الثورة _ فؤاد مسعد:
كثيراً ما كان للأدب موقفه الواضح والمسؤول تجاه القضايا الحاسمة والمفصلية في الأمة العربية ، انطلاقاً مما امتلكه المبدع العربي على مر الأيام من حس وطني وقومي دفعه للوقوف إلى جانب أبناء وطنه الكبير في الكثير من المحن عبر نتاجه الإبداعي ، هذه الحالة الراسخة تعيش استمراريتها وتعكس في أحد أوجهها الدور الذي يتطلع إليه كل مبدع وأديب وشاعر ومفكر لأن يكون فاعلاً في صون تراب الوطن واستنهاض الهمم ، وعديدة هي القصائد التي حُفرت في القلب والوجدان ، وبقيت في الذاكرة يرددها الجميع في المناسبات المختلفة ، وقدمت في مجملها معاني خالدة مُتجددة تسمو بالإنسان وتمجد التضحيات التي قُدمت من أجل الوطن متغنية بالأمجاد والانتصارات والنضال والصمود مكرسة فعل المقاومة منهجاً وأسلوب حياة ، حتى أن هذه القصائد في وقت من الأوقات كانت أشبه بالسلاح ، هي سلاح الكلمة الأمضى الذي يشحذ الهمم ويستنهضها ، ولكن اليوم في ظل التحولات والتحديات التي تعصف بالمنطقة كيف يتجلى الدور المقاوم للشعر وللشعراء وكيف نتلمس حضوره ؟.. سؤال أجاب عنه عدد من الشعراء المشاركين في اجتماع مجلس الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب الذي تُعقد فعالياته في مكتبة الأسد .
يُعتبر حضور شعراء وأدباء من مختلف الدول العربية إلى سورية في هذا الوقت بالذات وسط كل التحديات أمر يحمل بحد ذاته فعل مقاومة ودعم لها ، ضمن هذا الإطار يقول الشاعر المصري مصطفى مقلد : الأهم من التجمع هو الإصرار على التجمع فقد كان قرار اتحاد الكتاب العرب أنه لا بد من التمسك بعقد هذه الفاعلية الكبرى في سورية ، فالثقافة تأتي إلى مهد الثقافة ، وبذلك يوجه مبدعو الوطن العربي والمثقفون الحقيقيون رسالة ضد التطبيع مع العدو الصهيوني بأي شكل من الأشكال ، فرسالة اتحاد الكتاب العرب من خلال هذا الحضور والأجواء المُكتملة من المحبة هي أن الأدب قاوم ويقاوم وسيقاوم سطوة التطبيع فعدونا معروف هو قديم ودائم ، وأقول هنا أنني أعمل مدرساً في مدرسة تحمل اسم الشهيد (محمد مقلد) الذي قتله الصهاينة ، وحتى اليوم لايزال الشهداء يتوالون ، ولكن عدونا لا يدرك أننا متمسكون بأرضنا ولن نتركها ، إننا في مصر وسورية نزرع الشجر والفلاح الذي يزرع أرضه لن يتركها ومهما طال الزمن هو باقٍ إلى جانب زرعه .
الشاعر العُماني أشرف بن حمد العاصمي أكد أن الشعر أداة من أدوات تعزيز الهوية ، قال : (في ظل التحولات التي يعيشها الشارع العربي لا بد من الرجوع والاعتزاز بمكونات الثقافة العربية والهوية الأصيلة التي تجمع ولا تفرق ، التي تركز على الثابت في الثقافة العربية ومكوناتها وتبتعد عن كل ما من شأنه أن يُذكّي الخلاف ، لأنه في مختلف البلدان العربية رأينا ما يمكن أن يفعله الخلاف بيننا ، ونحن من سلطنة عمان جئنا نحمل رسالة حب وسلام وسيظل هذا التبادل الفكري والثقافي مع مختلف الاتحادات العربية ليثمر التعاون الثقافي إلى زيادة الوعي الذي يشكل رافداً أساسياً من روافد اللحمة وتعميق الانتماء والتركيز على ما يجمعنا).
وضمن هذا الإطار أشار الشاعر الموريتاني القاضي ولد محمد عينين أن الدور المقاوم للكلمة موجود وسيبقى فهناك شعراء ملتزمون بقضاياهم ويدافعون عن آرائهم وشعوبهم وعن مقدرات هذه الشعوب، وإن خفّ في فترة فسيظهر في فترات أخرى.
السابق