصوت أكثر من الصورة، لتسد حاجة ليس للمستهلك -المشاهد- بل لهذه الأقنية الفضائية التي صارت وحشاً له مليارات الأنياب».
في كتابه «جدل الصوت والصورة في الدراما التلفزيونية السورية» يوزع الكاتب أنور محمد مادته النقدية على أبواب ثلاثة تسعى للإحاطة بكثير من تفاصيل العمل الفني الدرامي قراءة داخلية وخارجية ونقداً مبنياً على مفردات الإخراج وعمل الممثل.
الباب الأول جاء تحت عنوان «مسلسلات» وفيه ينتقي الكاتب عدداً من الأعمال السورية التي يرى أن بعضها نجح في أن يكون شكلاً حقيقياً للدراما السورية المبتغاة كمسلسل «هولاكو» للمخرج باسل الخطيب والمؤلف الدكتور رياض عصمت، كما يرى الناقد محمد في أعمال أخرى للمخرج الخطيب كرسائل الحب والحرب للكاتبة ريم حنا نموذجاً آخر من الأعمال التي احترمت عقل المشاهد ورؤيته الفنية.. كما أنه يستعرض في هذا الباب أعمالاً أخرى يرى أنها لم ترتق من حيث البعد الفكري والفني لتكشيل ذلك المزيج من الإبداع في الصورة (الليلة الثانية بعد الألف – مشاهد مليئة بالثرثرة) ، (أشياء تشبه الحب – صورة فوتوغرافية فقدت تجلياتها البصرية)، (جرن الشاويش – قيم ذكورية غارقة في التخلف)، ولعلنا نتوقف بشكل أوسع مع (باب الحارة – الصورة التي تنفجر بالصوت) حيث يقرأ الناقد العمل من خلال التساؤلات التالية: (هل كان بسام الملا في باب الحارة يقوم بتحقيق لحظة وعي، أم أنه كان يقوم بعملية غزو واستلاب لمشاعرنا؟.. وهل كان المسلسل مصنوعاً بذكاء فيه غيرة على الجمال الفني والسياسي أم إنه لعبة – ألعاب سيرك باللباس الشامي التقليدي تم فيها التمثيل بالمروءة والنخوة وبكثير من عاداتنا وتقاليدنا المتحفية؟).
في الباب الثاني وتحت عنوان «البيانات الدرامية» يتناول الناقد موضوعات مهمة من صلب العمل الدرامي وعلى هامشه في الوقت نفسه، حيث ينتقد (الشللية) التي تؤثر على خيارات عدد من صناع العمل الدرامي الذي يخسر ممثلين قد يكونون قادرين على تقديم أدوار جيدة أو متمكنة.
وفي حديثه عن «الدراما وقضايانا القومية» يجد أن هناك تقصيراً واضحاً في معالجة الكثير من القضايا الهامة بل أننا لا نعيرها الاهتمام في الدراما التلفزيونية، ويذهب بعيداً في الوصول إلى النتيجة التالية:» نعيش حياة أكثر عبودية للمال والتفاهات التي صارت قضايا رئيسية للدراما العربية من أهدافها اقتلاعنا من جذورنا بمنتهى الاناقة والذوق العولميين».
في هذا السياق النقدي والفني يتناول عدة عناوين مثل استبدال الواقع بالخيال، السامي والمنحط، اللعب الذي يهز الوعي، البطل التراجيدي، دراما النزوات..» وقد تناوله بالتشريح من موقف يتطلع لعمل درامي سوري يمتلك من المفردات الفكرية والإبداعية الكثير.
ويختم في الباب الثالث كتابه هذا في الإضاءة على مساحات الإبداع والنجاح لعدد من الممثلين والمخرجين مسلطاً الضوء على تجليات فنية تميز عمل كل منهم « باسم ياخور، هاني الروماني، هيثم حقي، بسام كوسا، منى واصف، خالد تاجا».
التاريخ: الثلاثاء1-2-2022
رقم العدد :1081