أحمد مادون في ذكراه .. تدمر مصدر تشكيلاته ..

الثورة – أديب مخزوم:
تمر في 17 أيار 2022 الذكرى السنوية ال 39 لرحيل الفنان أحمد مادون ( أحد رواد الحداثة التشكيلية السورية ) ، والذي ينتمي بكل مشاعره وثقافته إلى مدينة تدمر، التي كانت مترسخة في ذاكرته الطفولية وظاهرة في لوحاته . فهو ابن تدمر بامتياز، سحرته المدينة القديمة بأقواسها وأعمدتها وتيجانها وحكاياتها، بعد أن ترعرع في أحضانها ، ولقد جسد في معظم لوحاته بقايا أشلاء معالمها الأثرية، التي تستعيد أجواء الأزمنة الهاربة والحكايات الأسطورية.
هكدا قدم رموزاً مأخوذة من الحياة الشعبية أو مستعادة من ذاكرة مشحونة بالكثير من صور الأشكال الأثرية والصحراوية، وذهب لصياغة تكوينات تشكيلية اقتربت في بعض الأحيان من الصياغة التجريدية، حيث تتماهى عناصر الأشكال والرموز وتتداخل فيما بينها، فتحمل إلى المشاهد رؤية بصرية تختلط فيها التكوينات التجريدية مع الإشارات المحلية والحضارية.
ومن خلال مشاهدتي الطويلة لصور بعض لوحاته وجدت أن هناك إشارات محلية عديدة حاول من خلالها تسجيل قصائد تشكيلية لتدمر المدينة التي أحبها وتفاعل مع هواجسها وأحلامها الفنية، التي عمقت في فنه هذا الحنين الدائم إلى الطفولة، والوصول إلى اللوحة الحكاية المفتوحة على تداعيات معطيات الأزمنة القديمة.
هكذا كان يبحث عن مناخات ورؤى مسرح أحلامه التي جسد من خلالها الأشكال الأثرية السحرية، التي عرفها وأحبها في طفولته وفتوته، فهو ينتمي في أحاسيسه كلياً إلى المناخية التدمرية القديمة، رغم حبه العميق للمظاهر العفوية التي تعكس الإيقاع التلقائي للمناخ اللوني الحديث لتصل في نهاية المطاف نحو صياغات الرموز التاريخية في احتمالاتها الدلالية والتعبيرية والتجريدية والتي تحمل هواجس الارتباط بالماضي والحاضر معاً.


وعلى الصعيد التشكيلي قدم في لوحاته مختلف العناصر من إنسانية وحيوانية ونباتية، وحوّل العلاقات في بعض لوحاته إلى ما يشبه الحالة الأسطورية في حين ظلت في لوحات أخرى محافظة على جوها التعبيري. كما اتجه في أحيان كثيرة إلى تعبيرية مؤسلبة للوجوه قارب فيها أجواء لوحات بيكاسو، وكان يبحث عن علاقة جديدة شديدة الارتباط بأحاسيسه الداخلية رغم انتقاله من المعالجة اللونية الشفافة (لاسيما أعماله الحفرية) إلى استخدام المادة بكثافة واضحة من خلال تسطيح اللون وتسميكه.
وهو بذلك قدم نمطية أسلوبية مستقلة من خلال احتمالات لونية وتكوينية مختلفة تقترب من التجريد في بعض الأعمال وتبتعد عنه في بعضها الآخر. وما هو بارز في تجربته تلك العفوية التي تفيد في تحريك الإشارات والرموز والأجواء المحلية، وتضفي انفعالاً مباشراً من خلال بعض اللمسات اللونية السريعة. غير أن هذه الانفعالية (وبخلاف ما ذهب إليه بعض نقاد الفن عندنا) لا تنسحب على جميع أعماله، لأن بعض التكوينات تبدو حادة ورصينة في أماكن كثيرة من لوحاته وبالتالي فهي تضفي نوعاً من الوعي على انفعالات الداخل. وهو أيضاً عندما كان يكثف التركيب الطبقي للون في بعض لوحاته ويجعله متقشفاً وشفافاً في بعضها الآخر فإنه كان يخدم هذه المفارقة.

