سقط صاروخ الكلمات هنا، فكسر حاجز الخوف واغرورقت عيون المفردات فرحاً، أما هناك فلا داع للتعاطف مع هدفٍ يردّ الشر بالشّر ويكيد الظالمين بالظالمين.
هكذا حالنا هذه الأيام، نترقّب الأخبار القاتلة متسمّرين أمام شاشاتنا، نقرأ الشّريط الإخباري، ننتظر خبراً مدوّياً، وعيوننا تخطفها المسيّرات المضيئة بألوانها الناريّة على بعد شرفة، لتضيء ليل دمشق، وكأنه كتب على هذه البلاد ألا تعرف عيناها النوم.
لن أصف بلغة غارقة في البلاغة والعالم يعيش وقع الذكاء الاصطناعي والسرعة الرقميّة التي يحكيها المطبّلون والمزمّرون على صفحات التواصل الاجتماعيّ، وكأننا – وأقول بلسان الجماعة وأنا براء مما سأقول- لم نشبع من مشاهد الدّمار والقتل والدّماء والبشاعة التي فرضها حكام ديكاتوريون على شعوبنا، وكأننا نبرّد نار غِلنا بتلك الأحداث دون أدنى شفقة بمن يعيشون بعيداً عن ذنب السياسة وتبعاتها المقزّزة، هذا إن كان المطبّل من عامة الناس فما حال المثقف إذاً..؟! يتراشق الألفاظ النابية ويلوك الاتهامات عالية المستوى ويسيء لمن لا يعجبه ضميره المنفصل!.
مثقف خلع عن وجهه قناع الثقافة النبيلة التي لا تدخل في زواريب السياسة فيغرق في رمالها المتحركة حتى لا يبان منه سوى نخاعه الفارغ إلا من ثقافة القتل والذبح والتشريد، ثقافة تبنتها سياسات قذرة حمّالة الأوجه وبتنا بسذاجة ودون تفكير نخلع أقنعتها ونتداولها فيما بيننا أو كما يحلو لنا متابعة أخبارها القاتلة، لنسجّل لحظة تاريخيّة أننا في ركبِ العاجل والعاجل جداً.