الملحق الثقافي- سهيلة إسماعيل:
ثمة علاقة غير متوازنة بين وسائل التواصل الاجتماعي واللغة العربية، فالأولى تسيء للثانية أو لنقل إن مستخدمي تلك الوسائل هم من يسيؤون للغة العربية ضاربين عرض الحائط بقواعدها وأساسياتها، وأكثر من ذلك يساهمون من دون أن يعلموا في هدر قيمتها وتبسيطها باستخدامهم للغة العامية أو إدخال مصطلحات سطحية لم تكن معروفة من قبل.. هذا عدا عن الكتابات والمنشورات المليئة بالأخطاء النحوية والإملائية، وهي تعبر عن ثقافة كاتبيها وأكثر ما يظهر الأمر جلياً لدى مستخدمي الفيسبوك .
وفي هذا المجال يرى الكاتب والأديب نزار بدور أنَّ الإنسان في الوقت الحالي وكنتيجة طبيعية للتطور التقاني المتسارع وجد ضالته في وسائل التواصل الاجتماعي وأصبح لا يستطيع الاستغناء عنها لأنها تحاكي ميوله واتجاهاته وخاصيته السيكولوجية، فشاعت العامية، لكونها لهجات الحكي الحاضر القابل للانسيابية من غير ضوابط قواعدية، بالإضافة إلى تجاوز اللغة الفصيحة فهماً لقواعدها، وجماليات أساليبها، وثراء سماتها، وخصالها، وبالتالي غياب الجانب الوظيفي للغة، أكان في التعبير الوظيفي أو في النحو في ثنائية الجانبين : المثالي للغة بالمعنى التواصلي, والآخر البلاغي / المجازي ما يؤدي إلى إهمال اللغة « اللسان» ومن ثم الإبداع فيها بما تحويه من مضامين، وأساليب ومشاعر تغني الذائقة، وسعة الاستيعاب الأدق .. إن أثر وسائل التواصل الاجتماعي يعمق الفجوة بين واقع اللغة مدرسياً، وأكاديمياً, بما له من تميز في الأداء بالنسبة لكليهما، وواقع استخدامها, بالعامية عبرت تلك الوسائل بآثارها السلبية وواقع حقيقة دور الفصحى في التعامل الرسمي للفرد في حياته, ومعاملاته في المؤسسات الرسمية وتواصله مع اللغة الأم: مفردات، وصيغ، وأساليب ومضامين .. يضاف إلى ذلك الشح التعبيري لدى مستخدم العامية جراء فقر في الحصيلة اللغوية لديه نتيجة غياب الكتاب, والبحث, واعتماد الجهاز المقنن, دون إعمال جهد في علة ومعمول. كما أن صيغ وعبارات نطاقات التحايا لا تخلو من أخطاء إملائية ونحوية، قد يتوهم بعض منا أنها صواب في حيثيات الإملاء, والنحو, فيعتاد ما توهم خطأ.
إن اللغة العربية مسؤوليتنا جميعاً, هي لسان الأمة في أس وجودها, والدراية بها واستخدامها يبعث فينا التمكن لها ولنا في العقل والوجدان مسار حياة, وحضور الإبداع فنستبدل اللغة فصاحة بالتقانة ووسائل التواصل تركاً لبهرجة وسائط, وبالتالي تمسكنا بأناقة حرف يتهادى في واحة أبجدية.
العدد 1106 – 9- 8-2022