الثورة – سمير المصري:
توسعت مؤخراً ظاهرة التنقيب العشوائي عن الآثار في محافظة درعا، حتى باتت تهدد آثار المحافظة، إذ تعرّضت مواقع أثرية عديدة خلال العام الجاري لتعديات واسعة، شملت تلالاً وبلدات قديمة، تمتد من شمال المحافظة إلى جنوبها، حيث تشير الكثير من الدراسات التاريخية إلى أن محافظة درعا تحتوي على العديد من المواقع الأثرية التي تعود إلى عصور قديمة مختلفة، رومانية وبيزنطية وإسلامية.
وذكر مدير آثار درعا الدكتور محمد خير نصرالله أن التنقيب العشوائي يدمر وينهب ما تبقى من الآثار في المحافظة، ويجري في مواقع تكون معروفة من قبل المواطنين بأنها تحتوي على آثار قديمة رومانية وتركية وغيرها من الآثار الأخرى.
ولفت إلى أنه منذ سقوط النظام المخلوع، تزايدت عمليات التنقيب العشوائي وغير المشروع، ما يشكل خطراً حقيقياً وطمساً للمعالم والنسيج الأثري بالمحافظة، ولاسيما في بعض المناطق المشهورة بآثارها القديمة، مثل بصرى الشام وتل شهاب ودرعا البلد، وكذلك المناطق على طول مسار الخط الحديدي الحجازي.

أجهزة تنقيب حديثة
وأوضح نصرالله أن المنفذين يستخدمون أجهزة تنقيب إلكترونية متطورة، وأخرى قديمة للاستدلال على المواقع المحتملة للآثار والكنوز المدفونة، حيث أصبحت أعمال التنقيب مشهداً مألوفاً في ظل غياب الإجراءات الرادعة، بالإضافة إلى استخدام المعدات الثقيلة من “بواكر”وتركسات وجرافات في عمليات التنقيب والحفر، ما يؤدي إلى تغيير المعالم الأثرية للكثير من المواقع.
وبيّن نصرالله أن المديرية العامة للآثار والمتاحف أصدرت قرارات وتحذيرات عدة، مشددة على أن الحفر والتنقيب العشوائي يدمر المواقع الأثرية ويفقدها معالمها التاريخية، وكذلك يسهم في تلف اللقى الأثرية بسبب غياب الأساليب العلمية المتخصصة، مشيراً إلى أن الجهود أثمرت عن وقف بعض التعديات وإحالة الفاعلين إلى القضاء المختص، وتم تنظيم الضبوط اللازمة لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم.

مواقع متضررة
بدوره، بيّن رئيس شعبة المباني في دائرة آثار درعا أحمد الحريري، أن أكثر التعديات التي حصلت منذ بداية العام الحالي، كانت في منطقة غرز شرقي مدينة درعا وتل الحارة وداعل ومواقع أخرى، بالإضافة لتعديات على البلدات القديمة في معظم مدن ومناطق وبلدات المحافظة.
ونوه بأنه تم، بالتعاون مع الجهات المعنية في المحافظة وقيادة الأمن الداخلي، إيقاف العديد من التعديات وأعمال الحفر والتنقيب في البلدات القديمة في إزرع ودرعا البلد ونوى وإبطع وتل السمن، وتم تحديد المخالفين وتنظيم الضبوط اللازمة بحقهم وإحالتها لإدارة قضايا الدولة واتخاذ الإجراءات القانونية بحق الفاعلين.
صعوبات ومعوقات
ولفت الحريري إلى أنه لمكافحة ظاهرة الحفر والتنقيب العشوائي على المعالم الأثرية في المحافظة، لابد من تفعيل دور عمل الحراس الجوالين، وزيادة عددهم وتأمين سيارات للخدمة للقيام بالجولات وأعمال المراقبة للمواقع الأثرية، وضرورة تأمين عمليات المؤازرة لهم للقيام بواجبهم على أكمل وجه.
وأكد أن الجهود ستتواصل للحد من التنقيب غير المشروع حفاظاً على الإرث الثقافي والحضاري الذي تمثّله تلك المواقع، بوصفها شواهد حية على تاريخ المنطقة وإرثاً للأجيال القادمة.
ضحايا
يذكر أنه نتيجة هذا التنقيب والحفر العشوائي على الآثار بمحافظة درعا كان هناك العديد من الضحايا والإصابات من جراء انهيارات التربة وعمق الحفر التي تصل لأكثر من 30 متراً، ليصل عددهم إلى أكثر من 10 ضحايا، بالإضافة لإصابات عدة في بلدات غباغب وجباب والمزيريب وغيرها من جراء انهيار الحفر فوق رؤوسهم، في ظل غياب إجراءات شديدة للحد من هذه الظاهرة التي أصبحت هوساً ومرضاً للكثير من المواطنين للثراء والهروب من البطالة.
وأخيراً يذكر أن أكثر من 80 بالمئة من المعالم الأثرية والآثار في محافظة درعا تعرضت للدمار والتخريب، بسبب قصفها من قبل النظام البائد، إضافة لاستخدام معدات الحفر الثقيلة في أعمال التنقيب من قبل المواطنين.