دمشق – الثورة:
تعيش العاصمة دمشق مرحلة جديدة في مسار التنمية المحلية عنوانها الأبرز الشراكة بين المواطن والمؤسسة.
مديرية التنمية المحلية في محافظة دمشق تلتقي بشكل شبه يومي مرشحي لجان التنمية في الأحياء في خطوة تعكس إرادة واضحة لتحويل مفهوم التنمية من مشروع إداري إلى ثقافة مجتمعية حية تنبع من احتياجات الناس وتطلعاتهم.

الاحتياجات والمبادرات
الاجتماعات التي تعقد حالياً في مديرية التنمية المحلية بالمحافظة حسب مصدر في مديرية المجالس المحلية ليست تقليدية، إذ تشهد استعراضاً مستفيضاً لأهداف التنمية المستدامة في دمشق مع فتح باب الحوار أمام المرشحين لطرح احتياجات أحيائهم من خدمات وصيانة ومشاريع بيئية وتنظيمية.
ولفت إلى أن المشاركين في هذه الاجتماعات قدموا جملة من الأفكار التي يمكن أن تتحول إلى مبادرات شراكة بين المجتمع المحلي والمديرية، تشمل تحسين المشهد العمراني و تعزيز النظافة العامة وإطلاق حملات توعية حول الاقتصاد المنزلي والطاقة البديلة.
ويصف المصدر في تصريحه لـ”الثورة” هذا التحول بأنه ليس مجرد تغيير شكلي، بل إعادة تعريف لدور المواطن ليصبح شريكاً فاعلاً في بناء بيئته الاجتماعية والخدمية من خلال مبادرات تبدأ من القاعدة وتنتهي بصياغة سياسات واقعية تعكس صوت الشارع.
أحياء تتحدث لغتها الخاصة
لكل حي في دمشق لغته الخاصة وهمومه اليومية المختلفة حسب تعبير الخبير السواح من انقطاعات المياه في أحياء الجنوب إلى مشكلات النقل في الأحياء الشرقية، مروراً بالحاجة إلى فضاءات عامة في المناطق المكتظة، مضيفاً: لذلك تسعى المديرية إلى اعتماد آلية تنمية مرنة تراعي خصوصية كل منطقة، وتستند إلى قاعدة بيانات ميدانية تبنى بالتعاون مع اللجان المحلية ما يمنح العمل طابعاً أكثر واقعية واستدامة.
من التخطيط المركزي إلى المشاركة
على مدى عقود ظل مفهوم التنمية في المدن السورية ومنها دمشق حبيس الخطط المركزية والقرارات الإدارية، يستدرك الخبير في شؤون التخطيط الحضري معتز السواح: لكن المرحلة الراهنة تفتح الباب أمام نموذج جديد يقوم على إشراك الأهالي في صياغة أولوياتهم ومقترحاتهم عبر لجان تنمية محلية تمثل الأحياء وتعمل كجسر تواصل مباشر مع الجهات المعنية.
التنمية تبدأ من الحارة
ويرى أن هذه المقاربة الجديدة ستؤدي إلى نتائج ملموسة خلال الفترة المقبلة شريطة أن تترافق مع دعم إداري وتمويلي واضح يتيح تحويل المقترحات إلى مشاريع فعلية على الأرض، مؤكداً أن دمشق تملك طاقات بشرية كبيرة في أحيائها يمكن أن تشكل نواة لنهضة محلية شاملة إذا تم استثمارها بطريقة علمية ومنظمة، وما يجري اليوم في محافظة دمشق يمكن وصفه بأنه بداية لتحول نوعي في الفكر التنموي قوامه تمكين المجتمعات المحلية من لعب دورها الكامل في تحسين محيطها.
ومن وجهة نظره يرى السواح أن التنمية كما تقول التجربة الجديدة لا تبدأ من المكاتب بل من الأزقة والحارات ومن صوت المواطن الذي يعرف تفاصيل بيئته ويشارك في رسم مستقبلها.