الثورة – عبد الحميد غانم :
حذر خبراء زراعيون من أن ظروف الجفاف والقحط تهدد استدامة قطاع تربية النحل، فيما تُشكل التعاونيات الإنتاجية رافعة أساسية لمواجهة التحديات وتحقيق التنمية المستدامة في هذا القطاع الحيوي.
وبيّن رئيس التعاونية الإنتاجية المتخصصة بتربية النحل وإنتاج العسل في الاتحاد العام للفلاحين المهندس بسام نضر لـ”الثورة”، أن الظروف المناخية القاسية ألحقت أضراراً كبيرة بمربي النحل نتيجة تراجع المراعي الطبيعية، ما أدى إلى انخفاض حاد في إنتاج العسل، وتوقف التصدير الخارجي، وضعف القدرة الشرائية للمستهلكين.
تداعيات كارثية
وأشار نضر إلى أن التنبؤات المناخية العالمية تشير إلى ارتفاع درجات الحرارة ما بين 4 و5 درجات مئوية بحلول عام 2100، محذراً من أن هذا الارتفاع سينعكس سلباً وبشكل كبير على الغطاء النباتي والأشجار في سوريا والمنطقة العربية، مما يضاعف الضغوط على قطاع تربية النحل.
وكشف أن النحالين، في مواجهة هذه التحديات، لجؤوا إلى اعتماد استراتيجيات بديلة لتعويض جزء من خسائرهم، من خلال التوجه نحو إنتاج مواد أخرى من الخلية مثل الغذاء الملكي، وجمع سم النحل، والعكبر (البروبوليس)، وقد أسهم هذا التوجه في ظهور صناعات جديدة واعدة تعتمد على منتجات الخلية في المجالات الغذائية والتجميلية والدوائية، مما فتح آفاقاً اقتصادية جديدة.
وحذر نضر من أن استمرار الظروف المناخية الحالية يشكّل خطراً وجودياً على مهنة تربية النحل في المنطقة، داعياً إلى ضرورة تكثيف الجهود البحثية لاستنباط سلالات نحل محلية مقاومة للتغيرات المناخية، قادرة على التكيف مع الظروف الجديدة وندرة الموارد.
كما شدد على الدور المحوري لتنشيط التعاونيات الإنتاجية وتعزيز آليات التسويق التعاوني، والمشاركة الفاعلة في المعارض المحلية والعربية والدولية لعرض المنتجات وفتح أسواق جديدة.
محرك التنمية المستدامة
وأكد نضر أن التعاونيات الإنتاجية تلعب دوراً أساسياً في تقديم الخدمات اللازمة لمربي النحل، وتسويق منتجاتهم، ودعم سلاسل القيمة بالكامل.
وهذا الدور لا يقتصر على الجانب الاقتصادي فحسب، بل يساهم بشكّل مباشر في تحقيق التنمية المستدامة، من خلال توفير فرص العمل والتدريب الفعّال ونقل المعرفة، وفقاً للخبير نضر.
ولفت إلى أن الاتحاد العام للفلاحين يعمل على إطلاق منصّات إرشادية وتوعوية تُعنى بمربي النحل، مؤكداً استعداد الاتحاد للتعاون مع جميع النحالين وتقديم مختلف أشكال الدعم المطلوب لهم.
وبيّن الخبير الزراعي أن تأثير الجفاف ليس محصوراً في سوريا، بل يمتد ليشمل معظم الدول العربية، حيث كشف عن أرقام صادمة تشير إلى تراجع أعداد النحل بنسبة 80 بالمئة في المغرب، بينما شهد إنتاج العسل انخفاضاً ملحوظاً في تونس.
ونوه نضر بالدور الاقتصادي والاجتماعي الكبير للتعاونيات على المستوى العالمي، مبيناً أنها توفر حوالي 100 مليون فرصة عمل حول العالم، ويبلغ عدد أعضائها نحو مليار شخص، وتحقق مبيعات سنوية تتجاوز 1.1 تريليون دولار أميركي.
الأمن الغذائي
وشدد نضر على الحاجة الملحة لتعزيز دور التعاونيات الإنتاجية وتبني الأساليب الحديثة في تربية النحل، لضمان استدامة هذه المهنة الحيوية التي تُعد ركناً أساسياً في منظومة الأمن الغذائي الوطني.
وأخيراً: أوضح الخبير نضر أن النحل يساعد في الحفاظ على التنوع البيولوجي والنظم الإيكولوجية النابضة بالحياة، ويعمل النحل والفراشات والطيور والخفافيش وغيرها من الملقحات على تسهيل وتحسين إنتاج الغذاء، والمساهمة بشكل مباشر في تحقيق الأمن الغذائي والتغذية من خلال حمل حبوب اللقاح من زهرة إلى أخرى.”
مبيناً أن تطوير قطاع تربية النحل وتعزيز صمود النحالين في وجه التغيرات المناخية، يبقى من خلال التعاونيات والبحوث العلمية، عاملاً حاسماً في الحفاظ على هذه الحلقة الأساسية من سلسلة الغذاء والتنوّع الحيوي.