خبير اقتصادي لـ”الثورة”: “الذهنية العائلية” و”عدم التكافؤ” تواجه الشركات المساهمة

 

الثورة – رولا عيسى:

مازالت التحديات والعوائق جاثمة أمام التوسع في إنشاء الشركات المساهمة العامة في سوريا، على الرغم من أن التوسع يؤدي إلى اتساع قاعدة المساهمين، لتشمل أعداداً كبيرة من ذوي المدخرات المنخفضة، الذين لا يتمكنون بمفردهم من تأسيس مشاريع اقتصادية.
“الثورة” تفتح ملف تأسيس الشركات المساهمة، وتتناول أهم التحديات والعوائق مع الأستاذ الجامعي والخبير الاقتصادي الدكتور عابد فضلية، ليحدد رؤيته حول العوامل المعيقة لتأسيس الشركات المساهمة (الخاصة والعامة خاصة)، والتحول إلى هذا النوع من الشركات، وفي مقدمتها تمسك بعض العائلات بشركاتهم وعدم رغبتهم في دخول الشركاء.
لا مواقف موحدة
ويتطرق في معرض كلامه إلى صعوبات فنية وتقنية لها علاقة بالورثة وتنوع الإرادات داخل العائلات الاقتصادية المعروفة، وهو ينعكس سلباً لجهة اتخاذ مواقف موحدة وجريئة، إضافة إلى تعوّد الشركات العائلية على الإدارة الذاتية وعدم ميلها لتقاسم القرار مع جهات أخرى، وعدم رغبتها بالخضوع لنظام محاسبة علني وجماعي.
قيود وشروط
ويقول الدكتور فضلية: غالباً ما تفرض صكوك تأسيس الشركات المساهمة الخاصة والشركات العائلية على المساهمين فيها، بعض القيود التي تجعلهم غير قادرين على بيع حصص ملكيتهم، وعلى اعتبار أن أسهم الشركات غير المدرجة لا يتم تسعيرها أو تداولها في البورصة، فإنه يمكن أن تكون هناك قيود على نقل ملكية الأسهم، ويفرضها المساهمون أنفسهم سواء من خلال النظام المحاسبي للشركة أم من خلال اتفاقيات المساهمة، وهذا يؤدي بدوره إلى نقص في السيولة ويعرض المساهمين لمخاطر استثمارية كبيرة نتيجة لذلك، علماً أنه يحسب لهذه الشركات أن الكثير من دول العالم تجاوزت الأزمة المالية العالمية بفضل الشركات العائلية.
فصل الملكية عن الإدارة
وحول فصل الملكية عن الإدارة- والكلام للدكتور فضلية- إن الفصل التام بين الملكية والإدارة غير مرغوب فيه دائماً، فالملاك الأصليون للشركة هم أحرص الناس على نجاحها، واستمرارها، أما أعضاء مجلس الإدارة الآخرون، فيكون هدفهم تحقيق الربح للشركة التي يديرونها، ومن ثم قد يدخلون في أنشطة ذات مخاطر مرتفعة، ربما تكبدهم خسائر قوية، وهو ما حدث أثناء الأزمة العالمية، فقد أشارت دراسات وأبحاث نشرت عقب الأزمة العالمية أن الشركات التي يديرها ملاكها الأصليون لم تتأثر بالأزمة المالية العالمية.
مخاوف
لاشك أن هناك العديد من التحديات التي تواجه الشركات العائلية في ظل التطور الهائل للتكنولوجيا، ويخشى على هذه الشركات من الاندثار.
وهنا يشير الخبير الاقتصادي إلى أنه من هذه التحديات عدم التوافق بين أفراد العائلة الواحدة في بعض الشركات، وخلافات الورثة على الحصص بعد وفاة مؤسس الشركة، وهو الأمر الذي يؤدي إلى حالة من عدم الاستقرار داخل هذه الشركات، سواء للهيكل التنظيمي لها أو لمستقبل العاملين.
مواجهة الشركات متعددة الجنسيات
وبحسب أستاذ الاقتصاد- من أكبر التحديات التي تواجه الشركات العائلية في الفترة الحالية السيطرة الجارفة للشركات متعددة الجنسيات في العالم، فلديها القدرة على الإنتاج بكميات كبيرة وبأسعار متدنية لانخفاض التكلفة، لذا ينبغي على الشركات العائلية أن تسارع في عمل تكتلات وكيانات كبيرة سواء على المستوى الرأسي أم الأفقي، لمواجهة هذه الكيانات العالمية الكبيرة، وكذلك تطور نظم الإدارة واتباع سياسة الحوكمة والإدارة الرشيدة، وبالتالي فإن تحول الشركات العائلية إلى شركات مساهمة يعد أحد الحلول لاستدامتها، على أن تتملك العائلة نسبة حاكمة من أسهم الشركة حتى تحافظ على هويتها، خاصة وأن الشركات العائلية قد يكون مستقبلها محفوفاً بالمخاطر في ظل السيطرة المطلقة للجانب الأبوي في الإدارة.
على الصعيد المحلي تبرز أهمية الشركات المساهمة العامة في سوريا، لجهة خصائصها ودورها الاقتصادي والتمويلي والاجتماعي، وعليه لابد من دعم هذا النوع من الشركات.
عائدات ضريبية
وهنا يؤكد الدكتور فضلية، أنها تسهم في تحسين العائدات الضريبية نظراً لضعف احتمالية تهرب هذه الشركات من تسديد الضرائب، وجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، وخلق الفرصة لإدراج الأسهم في سوق الأوراق المالية، مما يوسع من فرص التمويل والأنشطة الاستثمارية، والحد من التهرب في تسجيل العمال ضمن التأمينات الاجتماعية، الأمر الذي يحد من جهة من التهرب التأميني الذي يبلغ 30 بالمئة في سوريا ويحفظ حقوق العمال من جهة ثانية.
الاستمرارية

