الثورة – سيرين المصطفى:
لم تكن العودة إلى القرى والمدن في ريف إدلب الشرقي والجنوبي، بعد سقوط الأسد، كما تخيلها النازحون خلال سنوات الحرب. لقد اعتقدوا أن زوال النظام يعني عودة الحياة الطبيعية: زراعة الحقول، تعليم الأطفال، وممارسة أعمالهم. لكن الواقع كان أكثر قسوة: منازل مدمرة، بنية تحتية منهارة، ومدارس ومستشفيات عاجزة عن تلبية احتياجاتهم.
منازل مهدّمة ومرافق عاجزة
إلا أن العائدين صدموا بواقع كارثي؛ المنازل مدمرة بالكامل، والمنشآت الصحية والحيوية إما تحتاج لإعادة بناء من الصفر، أو إصلاحات تكلفتها باهظة مقارنة بوضع الأهالي المعيشي المتدهور بعد سنوات في المخيمات.
الأراضي الزراعية بلا جدوى
حتى أراضيهم – التي كانت تمثل أملهم الوحيد للاستثمار – لم تكن قابلة للاستخدام. فقد تحولت الأراضي إلى اراضٍ قاحلة، والأشجار إلى جذوع مقطوعة، تحتاج إلى إعادة تأهيل كاملة وزراعة جديدة قبل أن تعود منتجة. لكن كل هذا يتطلب استثمارات مالية تفوق قدراتهم المادية.
أزمة الكهرباء وطرق متهالكة
اشتكى عائدون إلى ريف إدلب الجنوبي من استمرار انقطاع التيار الكهربائي، ما أجبرهم على الاعتماد على بدائل مكلفة وغير كافية. ورغم مرور ثمانية أشهر على عودتهم، لم يتم حل المشكلة بعد. كما أن الطرق في حالة متردية، وتحتاج إلى إصلاح عاجل وتزفيت لضمان سلامة الأهالي أثناء تنقلهم، ومنع الحوادث التي تهدد حياتهم وحياة أطفالهم.
مياه الشرب.. معاناة يومية
يواجه العائدون أزمةً حادة في تأمين مياه الشرب، حيث يضطر الأهالي لشراء المياه من الصهاريج بسعر يتراوح بين 400-500 ليرة تركية للصهريج الواحد (سعة 25 برميلاً). وتتفاقم المشكلة خلال فصل الصيف مع زيادة الاستهلاك. ويعزو السكان السبب الرئيسي لهذه الأزمة إلى انقطاع الكهرباء الذي يعيق تشغيل الآبار العامة، بالإضافة إلى تدهور شبكات المياه التي تحتاج إلى صيانة عاجلة.
الصرف الصحي.. خطر يومي يهدد الأرواح
تتفاقم الأزمات مع مشاكل الصرف الصحي الخطيرة في معظم القرى، حيث تفتقر الريكارات إلى الأغطية الواقية. تؤدي هذه المشكلة إلى حوادث أسبوعية لسيارات ودراجات نارية تسقط في هذه الفتحات، كان آخرها وفاة شاب من مدينة حيش بعد سقوطه في أحد الريكارات. كما تشكل هذه الفتحات المكشوفة بؤراً لتكاثر الحشرات الناقلة للأمراض مثل البعوض، ما يهدد بانتشار أمراض خطيرة كالليشمانيا والقمل وغيرها من الأوبئة.
نداءات استغاثة… ومطالب واضحة
في خضم هذه المآسي المتلاحقة والعقبات التي تفوق قدرات الأهالي، يظل سكان ريف إدلب الجنوبي يوجهون نداءات استغاثة متكررة إلى الحكومة والجهات المعنية، مطالبين بتحرك عاجل لوضع حد لمعاناتهم. فالتحديات التي يواجهونها – من بنية تحتية مدمرة وخدمات منعدمة – أكبر بكثير من إمكانياتهم المحدودة، خاصة بعد سنوات النزوح التي أنهكت مواردهم وتركتهم في وضع اقتصادي صعب.
مطالب بإعمار ومساعدات عاجلة
يطالب العائدون بتنفيذ مشاريع إعادة إعمار ومشاريع تتعلق بتأمين مياه الشرب مجاناً، وأُخرى تتعلق بالصرف الصحي، وإصلاح البنية التحتية للكهرباء بعد سنوات من الانقطاع بسبب تدمير قوات الأسد الممنهج، بالإضافة إلى تقديم تعويضات أو مساعدات لإعمار منازلهم، ويؤكدون أن ذلك من حقهم لاسيما أنهم تضرروا بفعل الحرب وفقدوا مواردهم.