بعد مضي أحد عشر عاماً على صدور قانون الإدارة المحلية النافذ بالمرسوم 107 لعام 2011 يستغرب الكثير من المواطنين والكثير من أعضاء المجالس المحلية في الدورة المنتهية وما قبلها، عدم تطبيق هذا القانون كما يجب في المحافظات، فالمركزية الشديدة التي كانت الشكوى منها كبيرة في ظل نفاذ القانون السابق باتت الشكوى منها أكبر في ظل نفاذ القانون الحالي لأسباب مختلفة بعضها موضوعي يتعلق بمواد قانونية لم تنفذ وأخرى لم تعدّل، ومعظمها ذاتي يتعلق بأداء نسبة كبيرة من القائمين على المجالس والسلطات المحلية وعلى السلطة المركزية!
وهنا نعود لقول ماسبق وقلناه في هذه الزاوية من أن هناك ثقافة في غاية الخطورة تنتشر بين القائمين على المجالس المحلية والمكاتب التنفيذية في المحافظات مفادها أنهم بحاجة دائماً للقرار المركزي لحماية وتحصين قراراتهم المحلية حتى لو كانت في صلب اختصاصاتهم التي نص عليها القانون، وفي صلب مصلحة مجتمعهم المحلي ومصلحة الوطن،ولو بحثنا عن أسباب انتشار هذه الثقافة لوجدنا أنها تعود لضعف وترهل نسبة كبيرة ممن يصلون إلى المجالس المحلية وفق الآلية المتبعة، وقلة فهمهم للقانون وروحه ولخوفهم من غضب المسؤولين في العاصمة ولتفادي سطوة المتنفذين أو لارتباطهم بعلاقات مصلحية معهم..أو الخ.
وفِي السلطات المركزية هناك من يسعى ويعمل لاستمرار ربط كل أمور المجالس المحلية في المحافظات وقراراتها بهم بغض النظر عن القانون وعن المصلحة العامة لأسباب تتعلق بالنفوذ وتلبية طلبات المتنفذين الذين يلجؤون إليهم بطرق سليمة أو غير سليمة..الخ
هذا الواقع غير المقبول يفترض -ونحن على أبواب انتخابات محلية جديدة -أن يصبح في خبر كان دون تأخير حتى لايستمر تعطّل الكثير من الأمور المحلية تحت حجة ضياعها بين القرار المحلي والمركزي، وتحت حجج أخرى لاداعي للخوض فيها.. والتخلص من هذا الواقع لايتم بالأمنيات والنيات الحسنة إنما يتطلب تعديل القانون لجهة تحديد صلاحيات السلطات المركزية والمحلية بعيداً عن التأويل،ووضع وتطبيق الخطة الوطنية للامركزية الإدارية، كما يتطلب عقد اجتماعات دورية للمجلس الأعلى للإدارة المحلية بمعدل (مرتين في العام وفق نص القانون)واعتماد أسس ومعايير موضوعية في خياراتنا عند إسناد المهام لهذا وذاك، ومن ثم النجاح في تطبيق مشروع الإصلاح الإداري الذي أطلقه السيد رئيس الجمهورية منتصف تموز من عام ٢٠١٧.