الثورة – جهاد اصطيف:
زار السفير الفرنسي في سوريا جان باتيست فافر قلعة حلب، أحد أبرز المعالم التاريخية في العالم، برفقة وفد دولي، ضم ممثلين عن منظمة اليونيسكو، ومؤسسة الآغا خان، ومنظمة “ألف” المعنية بحماية التراث، وجاءت هذه الزيارة في إطار الاطلاع على واقع القلعة الأثري، ومتابعة خطط الترميم الجارية، وإعادة التأكيد على الالتزام الدولي بصون التراث السوري الذي تعرض خلال السنوات الماضية لتهديدات جسيمة، في خطوة تحمل دلالات ثقافية وسياسية عميقة.
استقبل الوفدَ نائبُ محافظ حلب فواز هلال، إلى جانب المدير العام للآثار والمتاحف في وزارة الثقافة، ومدير آثار حلب، وجرى عرض المشاريع المستقبلية لإعادة تأهيل القلعة والمواقع التاريخية الأخرى التي تضررت بفعل الحرب، وتمت مناقشة أولوية العمل على الترميم وفق معايير علمية دقيقة، تضمن الحفاظ على أصالة المكان وروحه المعمارية الفريدة.
وأكد السفير الفرنسي خلال لقائه أن زيارته تعبر عن التزام بلاده والمجتمع الدولي بدعم الجهود المبذولة لحماية التراث الثقافي السوري وصونه، مشيراً إلى أن قلعة حلب ليست مجرد مبنى حجري شامخ، بل رمز حضاري وإنساني يجسد ذاكرة الشعوب وعبق التاريخ.
تعد قلعة حلب من أهم القلاع في الشرق الأوسط والعالم، إذ يعود تاريخها إلى آلاف السنين، شيدت على تل طبيعي وسط المدينة القديمة، وقد استخدمت عبر العصور كحصن عسكري ومركز إداري وملاذ للأهالي في أوقات الحصار، وشهدت القلعة مرور حضارات متعاقبة من الحثيين والآراميين إلى اليونان والرومان، وصولاً إلى العصور الإسلامية التي منحتها طابعها المعماري المميز.
وتتميز القلعة بجدرانها المنيعة وأبراجها الضخمة وبوابتها الشهيرة المزخرفة، فضلاً عن احتضانها لمسجد تاريخي وقصور ومخازن ومرافق دفاعية، ولهذا السبب، سجلت القلعة عام 1986 على قائمة التراث العالمي لليونسكو، باعتبارها جزءاً من مدينة حلب القديمة.
إن التزام المجتمع الدولي بحماية التراث السوري، يمنح الأمل أن هذا الإرث العريق سيبقى حياً للأجيال المقبلة، وأن حلب، مدينة الحضارات والأسواق العتيقة والموسيقا والعمارة، ستستعيد مكانتها كعاصمة ثقافية وإنسانية للمنطقة.