وعلى هذا تتأرجح لوحاته بين ما هو انفعالي وما هو ذهني، حيث تبدو الأشكال والألوان داخل مساحة اللوحة خاضعة لتلك العلاقة المتبادلة ولهذا تسمح أعماله برؤية مناخات لونية وشكلية مرتبطة بمشاعره الذاتية الهادئة والمتوترة التي كان يعيشها. وهذا يعني أن صياغاته التشكيلية تعكس التقلبات الخفية والعلنية لأحاسيسه الداخلية من خلال تبدلات الإيقاع اللوني وهكذا نجد نوعاً من الدهشة بتنويعات متكررة تتألف من طبقات لونية متعاقبة تتكثف وتشف وتنقل الأجواء التدمرية والصحراوية والشعبية إلى التعبيرية والتنويع العاطفي والوجداني. وتختلط في تجربته صياغات متعددة كما أشرنا تقترب من التجريد الايحائي الذي يتمثل في حضور الشكلي داخل التجريد (الشكلي في اللاشكلي) وتتجه في لوحات أخرى نحو تعبيرية مباشرة (بالأخص في معالجة الوجوه) وتطمح في بعض الأحيان إلى ملامسة روح الأعمال الجدارية القديمة وبذلك كان يمارس حريته في الرسم للوصول إلى روح الحضارة التدمرية والأجواء الصحراوية والإشارات الشعبية من خلال التنقل ما بين الواقع والتجريد وما بين التوازن واللمسة المتوترة وما بين هدوء العاطفة وانفعالها.
فهو من مواليد تدمر عام 1941 أقام العديد من المعارض الفردية، وشارك بمجموعة واسعة من المعارض الجماعية الرسمية والخاصة، ولقد رحل في 17 أيار 1983 بحادث أليم، وهو في أوج العطاء الإبداعي، وأقيمت العديد من المعارض التكريمية له، واعتبر من أعمدة وأركان التشكيل السوري الحديث والمعاصر.

آخر الأخبار
سرقة 5 محولات كهربائية تتسبب بقطع التيار عن أحياء في دير الزور "دا . عش" وضرب أمننا.. التوقيت والهدف الشرع يلتقي ميقاتي: سوريا ستكون على مسافة واحدة من جميع اللبنانيين إعلاميو اللاذقية لـ"الثورة": نطمح لإعلام صادق وحر.. وأن نكون صوت المواطن من السعودية.. توزيع 700 حصة إغاثية في أم المياذن بدرعا "The Intercept": البحث في وثائق انتهاكات سجون نظام الأسد انخفاض أسعار اللحوم الحمراء في القنيطرة "UN News": سوريا.. من الظلام إلى النور كي يلتقط اقتصادنا المحاصر أنفاسه.. هل ترفع العقوبات الغربية قريباً؟ إحباط محاولة داعش تفجير مقام السيدة زينب.. مزيد من اليقظة استمرار إزالة التعديات على الأملاك العامة في دمشق القائد الشرع والسيد الشيباني يستقبلان المبعوث الخاص لسلطان سلطنة عمان مهرجان لبراعم يد شعلة درعا مهلة لتسليم السلاح في قرى اللجاة المكتب القنصلي بدرعا يستأنف تصديق الوثائق  جفاف بحيرات وآلاف الآبار العشوائية في درعا.. وفساد النظام البائد السبب "عمّرها" تزين جسر الحرية بدمشق New York Times: إيران هُزمت في سوريا "الجزيرة": نظام الأسد الفاسد.. استخدم إنتاج الكبتاجون لجمع الأموال Anti war: سوريا بحاجة للقمح والوقود.. والعقوبات عائق