ما إن أنهت جولتها داخل سوق “الحميدية” العريق، وخرجت إلى الشارع العام المؤدي إلى قلب المدينة الحديثة، حتى كانت تراقب السيارات بحذر وهي تهمّ بقطع الطريق، كانت خطواتها متوجسة من سائقٍ متهور قد لا يمنحها فرصة النجاة.
وحين بدا أن العبور آمن، وأن السيارة المقابلة قد توقفت تقريباً، تقدّمت بخطواتٍ مطمئنة، لكن مراهقاً اندفع من الاتجاه المعاكس بدراجته بسرعةٍ جنونية، ليصدمها ويسقطها أرضاً مع أكياس المشتريات التي كانت تملأ يديها بفرحٍ بسيط قادمٍ من السوق.
في لحظةٍ خاطفة وجدت نفسها على الأرض مذهولة، تنظر حولها دون أن تستوعب ما حدث، فيما لاذ المراهق بالفرار وكأن شيئًا لم يكن.
وحين تجمّع الناس حولها للاطمئنان، أدركت حجم الظاهرة التي تتكرر يومياً، عشرات القصص المشابهة لضحايا دراجاتٍ يقودها مراهقون بلا وعي ولا مسؤولية.
الرعب الذي صاحب الحادثة جعلها تفقد التركيز، لكنها ما إن مشت بضع خطوات ودخلت الصيدلية كي تشتري بعض الكحول لتعقم جراحها، حتى تذكرت مبادرة “شارك كتابك”، فابتسمت رغم الألم وقالت في سرّها.. لعلّ تلك الكتب التي نتبرع بها تصل يوماً إلى يد ذلك المراهق، لعلّ سطراً فيها يعلمه أن في الحياة آخرين، وأن الطيش ليس بطولة، وأن التفكير بالآخر جزء من النضج.. ربما تكون تلك الكتب التي نشاركها اليوم، فرصةً لنشر بعض الوعي غداً.. عسى أن نتمكن قريباً من السير في شوارعنا الجديدة دون خوف، وأن تسبقنا الكتب إلى عقولٍ تحتاج فعلاً لأن تقرأ.