الثورة – فؤاد الوادي
ساعات قليلة، تفصل الهجمات التي شنتها قوات ” قسد” على إحدى نقاط الجيش في ريف منبج، عن الهجمات التي شنتها المجموعات الخارجة عن القانون في السويداء على قوات الامن العام في ريف المحافظة، فهل هذا الأمر مجرد صدفة؟، أم أن ما وراء الأكمة ما وراءها!.
في الحقيقة، إن ممارسات وتصرفات وسياسات الطرفين خلال المرحلة الماضية، والتي كانت تحكمها عناوين واستراتيجيات بعيدة كل البعد عن مصلحة الدولة العليا، تلغي فرضية الصدفة بأي حال من الأحوال.
فالمجموعات الخارجة عن القانون في السويداء، لا تزال تصر على “خطف” المحافظة من حضن الدولة، ولا تزال ترفض كل النداءات والوساطات، سواء تلك التي كانت من قبل الدولة، أو تلك التي كانت عبر أطراف خارجية، ولا تزال تتمترس خلف أوهام وطموحات سيريالية، يستحيل أن تتحقق تحت أي ظرف على أرض الواقع.
كما أن تلك المجموعات التي يتحكم بقرارها ومصيرها حكمت الهجري، باتت تتحكم بمصير محافظة يرفض أبناؤها ربط مصيرهم وتحييدهم واختصارهم برجل واحد، باتت تثار حوله الكثير من الإشكاليات الوجودية، كرمز ديني، يمثل أهلنا هناك، بعد أن فقد الثقة الوطنية والإجماع الشعبي.
لقد قتلت تلك المجموعات المئات من السوريين، وكانت السبب بمقتل مئات آخرين، وهي اليوم باتت تتسبب بمعاناة مئات الآلاف من أبناء المحافظة لأنها تمنع وصول المساعدات الإنسانية إليهم، وترفض كل الحلول والمبادرات والاتفاقات، لذلك تجد نفسها عاجزة عن تحقيق أي شيء على الأرض أمام الرفض الشعبي والوطني، سوى الانصياع لأوامر وأجندات خارجية في إثارة الفوضى والنزاعات، والعودة بالأمور الى المربع الأول، وهذا يندرج تحت سياسة الهروب إلى الأمام، التي تُشرعُ معها كل الاحتمالات على موجة جديدة من العنف والاقتتال التي تحضر لها تلك المجموعات، في سياق العودة إلى تجريب سياسة الضغط على الدولة لتحقيق مكاسب خارجية تستهدف وحدة وسيادة سوريا، وبطبيعة الأحوال، فإنه لابد من التذكير هنا بأن سياسة الضغط على الدولة لم ولن تؤتي ثمارها مهما حاولت وجهدت تلك الاطراف.
ما قلناه آنفا عن المجموعات الخارجة عن القانون في السويداء، ينطبق تماما على ما تسمى بقوات سوريا الديمقراطية ( قسد )، والتي لا تزال تصر على وضع قدم هنا وقدم هناك، برغم الاتفاق مع الدولة على الخطوط العريضة لاندماجها الكامل ضمن مؤسسات الدولة، لكن ترددها المتواتر أدخلها في خانة من الشبهة والشك، والارتهان لأجندات ومشاريع وأطراف خارجية، وهذا ليس نتيجة لما يسمى ” نظريات المؤامرة” الجاهزة والمعلبة، بل نتيجة لتجربة طويلة لا تزال قائمة، ولواقع ثابت لم يتغير حتى الآن برغم التصريحات الكثيرة لـ”قسد”.
انطلاقا من ذلك، فإنه لابد للصدفة أن تغيب عن هجمات الطرفين، سواء لجهة التوقيت، أم لجهة الأهداف والغايات، لا سيما وأن إبقاء الدولة السورية في حالة ضعف ووهن، بغية نشر الفوضى والنزاعات، وصولا نحو الأهداف الكبرى في تقسيم وتقطيع اوصال الوطن، هي أهداف باتت معلنة وواضحة للبعض.
وكانت المجموعات الخارجة عن القانون قد خرقت اتفاق وقف النار في السويداء وهاجمت قوات الأمن الداخلي وقصفت عدة قرى في ريف المحافظة، وهو الأمر الذي أدى إلى استشهاد وإصابة عناصر من الأمن الداخلي .
وتأتي هذا الهجمات بالتزامن مع سعي الحكومة لإعادة الاستقرار والهدوء لمحافظة السويداء تمهيدا لعودة الخدمات ومظاهر الحياة فيها.
وصباح أمس دخلت إلى السويداء عن طريق بصرى الشام في ريف درعا، قافلة مساعدات إنسانية جديدة تضم 10 شاحنات تحتوي مواد غذائية وطحيناً.
وجرت عملية إرسال القافلة الإنسانية تحت إشراف الهلال الأحمر العربي السوري، وبدعم من الحكومة السورية لإيصال تلك المساعدات إلى مستحقيها في المحافظة.
ويأتي إدخال القافلة ضمن جهود الحكومة السورية لتلبية الاحتياجات الأساسية للمحافظة، وهو ما ينفي مزاعم المجموعات الخارجة عن القانون بحصار محافظة السويداء من قبل الحكومة السورية.
واليوم وصلت إلى بصرى الشام قافلة تضم 386 شخصاً، معظمهم من النساء والأطفال، تم إجلاؤهم من محافظة السويداء بإشراف الهلال الأحمر العربي السوري .
وتأتي الهجمات التي شنتها هذه المجموعات على الرغم من اتفاق وقف إطلاق النار القائم منذ أسبوعين.
وتشهد السويداء وقفا لإطلاق النار منذ مساء 19 يوليو/تموز الماضي، وذلك عقب اشتباكات دامية دامت أسبوعا وخلفت مئات القتلى.
أما في الشمال، فقد قالت وزارة الدفاع أمس، إن هجوما نفذته قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في ريف مدينة منبج بمحافظة حلب في شمال البلاد أدى إلى إصابة 4 من أفراد الجيش و3 مدنيين.و وصفت الوزارة الهجوم بأنه “غير مسؤول” وأسبابه “مجهولة”.
وتمكنت قوات الجيش من صد عملية التسلل التي قامت بها قوات “قسد” على إحدى نقاط انتشار الجيش بريف منبج قرب قرية الكيارية.
وفي 10 آذار الماضي، وقّع السيد الرئيس أحمد الشرع، وقائد قوات “قسد” اتفاقا لدمج المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرقي سوريا ضمن إدارة الدولة، بما فيها المعابر الحدودية والمطار وحقول النفط والغاز، وتأكيد وحدة أراضي سوريا، ورفض التقسيم.