في رحاب العربية

 

في رحلة البحث والتأسيس لبداية التدوين بالعربية نجد أن الاعرابي وليس الأعراب بطل عصر التدوين الذي ينسب للنصف الثاني من القرن الثاني للهجرة أي عصر الدولة العباسية لجهة أن اللغة الفصحى أخذت من أفواه عرب البادية وليس من المدن والحواضر وهي أي اللغة نتاج ما تراه وتحس وتشعر به وتحتاجه لذلك هي نتاج البيئة الطبيعية فمفردة ثلج واحدة في العربية بينما لها عشرات المفردات في الاسكيمو وكذلك السيف والفرس والقمر وغيرها من مفردات زخرت بها لغتنا العربية ألفاظا ومعان ، والتدوين حول اللغة العربية الى لغة علمية خاضعة للقواعد التي تضبطها بعد أن انتشرت اللهجات بسبب الحاجة الى التجديد في المفردات وجاء وضع قواعد اللغة لعدة أسباب منها الخوف على لغة القرآن من اللغات الأخرى واللهجات سيما بعد انتشار الاسلام حيث كانت الفارسية واليونانية هما لغة الدواوين وبعد الاتجاه لتعريب الدواوين في العصر الأموي بدت حاجة كتاب الفرس لتعلمها حفاظا على مناصبهم في الدولة العربية الأموية ومع عصر التدوين في صدر الدولة العباسية اخذ تقعيد اللغة وضبطها حيزا هاما لجهة الحفاظ عليها بعد اتساع رقعة الدولة الاسلامية ودخول عناصر غير عربية على الاسلام فكان ما قام به الخليل ابن احمد الفراهيدي بوضعه قواعد اللغة العربية ما بين ١٠٠-١٧٠للهجرة وساعده وأتم عمله الليث من ولد نصر بن سيار واعتمد في ترتيب الحروف الهجائية الحلق والشفتين على الطريقة السنسكريتية فكانت العربية ٢٨ حرفا ثنائية وثلاثية ورباعية وخماسية وغيرها ما جعل ألفاظها تزيد على١٢٣٠٥٤١٢لفظاً.

ذهب الباحثون عن سلامة اللغة الى البوادي لان المدن والحواضر اختلط فيها العرب والموالي وغيرهم من المسلمين فدخلت ألفاظ غربية ولهجات غير عربية ما استدعى الذهاب لتلك القفار لعدم وجود اختلاط ونقاء العرق( اذا تعاجم شيء من القرآن فانظروا في الشعر فان الشعر عربي) وهو حديث ينسب لابن عباس ويقال إنه للرسول محمد صلى الله عليه وسلم فكان لابد من جمع اللغة شفاها من الاعراب لان العربية آنذاك لم تكن منقطة فلم يعتمد على القرآن كمرجعية في التدوين لان فيه سبع قراءات حمالة أوجه والحقيقة سبع لهجات فاللغة العربية هي حمالة أوجه لانها متعددة المعاني والألفاظ وثمة فائض في الالفاظ وفي الالفاظ فائض في المعنى، والاسلام دين عربي واعجازه في بيانه لذلك لا يترجم الا كمعان وليس كنص وهو كتاب عربي مبين.

لقد كان اول عمل علمي عربي منظم مارسه العقل العربي جمع اللغة وضبطها في قواعد فكانت علوم اللغة وعلوم النحو وعلم العروض من هنا يمكن تعريف العقل العربي على انه هو جملة المفاهيم والعمليات الذهنية التي تحكم رؤية الانسان العربي الى الاشياء وطريقة تعامله معها في اكتساب المعرفة مجال انتاجها واعادة انتاجها، والانسان العربي هو ذلك الفرد البشري المشخص الذي تشكل عقله وتفتح وترعرع ونما وتقولب داخل الثقافة العربية واعتبرت مرجعية له في نظره للاشياء والعالم ومرجعيته الرئيسية اي تحكم طريقة تفكيره فالثقافة العربية هي الاطار المرجعي للانسان العربي ونكون هنا أمام كائن مثقف وليس عرقاً او نسلا.

ولعل التدوين هو الاطار المرجعي للعقل العربي وليس العصر الجاهلي او الاسلامي لانه ضبط وتقعد في ذلك العصر ما يشكل القاعدة المعرفية لذلك لأن الثقافة أية ثقافة هي عملية سياسية مركبة ومعقدة وتاريخيا كانت الهيمنة الثقافية النقطة الاولى لاي حركة سياسية او اجتماعية او دينية من هنا كان الصراع ما بين الايديولوجي والابيستمولوجي هو جوهر ما يمكن ان يطلق عليه المعارضة السياسية التي هي في جوهرها معارضة ثقافة لثقافة وطريقة تفكير وذهنية ونظرة للانسان والعالم والطبيعة، وتاريخيا كانت الأحداث او ما هو مدون منها او مروياتها هي رواية سلطة او ما يدور في فلكها ويشبهها على مستوى ما.

