الثورة – سيرين المصطفى:
عاد سكان ريف إدلب الجنوبي إلى قراهم ومدنهم بعد سنوات من النزوح بسبب الحرب والقصف، ليجدوا منازلهم مدمرة بالكامل أو بحاجة إلى إصلاحات أساسية مثل إزالة الركام وتركيب الأبواب والنوافذ. لكن تردي الأوضاع الاقتصادية، الذي تفاقم خلال فترة النزوح، يحول دون إعادة الإعمار أو حتى إجراء أبسط الترميمات.
اضطر بعض السكان إلى إقامة خيام فوق أنقاض منازلهم، في انتظار مساعدات من الحكومة السورية أو المنظمات الدولية لإعادة الإعمار. بينما لجأ آخرون إلى العودة إلى منازلهم المتضررة دون إصلاحها، واكتفوا بإزالة الركام وتنظيفها، لكنهم واجهوا تحديات جديدة جراء ذلك، مثل انعدام الخدمات الأساسية وعدم صلاحية المساكن للسكن الآمن.
يواجه العائدون صعوبات كبيرة في العيش داخل الخيام، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة خلال فصل الصيف الحالي. ويخشى السكان من تفاقم معاناتهم في حال استمر هذا الوضع حتى فصل الشتاء، حيث ستزداد الأوضاع سوءاً مع انخفاض درجات الحرارة وهطول الأمطار.
يعيش بعض العائدين في منازلهم دون تركيب أبواب أو نوافذ، بينما اضطر آخرون إلى بناء غرف بسيطة سقفوها بالشوادر والعوازل. هذا الواقع البائس يختلف تماماً عما كانوا يحلمون به قبل تحرير المنطقة وطوال سنوات النزوح، حين ظنوا أنهم سيعودون إلى منازلهم السليمة، أو سيحصلون على تعويضات ومساعدات تخفف عنهم عبء إعادة الإعمار.
أما الذين اضطروا للإقامة في الخيام، فيواجهون معاناة مضاعفة، حيث تمثل الخيمة عقبة يومية تقيد حركتهم، وتحرمهم من أبسط مقومات الراحة، ناهيك عن صعوبة استيعابها لأفراد العائلة الكبيرة مع كل ما يحتاجونه من مستلزمات حياتية أساسية.
تزداد خطورة العيش في الخيام مع ارتفاع احتمالية تعرضها للحرق، خاصة عند استخدامها للطبخ، إذ يصعب السيطرة على النيران بسبب سرعة اشتعال الخيام وقابليتها للاحتراق. ما يتسبب بخسائر بشرية ومادية فادحة تزيد من معاناة الأهالي وتضاعف أزمتهم الإنسانية.
وتشكل الخيام بيئة مثالية لاختراق الحيوانات الزاحفة كالعقارب والأفاعي، التي قد تُلحق أضراراً جسيمة بأفراد العائلة في أي لحظة. هذه المخاطر تزيد من التهديدات الصحية اليومية التي يواجهها السكان، خاصة مع عدم وجود أي عوازل أو وسائل حماية فعّالة.
يطلق أهالي ريف إدلب الجنوبي نداءات استغاثة عاجلة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، موجّهينها إلى الحكومة والمنظمات المعنية. يطالب السكان بحلول عاجلة تنقذهم من معاناة العيش في الخيام والمساكن المؤقتة غير الآمنة، مع ضرورة تقديم مساعدات عينية أو مالية تعوّضهم عن جزء من خسائرهم المادية والبشرية التي تكبّدوها.
