ثمة مسألة توضح مدى الفهم الخاطئ في آلية التعاطي مع الكثير مما نكتب، فعندما نحاول في الصحافة إيصال صوت المواطن حول الكثير من همومه ومطالبه المعيشية، فمن المنطقي أن يبادر المسؤول إلى الاستجابة الفورية والتفاعل، وهو أمر في صلب واجباته الوظيفية، كما هو الحال في مسألة واجب الصحفي نقل الحقائق بشكل موثق.
وهنا أقول: إن الموظف العام كلما ارتفع مركز عمله افترض به أن يزيد منسوب متابعته لما ينشر في القطاع الذي يشرف عليه بحكم واجبه الوظيفي، كما هو ملزم بالخدمة العامة التي لأجلها تقلّد المنصب، كما هو الصحفي ملزم أدبياً ومهنياً بتغطية أخبار هذه الجهة أو تلك لما فيه خدمة المصلحة العامة.
ومن واجب الجهات المعنية سماع ما تنقله الصحافة إليها من شكاوى وسواها، ومن واجبها أيضاً معالجتها حسب قدرتها، وهي في نهاية المطاف ملزمة بالرد وإعلان نتائج متابعتها لما يطرح، وليس فقط التحويل إلى الموظف المختص للمتابعة.
وتختلف طريقة تعاطي الجهات العامة مع احتياجات المواطن والظروف المحيطة بقضاياه اليومية، فمنها من يتعامل مع الموضوع كخدمة عامة للمصلحة العامة (ضمن الإمكانات طبعاً)، ومنها من يتعامل مع الموضوع كحالة فردية.
ولعل ما حدث مع أحد مسؤولي “حماية المستهلك” يعكس ما قلناه تماماً، فثمة شكوى على أحد المخابز يعمل لساعة واحدة يومياً، ثم يغلق ويبيع كمية الطحين المخصصة له بـ “السوق السوداء” لكن الشكوى بقيت مبهمة المصير.
بعيداً عن كل ما قلناه، يمكن لأي جهة مؤسساتية أن تنجح في مهامها لو أنها تصدّت وبجدية لكل ما يطرح، ولكان الحال أفضل بكثير مما نراه.