الثورة -عدي جضعان:
لم يكن خطاب الرئيس أحمد الشرع في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، مجرد خطاب عادي، بل كان إشارة واضحة إلى رغبة دمشق في العودة الى الساحة الاقليمية، واستعادة شرعيتها الدولية، وفتح صفحة جديدة مع المجتمع الدولي.
لم يكتف الرئيس الشرع في خطابه بالحديث عن السلام، فحسب بل أشار بقوة إلى رغبته في محاسبة جميع مرتكبي المجازر، ووعد بمحاسبة كل من تلطخت أيديهم بدماء الأبرياء.
كما تحدث في خطابه عن عهد جديد لسوريا، مؤكداً أنها ماضية نحو مستقبلها ولا ترغب في العودة الى الوراء، وتسعى لتكون جزءاً من الحل لا مصدراً للأزمات.
في هذا الإطار، يرى المحلل في الشأن السوري علي جمالو، أن هذه الزيارة تحمل دلالة تختصر مرحلة كاملة، حيث يتكامل الشكل الرمزي للعودة إلى الأمم المتحده مع مضمون الخطاب، الذي اعلن عودة سوريا إلى مكانها الطبيعي في المحافل الدولية.
وشدد جماله على أن الزمان والمكان قد جعلا من كلمة الشرع نقطة تحول كبيرة في تاريخ سوريا الحديث، فهو اول رئيس سوري يتحدث في الأمم المتحدة منذ عام 1976، وذلك في لحظة اقليمية متشابكة، وفي سياق تحليل الخطاب، يضيف جمالو أن الخطاب ركز على طاقات الشباب السوري ورهانات المستقبل ، من دون أن يغفل التحديات الأمنية في الجنوب أو الازمات التي شهدتها الإدارة خلال الأشهر الماضية، لكنه اختار معالجة هذه الملفات بإيجاز، في محاولة لتقديم صورة مختصرة وواقعية تحترم وقت المجتمع الدولي .
من جهته، اعتبر الباحث السياسي الأردني راشد المعايطة أن زيارة الرئيس أحمد الشرعي إلى نيويورك للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة هي لحظة تاريخية ومهمة جداً لسوريا.
فبعد عقود من الغياب والعزلة تعود سوريا إلى منبر الأمم المتحدة برئيس يمتلك كاريزما سياسية وحضوراً دولياً، وقادرٍ على إعادة رسم صورة بلاده أمام المجتمع الدولي.
ويضيف إن هذه المشاركة تحمل رسائل عميقة، أولها أن دمشق لم تعد خارج المعادلة الدولية، وثانيتها أن سوريا تدخل مرحلة جديدة تتطلب من العالم ان يتعامل معها بجدية ، فالشرع يدرك أن التحدي الأكبر اليوم هو العقوبات الاقتصادية التي تخنق الاقتصاد السوري وتثقل كاهل المواطنين، ومن هنا فإن خطابه في الأمم المتحدة سيكون منصة للدفع نحو رفع هذه العقوبات، أو على الأقل إعادة النظر فيها اقليمياً، يظهر الدعم الأردني بوصفه ركيزة أساسية في عودة سوريا إلى محيطها العربي فالأردن، رغم إمكاناته المحدودة، يقدم دعماً متواصلاً يعكس قناعة راسخة بأن استقرار سوريا هو استقلال المنطقه بأكملها ويختم المعايطة حديثه بالقول: إن حضور الشرع في الأمم المتحدة لا يمثل لحظة رمزية فحسب بل هو بدايه مرحلة جديده قد تجعل من سوريا إذا أحسنت استثمار هذا الزخم دولة محورية في الشرق الأوسط .
فالمعادلات تتغير والفراغات الإقليمية بحاجة إلى لاعبين أساسيين، وسوريا تملك كل المقومات لتكون أحد هؤلاء اللاعبين وهكذا، لم يكن خطاب الرئيس احمد الشرع مجرد رسالة إلى العالم بل كان تعهداً من سوريا الجديدة، تعهد بالقطيعة مع ماض أليم والاستثمار في طاقاتها الشابة واستعادة مكانتها ليس كمصدر للأزمات، بل كشريك في السلام .
لقد كان التصفيق في نيويورك أول خطوة مهمة، لكن مستقبل هذا الفصل الجديد يعتمد كلياً على تحويل هذا الزخم الدولي الى واقع ملموس على الأرض.