ويرى الخبير الاقتصادي أن التحول إلى المساهمة يضمن استمرارية الشركة، وتأمين التمويل شبه المجاني للأنشطة الاقتصادية، وتحريك الطلب الفعال في السوق عندما تقوم الشركات المساهمة بتوزيع الأرباح النقدية على المئات أو الآلاف من حملة الأسهم سنوياً، أو بشكل نصف سنوي، فتذهب معظم هذه المبالغ الموزعة إلى السوق لتحريك الطلب الذي بدوره يزيد من وتيرة تدوير عجلة

الإنتاج، إضافة لإعادة توزيع الدخل القومي بصورة أكثر عدالة.
عدم تكافؤ الفرص
لكن لابد من الإشارة إلى أهم معوقات تأسيس المزيد من الشركات المساهمة العامة- بحسب حديث الدكتور فضلية، أن معظم هذه المعوقات تتمحور في “عدم تكافؤ الفرص” ما بين هذا الشكل من الشركات والأشكال الأخرى للشركات والمؤسسات الاقتصادية، وذلك بسبب ضعف الرقابة الحكومية الضريبية والتأمينية والمؤسسية عليها، مما يخلق وضعاً من عدم العدالة، وبالتالي عدم تكافؤ الفرص، فهناك ارتفاع في النسب الضريبية التي تدفعها الشركات المساهمة وتبلغ 14بالمئة بالمقارنة مع ما تدفعه الشركات غير المساهمة.
العبء التأميني
أيضاً يشير أستاذ الاقتصاد إلى ارتفاع العبء التأميني العالي أساساً، وبالمقارنة مع ما تسدده الشركات غير المساهمة التي لأسباب موضوعية وغير موضوعية تتهرب من تسجيل أو عدم تسجيل العاملين لديها بالتأمينات الاجتماعية.
ثقافات متجذرة
أما بالنسبة للتحول إلى شركة مساهمة فإن معوقاتها تتمثل في تجذر ثقافة الإدارة الفردية والعائلية، الأمر الذي يتطلب حملات توعية مستمرة، وعدم الجهوزية المؤسسية للتحول وعدم الترويج الرسمي الكافي لمزايا التحول، وضعف الثقة، وبالتالي تخوف الشركات الراغبة بذلك من تطبيق الأثر الضريبي والجمركي بأثر رجعي.
304 شركة مساهمة خاصة
في ذات السياق يتطرق الدكتور فضلية إلى الشركات المساهمة الخاصة وأهمية الإشراف عليها من قبل هيئة الأوراق والأسواق المالية، وسوق دمشق للأوراق المالية، وتشكل الشركات المساهمة الخاصة جزءاً مهماً من النشاط الاقتصادي في سوريا، ويبلغ عددها 304 شركات تتوزع في مختلف القطاعات الاقتصادية.
وعليه- بحسب الدكتور فضلية، الإشراف عليها سيكون في إطار مساعدة هذه الشركات على تطبيق نماذج وأشكال معينة من الحوكمة والإفصاح، بما يساعدها على تحسين عملها المؤسسي، وتقوية فرص استمرارية هذه الشركات والبقاء في خضم النشاط الاقتصادي، وتعزيز حضور هذه الشركات في الوسط الاستثماري، وتوفير آلية شفافة وعادلة لتداول أسهمها، وتسهيل دخول وخروج المساهمين لها واكتساب ثقة المصارف.

آخر الأخبار
مخبز بلدة السهوة.. أعطاله متكررة والخبز السياحي يرهق الأهالي عودة الحركة السياحية إلى بصرى الشام خبير اقتصادي لـ"الثورة": "الذهنية العائلية" و"عدم التكافؤ" تواجه الشركات المساهمة اشتباكات حدودية وتهديدات متبادلة بين الهند وباكستان الرئيس الشرع يلتقي وزير الزراعة الشيباني أمام مجلس الأمن: رفع العقوبات يسهم بتحويل سوريا إلى شريك قوي في السلام والازدهار والاقتصاد ... "الصحة العالمية" تدعم القطاع الصحي في طرطوس طرطوس.. نشاط فني توعوي لمركز الميناء الصحي  صناعتنا المهاجرة خسارة كبيرة.. هل تعود الأدمغة والخبرات؟ ترجيحات بزيادة الإمدادات.. وأسعار النفط العالمية تتجه لتسجيل خسارة تركيا: الاتفاق على إنشاء مركز عمليات مشترك مع سوريا "موزاييك الصحي المجتمعي" يقدم خدماته في جبلة تأهيل طريق جاسم - دير العدس "بسمة وطن" يدعم أطفال جلين المصابين بالسرطان اللاذقية: اجتماع لمواجهة قطع الأشجار الحراجية بجبل التركمان درعا.. ضبط 10 مخابز مخالفة تربية طرطوس تبحث التعليمات الخاصة بامتحانات دورة ٢٠٢٥ مُنتَج طبي اقتصادي يبحث عن اعتراف سوريا أمام استثمارات واعدة.. هل تتاح الفرص الحقيقية للمستثمرين؟ دعم أوروبي لخطة ترامب للسلام بين روسيا وأوكرانيا