الإرهاب الاقتصادي، وتسييس العمل الإنساني، يأخذان اليوم الحيز الأكبر ضمن إستراتيجية منظومة العدوان الأميركية، إذ تمعن الدول الغربية في انتهاكاتها المتواصلة لمبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة بهدف الاستمرار بعرقلة الجهود التي تبذلها الحكومة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي وتحسين الأوضاع المعيشية للسوريين، وكل ذلك يأتي بالتوازي مع توظيف الولايات المتحدة لذراعيها التركي والصهيوني لتصعيد الإرهاب العسكري، لتقوية شوكة فلول التنظيمات الإرهابية، بما يمنع الدولة السورية من إعادة بسط سيطرتها الكاملة على أراضيها.
مجلس الأمن الدولي لا ينفك عن عقد المزيد من الجلسات حول الشأن الإنساني في سورية، ولكنه في الواقع يتجاهل تماماً الأسباب الحقيقية لتردي الوضع الإنساني، وتتمثل باستمرار الاحتلالين الأميركي والتركي لأجزاء من الأراضي السورية، ومواصلة دعمهما للتنظيمات الإرهابية، إلى جانب التمادي بفرض العقوبات الغربية الجائرة تحت مسمى (قيصر)، ويضاف إليها سلسلة العراقيل التي تزرعها الولايات المتحدة وأتباعها الأوروبيين أمام سكة الحل السياسي، بهدف منع سورية من إعادة تعافيها الكامل، والاستثمار بالانتصارات المنجزة على الإرهاب، لإعادة اللاجئين إلى مناطقهم التي هجروا منها بفعل الإرهاب.
أين مجلس الأمن من الجرائم اليومية التي يرتكبها نظام أردوغان، وهو يسعى اليوم لإنشاء ما يسمى منطقة آمنة يستكمل خلالها سياسة التطهير العرقي التي يمارسها بحق السوريين، سواء من خلال عملية التغيير الديموغرافي عبر إحلال عوائل مرتزقته الإرهابيين محل السكان الأصليين في المناطق التي يحتلها، أم عبر سياسة التتريك الممنهجة التي يمارسها لتكريس واقع احتلالي، وهذه جريمة حرب، وجريمة ضد الإنسانية، وأين هذا المجلس من الإجراءات الأميركية التي تتخذها إدارة بايدن لتمكين اللص أردوغان من تنفيذ أجنداته التوسعية، وآخرها قرار منح ترخيص للقيام بأنشطة اقتصادية في مناطق محددة في شمال شرق وشمال غرب سورية تسيطر عليها ميليشيات انفصالية، وتنظيمات إرهابية مدعومة من قبل نظام أردوغان.
الصمت المطبق الذي يبديه مجلس الأمن حيال الجرائم الإرهابية المرتكبة بحق السوريين والتغاضي عنها، يثير العديد من علامات الاستفهام حول الدوافع الحقيقية لهذا الصمت، فلماذا يستمر بغض الطرف عن مسألة احتلال نظامي الإرهاب الأميركي والتركي لأجزاء من الأرض، وتهجيرهما لآلاف الأسر من منازلهم وأراضيهم، وسرقتهما للثروات النفطية والزراعية، ويصمت على جرائم مرتزقتهما وأذرعهما الإرهابية، ولماذا يتقاعس عن محاسبة الدول التي تدعم التنظيمات التكفيرية الإرهابية على مختلف تسمياتها، علماً أن هذه الدول معروفة بالاسم، وهي نفسها تجاهر علناً بدعمها للإرهاب؟، وماذا فعل أيضاً للجم الاعتداءات الصهيونية المتكررة، وهنا لا يخطر ببالنا سوى جواب واحد، أن هذا المجلس خرج عن نطاق ولايته المحددة بالميثاق الدولي وبات مجرد أداة تعمل لخدمة أجندات الغرب الاستعمارية.