صعود الهجري وتعقيدات المشهد المحلي في السويداء.. قراءة في ملامح الانقسام والتحوّل 

الثورة : 

منذ سقوط نظام الأسد وتولي الحكومة السورية الجديد بقيادة الرئيس الشرع، حرصت الحكومة على تبني مقاربات تهدئة تستند إلى الحل السياسي، وفتحت قنوات الحوار كخيار استراتيجي لتجنب التصعيد، لاسيما في المناطق الحساسة ذات التركيبة الاجتماعية المعقدة، ومن بينها محافظة السويداء.

أدى تبني بعض الأطراف في المحافظة خطابا معارضا لنهج بناء الدولة ومطالبته بتدخلات دولية وصلت لحد الاستعانة بالعدو الإسرائيلي علانية، أدى إلى صدام كبير ليس بين السلطة وتلك الأطراف، بل بين مكونات الطائفة ذاتها والتي تعتبر المكون الأكبر في السويداء.

ورغم كل التحديات التي واجهت السلطة في دمشق للتعامل مع ملف السويداء المعقد، ورفضهم دخول قوى الأمن أو أي من مؤسسات الدولة، كان النهج الذي تبنته الدولة هو الاحتواء والحوار والتقرب من كل القوى والأطراف، لكن تطورات المشهد المعقد والتدخلات الخارجية، ساهم في تعقيد المشهد والدخول في صراع دموي كان انعكاسه سلباً على الجميع

وبسبب ما آلت إلية الأحداث الأخيرة وموجة الصدام المسلح ومانتج عنه من خسائر كبيرة لكل الأطراف، ظهرت مبادرات أهلية محلية سعت إلى احتواء التوترات الداخلية، خاصة تلك المتعلقة بالعلاقة بين مكوّنات الجبل والعشائر البدوية في محيطه، بما يحفظ التوازن الأهلي والاجتماعي.

غير أن المشهد بدأ يتخذ طابعًا أكثر اضطرابًا بسبب تملك الشيخ حكمت الهجري القرار بوصفه المرجعية المهيمنة داخل السويداء، هذا الصعود السريع أفرز انقسامات حادة في البيئة المحلية، وأعاد طرح أسئلة ملحّة حول مستقبل المحافظة وموقعها من الدولة المركزية، خاصة في ظل صراع نفوذ داخلي بدأ يتشكّل بين القوى التقليدية والناشئة، وسط اتهامات متزايدة لمجموعات الهجري باستخدام سياسة الإقصاء ضد خصومهم داخل الجبل، بمن فيهم شخصيات من “رجال الكرامة” التي كانت قد ساندت الهجري في مراحل سابقة.

بلغت الأزمة الداخلية ذروتها مع استهداف رئيس المجلس العسكري المحلي، وما رافق ذلك من خلافات حول توزيع الموارد والعتاد، وهو ما اعتبره الشارع المحلي مؤشراً على نوايا تصفية حسابات داخلية، تُنذر بتفكك الصف داخل السويداء، وتعمّق الشعور بحالة من الغموض والتوجس الشعبي، حيث باتت العلاقة بين المكونات الأهلية والمجموعات المسلحة تدور في فلك التهديد والترهيب.

وباتت الشخصيات المعارضة لتوجهات حكمت الهجري – سواء من النشطاء السياسيين، أو الفاعلين العسكريين السابقين، أو حتى بعض المرجعيات الدينية – تعيش في حالة دائمة من الملاحقة والتهديد، وسط اتهامات للمجموعات التابعة له باتباع أساليب ترهيب شبيهة بتلك التي كان ينتهجها نظام الأسد البائد ضد المعارضين.

رغم تكرار محاولات بعض الجهات ترويج سردية تُلصق الحراك في السويداء بمشاريع تطبيعية مع إسرائيل، إلا أن هذه الجهود لم تنجح في إيجاد موطئ قدم داخل البيئة المحلية، ورغم ما يُثار عن قنوات اتصال غير معلنة بين الهجري وأطراف إقليمية، بما في ذلك تل أبيب، فإن أي محاولات لاختراق النسيج المجتمعي المحلي تواجه برفض واسع، ما يجعل قدرة الهجري على فرض أمر واقع مستدام محل شك، نظرًا لحساسية الهوية الوطنية الدرزية في السويداء.

وشهدت المنطقة في الأسابيع الأخيرة تصعيدًا لافتًا، تمثّل في الهجوم على مقر الأمن العام في تل حديد، وسرقة العتاد وسقوط شهداء، وهي أحداث قرأها مراقبون بوصفها جزءًا من محاولة خلق “عدو داخلي دائم”، يُستخدم كأداة لتأجيج العصبيات المحلية، وإبقاء الشارع في حالة استنفار مستمرة تمنع تشكل أي مشروع وطني جامع.

تُظهر المعطيات الراهنة أن حكمت الهجري قد يمضي في اتجاه خرق التفاهمات القائمة، لا بالضرورة بتحريض خارجي مباشر، بل نتيجة تفاقم التناقضات داخل محيطه، وتزايد الضغوط لإعادة تموضعه في مشهد محلي مضطرب وسريع التحول.

وتبقى ملامح هذا المشهد غير مكتملة، فيما يلوح في الأفق مزيد من التعقيد، ما لم يتم كبح التصعيد وضبط الإيقاع السياسي والأمني بإدارة مسؤولة ومتزنة تحفظ السلم الأهلي وتمنع الانهيار الاجتماعي في الجنوب السوري.

آخر الأخبار
بعد توقف سنوات.. تجهيز بئر مياه تجمع «كوم الحجر» "موتوريكس إكسبو 2025" ينطلق الثلاثاء القادم رؤية وزارة التربية لتشريعات تواكب المرحلة وتدعم جودة التعليم العودة المُرّة.. خيام الأنقاض معاناة لا تنتهي لأهالي ريف إدلب الجنوبي منظمة "رحمة بلا حدود" تؤهل خمس مدارس في درعا مجلس مدينة سلمية.. مسؤوليات كبيرة و إمكانات محدودة إنقاذ طفل سقط في بئر مياه بجهود بطولية للدفاع المدني  المجموعات الخارجة عن القانون في السويداء تخرق وقف إطلاق النار هجمات " قسد " و" الهجري " .. هل هي صدفة  أم أجندة مرسومة؟! تجربة إقليمية رائدة لوفد من الاتصالات وحداثة النموذج الأردني في تنظيم قطاع الاتصالات والبريد  صعود الهجري وتعقيدات المشهد المحلي في السويداء.. قراءة في ملامح الانقسام والتحوّل  العائدون إلى ريف إدلب الجنوبي يطالبون بإعادة الإعمار وتأمين الخدمات الأساسية رغم التحديات الكبيرة.. انتخابات مجلس الشعب بوابةٌ للسلم الأهلي  اختيار الرئيس 70 عضواً هل يقود إلى ... صناعيون لـ"الثورة": دعم الصناعة الوطنية ليس ترفاً المجمع الإسعافي بمستشفى المواساة الجامعي .. 93 بالمئة إنجاز يترقب قراراً للانطلاق باحث اقتصادي يقترح إعداد خطط لتخفيض تكاليف حوامل الطاقة  حلب تضع خارطة طريق لتطوير البيئة الاستثمارية وتعزيز التنمية الاقتصادية اختتام امتحانات الثانوية العامة.. طلاب حلب بين الارتياح والترقّب  الثروة الحراجية في درعا.. جهود متواصلة تعوقها قلّة عدد العمال والآليات دعم الأميركيين لحرب إسرائيل على غزة يتراجع إلى أدنى مستوى