أثر التغيرات المناخية على الموارد الطبيعية والبشرية بورشة في “الإدارة المحلية”.. مخلوف : لم يعد الحديث عن تغيرات مناخية متوقعة أو محتملة.. نحن نعيشها
الثورة – لينا شلهوب:
تعد المشكلات البيئية من المشكلات التي لها خاصية عالمية، ذلك لأن الظواهر البيئية مثل الاحتباس الحراري وتغير المناخ والملوثات … لا تعرف حدوداً سياسية أو إقليمية، حيث تعتبر التغيرات المناخية واحدة من أخطر وأكبر التحديات البيئية التي يواجهها العالم، وانطلاقاً من ذلك عقدت وزارة الإدارة المحلية والبيئة اليوم ورشة حول “مستجدات التغييرات المناخية والعواصف الغبارية وأثرها على الموارد الطبيعية والبشرية في سورية” والتي تعد مسودة البرنامج العلمي اﻷولى حول هذا الشأن، وتقام بالتعاون بين الوزارة، والهيئة العليا للبحث العلمي، والهيئة العامة للاستثمار عن بعد، والمديرية العامة للأرصاد الجوية، بحضور وزير التعليم العالي والبحث العلمي المهندس بسام ابراهيم، ووزير الزراعة المهندس محمد حسان قطنا، وسفير إيران في دمشق، ومنظمات دولية.
حيث أكد مدير عام الهيئة العليا للبحث العلمي الدكتور مجد الجمالي أن منعكسات هذه الظاهرة يترتب عليها انعكاسات سلبية على التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وتعرقل مسيرة التنمية المستدامة التي تشهدها معظم البلدان، وبناءً على ذلك سوف يكون هناك زيادة في التصحر وتدهور الأراضي ونقص في موارد المياه، وانخفاض في المحاصيل الزراعية التي تعتمد على مياه الأمطار، الأمر الذي بات يهدد الأمن الغذائي في البلدان المتأثرة، وانطلاقاً من مهام الهيئة العليا للبحث العلمي يتم العمل على تشكيل تحالف وطني يخص جميع الجهات المستفيدة من موضوع التنمية، ولملمة مختلف الجهود المبعثرة لتصبح عملاً مساعداً ومؤثراً، مع رصد الواقع البيئي الحالي والتنبؤ بالقادم، من خلال جمع البيانات البيئية التي تتم بشكل يومي، وهذا الأمر يمكن أن يستفيد منه الطلاب الجامعيين المهتمين ومساهمتهم بتوليد بيانات جديدة وتحليلها واستقراءها.
من جهته أشار مدير عام الهيئة العامة للإستشعار عن بعد الدكتور عبد المجيد الكفري، إلى أن الظواهر البيئية تهدد الأراضي الزراعية وتشكل تحدياً كبيراً، إذ لا يمكن التحكم بها ولا التخفيف من شدتها بشكل آمن، ولا يمكن تغيير مسارها، وبالتالي تشكل خطراً يتعاظم مع حجم وسرعة العاصفة، وتعود أسباب حدوث العوامل المناخية إلى النشاط البشري وطبيعة التربة الهشة والمفككة وتناقص الغطاء النباتي والرياح والاحتباس الحراري، لذلك كان لابد من مكافحة أسباب هذه الظاهرة عبر مكافحة التصحر والتقليل من آثار الجفاف، والتوسع بمشاريع الأحزمة الخضراء، ناهيك عن استخدام الصور الفضائية في رصد ومراقبة العواصف وتحديد زحف الرمال والبؤر الساخنة لهبوب العواصف، وبناء القدرات حول سبل التصدي للآثار الناجمة عن هذه العواصف، لأن كل ذلك محرك رئيسي للكوارث الطبيعية.
وأوضح أن المشروعين الذين ينفذان وهما التغيرات المناخية، والعواصف الترابية ومنعكساتها على الموارد الطبيعية والبشرية، يهدفان إلى جمع ومعالجة وتحليل البيانات المناخية المتوفرة وتفسير دور كل من التغيرات المناخية والظروف الطبيعية الإقليمية والمحلية، وتحديد السمات الحالية والمستقبلية للمناخ، والتغيرات المناخية المقبلة في سورية، وتعميق فهم دور ظاهرة المناخ والجفاف في زيادة تكرارية العواصف الغبارية والرملية، بهدف يدعم صناعة القرار ضمن المؤسسات الحكومية فيما يخص اتخاذ اجراءات التكيف المناسبة، والحد من الآثار السلبية، لذلك آلات الوزارات الأربع المهتمة بالمناخ وتغييراته ممثلة بوزارة الإدارة المحلية والبيئة ووزارة الدفاع – المديرية العامة للأرصاد الجوية، ووزارة التعليم العالي ممثلة بالهيئة العليا للبحث العلمي ووزارة الاتصالات والتقانة ممثلة بالهيئة العامة للاستشعار عن بعد، إلى جمع إمكانياتها معاً والعمل كفريق وطني موحد لدراسة التغيرات المناخية وتوقع آثارها، ودراسة العواصف الغبارية للوصول إلى منتجات علمية يتم على أساسها اتخاذ الإجراءات المناسبة للتكيف مع هذه الظواهر والتقليل من حدتها، كما تسعى هذه الجهات ليكون لها شريك أساسي هو الأكثر استفادة وهو وزارة الزراعة، لأن التغيرات المناخية تؤثر بشكل كبير على الموارد المائية وبالتالي على الإنتاج الزراعي.
