سباحة في بحر الأخطاء

تضخمٌ جامح يجتاح البلاد بمظاهر مختلفة أبرزها وأخطرها على الحياة العامة هو هذا الارتفاع الجنوني للأسعار، بمقابل عجزٍ عن اتخاذ إجراءات مجدية تكون قادرة على لجم هذا الجموح وإيقاف صعوده، على الرغم من أن الإجراءات ممكنة، ولكنها لا تتناسب – على ما يبدو – مع مصالح البعض، فيشيحون الطرف عن تلك الإجراءات، ويكتفون بالوعود وبتدبيج العبارات التي لا تقدّم ولا تؤخّر في هذا المجال، بدليل موجة الغلاء الأخيرة الفظيعة التي اجتاحت الأسواق، والأمواج الصاخبة التي سبقتها، فالتضخم لا يأخذ أي اعتبار للوعود ولا لأي إجراء ليس في مكانه.

إنّ من أهم طرق مكافحة التضخم (تخفيض حجم الإنفاق الحكومي) ولكن ليس بالشكل الذي تتبعه الحكومة، فهذا التخفيض المكافح للتضخم يجب أن يطال الإنفاق الجاري وليس الانفاق الاستثماري، لأن الإنفاق الاستثماري يتوجه للإنتاج فعلياً وليس بالكلام، ويجذب الاستثمارات، وليس من الممكن لهذا الانفاق أن يسبب التضخم، تبعاً للأعراف الاقتصادية المعروفة، بل على العكس هو يعالج التضخم باعتباره يزيد من عرض السلع والخدمات.

وأمام هذه الحقائق المعروفة وإن كنّا جادّين في معالجة التضخم المخيف الذي وصلنا إليه فإن المعالجة يجب أن تتركّز على تخفيض حجم الإنفاق الجاري وتجميد بعض قضاياه ولو مؤقتاً إلى حين مرور العاصفة التضخمية وتسوية الأوضاع جيداً، ومن القضايا التي يمكن تجميدها أعمال الصيانة إلا بالضرورات القصوى فعلياً بعيداً عن الصيانات الوهمية التي لا تحتاج إلى شروحات على ما نعتقد، والقرطاسية غير اللازمة، والنفقات الإدارية المبالغ بها، والنفقات المظهرية، وصيانة السيارات الحكومية ونفقاتها وبعض المؤتمرات التي لا تقدم ولا تؤخر، وهذا كله حسب معايير اقتصادية معروفة.

ومن طرائق مكافحة التضخم أيضاً التركيز على الضرائب المباشرة وتعزيزها وزيادتها والتحقق من جبايتها بشكلٍ عادل، فهي بالنهاية لا تؤثر على المكلفين ولا يشعرون بثقلها، وبالتوازي مع ذلك كان يجب الابتعاد عن الضرائب غير المباشرة لأنها تطال الفقراء وأصحاب الدخول القليلة أو حتى المعدومة.

هذه بعض طرائق مكافحة التضخم الأساسية، غير أن الإجراءات التي نراها على الأرض هي بالفعل معاكسة لذلك، ففي الموازنة العامة للدولة لعام 2022 وضعت الحكومة اعتماداتها بمبلغ / 13 / تريليون و / 325 / مليار ليرة سورية، كان من المفترض أن يكون الانفاق الاستثماري – في مثل حالتنا – يفوق الانفاق الجاري، ولكن الذي حصل هو العكس، فمن حجم الموازنة تم تحديد مبلغ / 11 / تريليون و / 325 / مليار ليرة سورية للإنفاق الجاري، وبالتالي لم يحظَ الانفاق الاستثماري سوى بمبلغ / 2 / تريليون ليرة سورية ..!

أما بالنسبة للضرائب فقد وضعت الموازنة العامة للدولة تقديرات معاكسة لما يجب أن يكون أيضاً، وهذا يأتي بطبيعة الحال تبعا لحصيلة الإجراءات الخاطئة المتخذة، إذ قدّرت الضرائب والرسوم المباشرة بمبلغ / 1 / تريليون و / 381 / مليار ليرة، في حين ازدادت الضرائب غير المباشرة – التي تطال الفقراء – عن هذا المبلغ ووصلت إلى / 1 / تريليون و / 752 / مليار ليرة سورية ..!

كيف إذاً لن يصل بنا التضخم إلى مثل هذا القدر من الجموح والفظاعة ..؟!

على الملأ – علي محمود جديد

 

آخر الأخبار
بعد حسم خيارها نحو تعزيز دوره ... هل سيشهد الإنتاج المحلي ثورة حقيقية ..؟  صرف الرواتب الصيفية شهرياً وزيادات مالية تشمل المعلمين في حلب  استجابة لما نشرته"الثورة "  كهرباء سلمية تزور الرهجان  نهج استباقي.. اتجاه كلي نحو  الإنتاج وابتعاد كلي عن الاقتراض الخارجي  الهوية البصرية الجديدة لسوريا .. رمز للانطلاق نحو مستقبل جديد؟ تفعيل مستشفى الأورام في حلب بالتعاون مع تركيا المؤتمر الطبي الدولي لـ"سامز" ينطلق في دمشق غصم تطلق حملة نظافة عامة مبادرة أهلية لحفر بئر لمياه الشرب في معرية بدرعا السيطرة  على حريق ضخم في شارع ابن الرشد بحماة الجفاف يخرج نصف حقول القمح الإكثارية بدرعا من الإنتاج  سوريا نحو الانفتاح والمجد  احتفال الهوية البصرية .. تنظيم رائع وعروض باهرة "مهرجان النصر" ينطلق في الكسوة بمشاركة واسعة.. المولوي: تخفيضات تصل إلى 40 بالمئة "الاقتصاد": قرار استبدال السيارات مزور مجهولون في طرطوس يطلبون من المواطنين إخلاء منازلهم.. والمحافظ يوضح بمشاركة المجتمع الأهلي.. إخماد حريق في قرية الديرون بالشيخ بدر وسط احتفالات جماهيرية واسعة.. إطلاق الهوية البصرية الجديدة لسوريا الشيباني: نرسم ملامحنا بأنفسنا لا بمرايا الآخرين درعا تحتفل .. سماءٌ تشهد.. وأرضٌ تحتفل هذا هو وجه سوريا الجديد هويتنا البصرية عنوان السيادة والكرامة والاستقلال لمستقبل سورية الجديدة