بعد سبع سنوات من التطبيق، توضع اليوم السنة التحضيرية على محك التقييم والدراسة، ويفتح حولها النقاش على نطاق واسع من جميع الجهات التي تعتبر معنية بهذا الجانب من خلال عقد ورشة تخصصية بحضور وزيري التعليم العالي والتربية ورئيس اتحاد الطلبة للخروج بتوصيات ومقترحات يتم عرضها على المجالس العلمية المختصة ضمن جدول أعمال مجلس التعليم العالي في جلساته القادمة.
فما هي الفكرة من إعادة النظر بالسنة التحضيرية في هذا الوقت تحديداً، وهل المسألة من أجل التعديل فقط، أم هي مرحلة تمهيدية لإلغاء التحضيرية؟ إن ذلك لم يكن واضحاً في هذه الورشة رغم عشرات المداخلات التي طُرحت فهل المشكلة في عدم تحقيق تكافؤ الفرص بين الطلبة، أم لكونها فرضت على طلبة الجامعات الحكومية ولم تُطبق في الجامعات الخاصة؟ أما أن السبب يعود لخروج مجموعة من الطلبة من الطبيات وتوجههم إلى الهندسات على الرغم من أن البعض منهم حاصل على درجات عالية في الثانوية العامة تمكنه من دخول الطب دون سنة تحضيرية لو كان التسجيل مباشراً؟
إن ما يحدث يُوجب علينا كمراقبين خارجيين التذكير ببعض النقاط وأهمها أن الاعتراضات التي توجه اليوم للسنة التحضيرية لا تختلف كثيراً عما وجه إليها حين تم إقرارها في العام الدراسي 2015-2016 إلا أنه لم يُؤخذ بها، بل تم تطبيق السنة التحضيرية تحت شعار العدالة الطلابية أسوة بالدول الأخرى، ومن أجل تحسين مخرجات التعليم العالي وتحقيق الاعتمادية والجودة وغيرها من التصريحات التي أكد عليها المعنيين أثناء إقرار السنة التحضيرية.
كما أن الشكاوى المتكررة للطلبة من القيود المحيطة بدراسة الطبيات والتي تبدأ باختبارات السنة التحضيرية والمفاضلة والفرز، وصولاً إلى الامتحان الوطني في مرحلة التخرج والمشكلات المتعلقة به. لم تشجع الجهات المعنية للبحث عن تحديد الثغرات التي يجب تلافيها ليشعر الطلبة بأنهم طلبة علم وليسوا في مصيدة الحصول على الشهادة.
إن ما سبق إصدار قرار السنة التحضيرية كان التركيز على تطوير قواعد ومعايير القبول الجامعي، ولم يكن الهدف هو تقويم مخرجات الثانوية العامة، وخاصة أنها فتحت المجال لمساعدة الكثير من الطلاب من المتفوقين الذين حصلوا على علامات متقاربة من الدخول إلى الطبيات وحققت نسبة استيعاب تصل إلى 10% زيادة. مما حقق هامش إضافي لطلاب كان من غير الممكن لهم التقدم إلى الكليات الطبية.
وعليه فإن الغموض الذي يحيط بهذه الخطوة التقييمية لا ينفي ضرورة الانتباه إلى جوانب هامة تتعلق بضرورة تعديل المناهج الضخمة للسنة التحضيرية ومعالجة مشكلة جودة التأليف والتدقيق ونقص الكوادر وتعديل اختبارات السنة التحضيرية ووجود لجنة لتقييم النتاج العلمي. وأهم من ذلك مراعاة ظروف الطلبة الخارجين من الثانوية العامة وهم منهكين نفسياً ومادياً، والتخفيف من المقارنات بينهم وبين المتوجهين إلى الجامعات الخاصة، لأن الفارق الكبير بالعلامات يختفي في هذه المنظومة عندما يكون المال هو الحكم.
بكل الأحوال إذا كان الهدف هو التقويم وليس الإلغاء فإنه من الضروري ألا تكون قرارات الاستيعاب الجامعي والدخول إلى الطبيات مرتبطة بمعالجة الخلل الذي يحدث في مخرجات الثانوية العامة فقط.