في جو من الألفة والمحبة اجتمعت الخيوط الملونة والخرزات، الأقمشة المزركشة، الخشب والمعدن، وعناصر الحياة حول بحيرة شامية مزينة بالياسمين وعبقه الفواح، وحاكت لنا حكاية قديمة “أيادٍ منتجة” وهو عنوان المعرض والبازار الأول بعد التحرير الذي أُقيم برعاية الاتحاد العام لنقابات العمال في مركز الأنشطة النقابية في دمشق.
وفيها نُسجت الخيوط لتشكل أجمل المنسوجات، وتحول القماش إلى مواد متنوعة منها الحقائب، الملابس ذات القيمة الفنية، فما يصنع بحب تصفق له ألف يد.
” الثورة ” واكبت المعرض والتقت القائمين عليه والمشاركين به.
رئيسة المكتب الثقافي ومنسقة المعرض عفاف خلاط تحدثت لصحيفة “الثورة” عن المعرض بالقول: ” كلي فخر بإنجازات المرأة السورية العاملة، التي أثبتت مهارتها وبرهنت تميزها، فقدمت موهبتها من خلال هذا المعرض والبازار الذي ضمّ تشكيلة كبيرة من المنتجات اليدوية، “خشبيات، إكسسوارات، تحف فنية، خياطة، حقائب”، حيث تم تنظيم دورات متعددة لهن بهذه المجالات، والهدف هو تحقيق دخل إضافي من خلال دعم مهاراتهن وتسويق منتجاتهن، من خلال أسلوب البيع المباشر بسعر التكلفة”.
كفاءات وتنمية
بالإضافة إلى أن كيلو إحدى مدربات أطفال مؤسسة الكفاءات التنموية، الذين شاركوا في الورشة الفنية التي رافقت البازار الموجهة للأطفال “رسم على الوجوه وصناعة الدمى” بأيدي الأطفال، وعن تجربتها بينت أنها تعمل على جذب الطفل لكل ما هو ملون وجميل، وتجعله يحب ما يصنع ويتعلم أن يصنع.. فكل شيء ممكن عندما نحاول وننتج، وكل ما تصنعه الأيادي الصغيرة له جمالية خاصة، مؤكدة أنها تزرع بذرة.. لعلها تأتي في قادم الأيام بأجمل ثمرة، من خلال محاكاة مخيلة طفل يجد بين يديه خيوطاً ملونة، وتعلمه بأنه دوماً يستطيع أن يصنع ما يريد وما يحلم به، فغرس محبة الفن لدى الطفل هذا ما تسعى إليه كيلو مع كل طفل يحضر إليها سائلاً: ماذا سنصنع من الفن؟ مشيرة إلى أنه تم في الورشة طبع هوية بصرية جديدة على وجوه الأطفال المشاركين بأنامل الفنانة الصغيرة سيدوري الشمري14سنة والتي حدثتنا عن تجربتها بشغف، فقد استمتعت بنظرات الرضا وابتسامات الأطفال وهم يشاهدون على وجوههم علم سوريا الجديدة.

فنانون صغار
بينما الطفلة رزان سليمان 10سنوات، فقد تعلمت التلوين بالمعجون وصنعت حلزونتها الملونة ومع كل لون أمنية.
ومن زوار المعرض الأطفال عثمان وعلي وعدنان، الذين تعلموا ثقافة جديدة وهي البازار، وأن الإنسان قادر على العطاء دائماً من خلال رؤية أنواع المنتجات المعروضة، فرحين بمشاركة أياديهم الصغيرة بمنتجات جميلة عبرت عن أحلامهم.
هيا الخرفان 5 سنوات قالت: أحب الرسم والأشغال، وأتمنى أن أقضي كل الوقت وأنا أصنع أشكالاً جميلة، وكنت سعيدة بالرسم على وجهي وصنع دمية ذات شعر أحمر وقصير.
الطفل ورد العمري 10 سنوات فقد بدا سعيداً بمشاهدة الأعمال اليدوية، وصنع شخصيته الكرتونية المفضلة.

تجارب وخبرات
أما آمنة النعسان المشاركة في البازار بأعمال خزفية ولوحات خط عربي، فقالت: سعيدة بمشاركتي على الرغم من صعوبة نقل المنتجات، وأتمنى أن نلقى الدعم ويتم تصريف المنتجات من خلال بازارات في جهات أخرى.
ومن المعروضات المميزة كانت للسيد جمال زين، إذ قام بتحويل بقايا الخشب ودمجها مع الريزين، لتصبح لوحات وطاولات، واعتبر أن المعرض أتاح له فرصة لتقديم منتجاته، وتمنى أن تلاقي الانتشار الواسع لأن هذه الاعمال مكلفة وبحاجة لدعم من الوزارات وإبراز قدرات مميزة.
أمّا رانيا عبد الصمد المشاركة بمنتجات التجميل وتعبئة العطور أخبرتنا أنها تلقت أولى الدورات من خلال اتحاد العمال وطوّرت مهاراتها على أيدي مختصين وعن تجربتها قالت: فخورة بمشاركتي، فالإعلان عامل مهم في هذه المهنة، وخاصة لأن التكلفة العالية في التصنيع قد لا تعود بالربح إلاّ من خلال الإعلان الواسع أو من خلال دعم جهات معينة.
في حين أشارت بسمة المارديني المشاركة في الإكسسوار المشغول من المعدن والشيفون بدقة وحرفية عالية، إلى مشاركتها المستمرة بالبازرات، والتي أدت لتطور عملها من خلال متابعتها ومواكبتها لأحدث الموديلات العصرية، ولفتت الى إيجاد صعوبة بتحديد الأسعار، فقد تشتري المواد الاولية حسب سعر الصرف لتفاجأ بخسارة عند البيع، وتمنت أن يكون يزداد عدد البازارات المجانية كالعرض في الحدائق أو الجامعة أو في معرض دمشق الدولي.
المهندسة رحاب الزوكاني بينت للثورة أنها من خلال دراسة الهندسة الزراعية والاطلاع على دراسات باللغة الانكليزية، توصلت إلى إنتاج صابون طبيعي ومقطرات الورد والزعتر والبابونج والروزماري، لافتة إلى أن ما يعيق عملها هو رأس المال، بسبب عدم وجود توازن بين النفقات والربح فيصبح المشروع خاسراً، لذا أملت تأمين قروض للمشاريع الصغيرة، والمساعدة في الحصول على التراخيص لاستمرار المشاريع اليدوية الصغيرة، والتسويق عن طريق نوافذ بيع وبازرات مجانية بشكل دوري، بالإضافة للتغطية الاعلامية لدعم العمل اليدوي.
كما رافق المعرض تنور الخالة حسنى خلف العقلة من دير الزور الذى أضفى على المعرض لمسات من التميز والعودة للتراث، وعن مشاركتها قالت: أتمنى أن تتاح لي فرصة المشاركة في الفعاليات بشكل دائم لنقل تراث مدينتي الجميلة والحفاظ عليه.

معارض داعمة
في النهاية معرض وبازر “أيادِ منتجة ” صنع بأيادِ سورية هو نتاج عمل دؤوب لاتحاد العمال من خلال إقامات دورات وخلق فرصة للعرض والبيع المباشر، إذ أمّن للعاملات فرصة عرض مجانية بمكان جميل وجذب السياح الأجانب والعرب وكان أشبه بسوق شعبي من زمن باب الحارة، ومطلب الجميع هو تأمين فرص عن طريق منظمات داعمة لإبقاء متعة الحرف اليدوية والإعلان عن هذه المعارض.