الثورة – ناديا سعود
مع تسارع الحديث عن مرحلة إعادة الإعمار في سوريا، يبرز دور القانون كعامل أساسي في استعادة الثقة وبناء بيئة استثمارية مستقرة.
فالاستثمار، كما يؤكد الخبراء، لا يمكن أن ينمو من دون منظومة قانونية واضحة تضمن الحقوق وتوفّر الأمان التشريعي للمستثمرين.
خلال السنوات الأخيرة، شهدت سوريا سلسلة من الإصلاحات القانونية في مجال الاستثمار، كان أبرزها قانون الاستثمار لعام 2021 وتعديلاته عام 2025، التي هدفت إلى تشجيع رؤوس الأموال المحلية والعربية عبر تسهيلات ضريبية وجمركية وإدخال نظام التحكيم التجاري لتسريع حل النزاعات ،ومع ذلك، تبقى التحديات في التطبيق والوعي بهذه القوانين.

المحامية مروة الحمصي المؤسسة للشركة الأولى للمحاماة والاستشارات القانونية والمتخصصة في شؤون الاستثمار، ترى أن المشكلة لا تكمن في النصوص القانونية، بل في ضعف الإرشاد القانوني للمستثمرين.
فالكثير منهم- كما تقول- يجهلون شروط الترخيص المطلوبة للحصول على الإعفاءات أو ضمانات التحويل المالي، مما يؤدي إلى ارتباك وتأجيل مشاريعهم.
وتشير إلى أن الوعي القانوني يمكن أن يكون عامل جذب بحدّ ذاته، لأنه يمنح المستثمر وضوحاً في الخطوات والإجراءات.
الحمصي تؤكد أن ثقة المستثمر تُبنى على استقرار التشريعات لا على التسهيلات المؤقتة، فالتغييرات المفاجئة في الأنظمة تعرقل الخطط طويلة الأمد وتُضعف الثقة بالبيئة الاقتصادية.
لذلك، فإن بناء مناخ قانوني واضح ومستقر يعدّ شرطاً أساسياً لأي عملية تنموية حقيقية.
تجارب المعارض الاقتصادية الأخيرة، مثل معرض إعمار سوريا 2025، كشفت عن اهتمام عربي متزايد بالسوق السورية، لكنه لايزال مشوباً بالحذر نتيجة غياب المعلومات القانونية الدقيقة.
وهذا ما يعكس حاجة المرحلة المقبلة إلى شراكة أوثق بين القطاعين القانوني والاقتصادي لضمان تطبيق القوانين على أرض الواقع لا الاكتفاء بإصدارها.
وتبرز أيضاً أهمية تأهيل الكوادر القانونية القادرة على فهم القوانين الاستثمارية والتعامل مع العقود والتحكيم التجاري، باعتبار أن الاستثمار البشري يشكّل قاعدة للاستثمار المالي.
في النهاية، يؤكد المتابعون أن إعادة الإعمار تبدأ من العدالة، فالقانون ليس مجرد إطار تنظيمي، بل أداة لترسيخ الثقة بين الدولة والمستثمر والمجتمع.
وحين يتحقق هذا التوازن، يصبح الاستثمار خطوة طبيعية في مسار التنمية، لا مغامرة محفوفة بالمخاطر.