بدوره لفت المهندس محمود عباس مدير عام المديرية العامة للأرصاد الجوية، إلى أن التغير المناخي حقيقة لا يمكن إنكارها، ولتغيير المناخ آثاره على النظم البشرية والطبيعية، مع ملاحظة نقاط الضعف وحدود القدرة على التكيف مع التغيرات المناخية، كما لابد من النظر في الخيارات المتاحة لخلق مستقبل مستدام من خلال نهج عادل ومتكامل لجهود التخفيف والتكيف على جميع المستويات، إذ إن التغيرات المناخية تعد واحدة من الظواهر الرئيسية التي تؤثر على البيئة بشكل كبير، حيث يمكن أن تتسبب في تغير أنماط هطول المطر، وفي حالات الجفاف، وخلق أزمات عديدة مختلفة، لما لهذه الأضرار من مستجدات، لذا علينا واجب وطني ملقى على عاتقنا جميعاً للحد من هذه الظواهر، ووضع الجهات المختصة صاحبة القرار بصورة الواقع الحالي للعمل على ايجاد حلول، وبذل الجهود بالشراكة مع كل الجهات في مجال التنبؤات المناخية، والإستفادة مم تم انجازه من دراسات وتحليلات سابقة، مبيناً أن الأرصاد الجوية تعمل جاهدة للعمل مع البحوث العلمية المتقدمة والدراسات الحديثة في مجال التنبؤات للطقس والمناخ من خلال استخدام النماذج الرياضية المعتمدة والمعمول بها في المركز العالمية.
وزير الإدارة المحلية والبيئة المهندس حسين مخلوف لفت إلى أنه تم التوقيع على مذكرات تفاهم على مشروعين، الأول أثر التغيرات المناخية على الموارد الطبيعية والبشرية ومدته /5/ سنوات، ومشروع مراقبة العواصف الغبارية ومدته /3 / سنوات، حيث تشكلت مجموعة للعمل والإشراف على هذين المشروعين منذ شهر آذار من عام 2020
موضحاً أنه في هذه المحطة من الورشة نعمل على قراءة ماذا قدمنا، وما أنجزت الفرق البحثية والعلمية للجهات الشريكة، للانتقال إلى المرحلة التالية، منوهاً بأنه منذ عقود طويلة الباحثون العلماء يرفعون الصوت تنبيهاً لأثر التغيرات المناخية على مستقبل البشرية، إلا أن العالم أجمع كان مشغولاً بالصراعات ومشاريع التنمية والمشاريع الاقتصادية والإنتاجية، ويكاد لا يعير انتباهاً لهذا الموضوع، اليوم لم يعد الحديث عن تغيرات مناخية متوقعة أو محتملة نحن نعيشها ونعيش ارتفاعاً غير مسبوق بدرجات الحرارة، وحدوث ظواهر مناخية متطرفة لجهة انحباس الهطول المطري او الأمطار، أو تشكل فيضانات تسبب الأضرار والسيول وانجراف التربة، كما نشهد العواصف الغبارية، مؤكداً أن معالجة هذا الموضوع يكون عبر تضافر الجهود الوطنية جميعها وكل حسب اختصاصه، مشيراً إلى وجود برنامج غني تعمل عليه وزارة الزراعة بتضافر جهود جميع الجهات، لجهة اتخاذ اجراءات لمنع حدوث هذه الظواهر قدر الإمكان أو التكيف معها.
علاوة على ذلك فإن الوزارة تعمل بكل طاقاتها لإنجاح هذه الجهود، وتكريس البيانات لإحصائية التي تسجل في هذا المجال للاستفادة منها من خلال تأهيل وتدريب الكوادر على قراءة هذه الظواهر، وتحميل الصور الفضائية وقراءتها وفق أحدث البرامج والتطبيقات على النمذجة وصولاً إلى القدرة على التنبؤ في سلوك هذه الظواهر وصولاً إلى وضع التوصيات أمام متخذ القرار لتحاشي الآثار السلبية أوللتأقلم معها بأقل أضرار ممكنة، لافتاً إلى الإجراءات المتخذة من قبل الوزارة بالتنسيق مع الجهات المعنية للتخفيف من الآثار السلبية للتغيرات المناخية التي تستدعي تحركاً سريعاً وتضافراً للجهود محلياً وإقليمياً وعالمياً، معرجاً على أن خطورة التغيرات المناخية تكمن في الآثار المدمرة التي تنتج عنها، والتي بدأ العالم يعاني منها واقعياً ولن تكون أي دولة بمنأى عن آثارها التي ستؤدي إلى التدهور البيئي وظهور التأثيرات المحتملة لهذه الظاهرة.
وتناولت الورشة عرض عدة أبحاث في مراقبة العواصف الغبارية والرملية باستخدام الصور الفضائية، مع مراقبة المعلقات الجوية الغبارية في الغلاف الجوي، بالإضافة إلى استعراض حالة الجفاف، ومراقبة تغييرات المسطحات المائية شهرياً وسنوياً، مع العمل على تحليل مؤشرات حالة المناخ في محطات مختارة بالتنسيق مع المديرية العامة للأرصاد الجوية.
وتم تسليط الضوء على محور مهم يتعلق بالمرصد البيئي من حيث بنيته واستعراض البيانات البيئية والمناخية، كونه الحاضن لكل الدراسات وهو بنك معلومات مركزي.