ان الماضي ملك للجميع فيجب ان نضعه وراءنا لا امامنا ولا معنا وعندما نتحدث عن النقد نقد ذاتنا الثقافية وذاتنا الاجتماعية نتوصل حتما الى نتائج باهرة فالنقد ليس من اجل النقد وانما بهدف نقد كل ما هو متخشب في كياننا العقلي وارثنا الثقافي فالمستشرقون والمفكرون الاوربيون تحدثوا في القرن التاسع عشر عن العقلية السامية الغيبية التجزيئية والعقلية الارية التركيبية العلمية ولم يستخدم مصطلح الفكر العربي بل العقل العربي لان الفكر هو الايديولوجيا التي ينتجها العقل وهنا يكون الحديث عن العقل المنتج وليس المنتج ذاته وفي العصر الحاضر ثمة قاعدة معرفية تحدد فيها الجنسية الثقافية لكل مفكر هذه القاعدة تعني ان الجنسية الثقافية لاي مفكر لا تنسب الا لمن يفكر داخلها حتى لو كتب عن ثقافة اخرى فليس العبرة التفكير في قضاياها وانما التفكير بمنظورها ولو كان الموضوع يتعلق بثقافة اجنبية فهي وجهة نظر عربية في قضايا غير عربية فكل انسان يحمل تاريخه شاء او كره والثقافة تتشكل من محيط جغرافي واحتماعي وتاريخي لهذا لها خصوصيتها اي انها انتاج مجتمع معين في زمن معين وجغرافية معينة لجهة أن العقل جهاز معرفي ولكن طريقة تصنيعه وتركيبه هو الذي يحدد فاعليته فالآلة هي العقل والحفر هو الفعل او الفكر والتفكير في العقل المنتج ذاته، يقول كوسدوروف: يتحدد نظام كل ثقافة تبعا للتصور الذي تشكله لنفسها من خلال نظرتها لله والانسان والعالم والعلاقة بينهم.

آخر الأخبار
السفير الضحاك: عجز مجلس الأمن يشجع “إسرائيل” على مواصلة اعتداءاتها الوحشية على دول المنطقة وشعوبها نيبينزيا: إحباط واشنطن وقف الحرب في غزة يجعلها مسؤولة عن مقتل الأبرياء 66 شهيداً وأكثر من مئة مصاب بمجزرة جديدة للاحتلال في جباليا استشهاد شاب برصاص الاحتلال في نابلس معبر جديدة يابوس لا يزال متوقفاً.. و وزارة الاقتصاد تفوض الجمارك بتعديل جمرك التخليص السبت القادم… ورشة عمل حول واقع سوق التمويل للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة وآفاق تطويرها مدير "التجارة الداخلية" بالقنيطرة: تعزيز التشاركية مع جميع الفعاليات ٢٧ بحثاً علمياً بانتظار الدعم في صندوق دعم البحث العلمي الجلالي يطلب من وزارة التجارة الداخلية تقديم رؤيتها حول تطوير عمل السورية للتجارة نيكاراغوا تدين العدوان الإسرائيلي على مدينة تدمر السورية جامعة دمشق في النسخة الأولى لتصنيف العلوم المتعدد صباغ يلتقي قاليباف في طهران انخفاض المستوى المعيشي لغالبية الأسر أدى إلى مزيد من الاستقالات التحكيم في فض النزاعات الجمركية وشروط خاصة للنظر في القضايا المعروضة جمعية مكاتب السياحة: القرارات المفاجئة تعوق عمل المؤسسات السياحية الأمم المتحدة تجدد رفضها فرض”إسرائيل” قوانينها وإدارتها على الجولان السوري المحتل انطلقت اليوم في ريف دمشق.. 5 لجان تدرس مراسيم و قوانين التجارة الداخلية وتقدم نتائجها خلال شهر مجلس الشعب يقر ثلاثة مشروعات قوانين تتعلق بالتربية والتعليم والقضاء المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات لقوات العدو في عدة مواقع ومستوطنات “اللغة العربيّة وأثرها في تعزيز الهويّة الوطنيّة الجامعة”.. ندوة في كلية التربية الرابعة بالقنيطرة